خاص

أنس الحجي: أثر كبير لثورة الغاز الأميركية على الاقتصادات الخليجية

أكد لـ الجريدة• أن انخفاض أسعار النفط أدى لعجز الشركات الوطنية عن تمويل عمليات الصيانة

نشر في 24-08-2020
آخر تحديث 24-08-2020 | 00:03
الخبير النفطي د. أنس الحجي
الخبير النفطي د. أنس الحجي
رأى الخبير النفطي د. أنس الحجي، أن ثمة اتفاقاً بين بعض المعنيين بالأسواق النفطية بأن ارتفاعاً كبيراً في المستقبل ستشهده أسعار النفط، لكنهم يختلفون اختلافاً كبيراً في التوقيت.

وقال د. الحجي لـ«الجريدة»، إن ما يسوغ ارتفاع أسعار النفط مستقبلاً هو الانخفاض المستمر في الإنتاج العالمي للنفط، في وقت يُتوقع استمرار ارتفاع الطلب على الخام، والسبب الرئيسي في ذلك هو أسعار النفط المنخفضة، فقد نتج عن انخفاض الأسعار تأجيل أو إلغاء استثمارات تقدر بمئات مليارات الدولارات في عمليات الاستكشاف والتنقيب والإنتاج، ليس في دول خارج منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» فقط، بل في دول المنظمة أيضاً. وأوضح أنه نتج عن انخفاض أسعار النفط أن بعض شركات النفط الوطنية والخاصة عجزت حتى عن تمويل عمليات الصيانة، مما سيخفض الإنتاج من الآبار المحفورة سابقاً.

فكرة صحيحة

وبين الحجي أن هناك من يرى بأن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى انخفاضها مرة أخرى بسبب زيادة إنتاج النفط الأميركي، وهذه الفكرة صحيحة في المدى البعيد، لكنها غير صحيحة في المديين القريب والمتوسط، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار النفط إلى ستين دولاراً للبرميل مثلاً لن يؤدي إلى أي زيادة في إنتاج النفط الأميركي للأسباب التالية:

1- الشركات ستركز على تحسين وضعها المالي: نظراً إلى الوضع المالي الصعب للشركات النفطية الأميركية فإن أي زيادة في الإيرادات نتيجة ارتفاع أسعار النفط ستستخدم لدفع الديون أولاً، ثم تحسين المركز المالي للشركة ثانياً، ولن تستخدم في الإنفاق على عمليات حفر جديدة.

2- عدم وجود عمالة كافية: نظراً إلى قيام الصناعة، خصوصاً قطاع الخدمات، بالتخلي عن عشرات الألوف من العمال والمهندسين والخبراء، فإنه لا يمكن زيادة الإنتاج بسرعة، مهما ارتفعت الأسعار. وتشير البيانات التاريخية إلى أن نسبة عودة هؤلاء العمال والمهندسين إلى قطاع النفط عموماً وإلى وظائفهم خصوصاً هي منخفضة؛ وهذا يعني أن أي ردة فعل من المنتجين الأميركيين على ارتفاع الأسعار ستكون بطيئة.

3- عودة التكاليف إلى الارتفاع: وهذا يعني أن انخفاض التكاليف في الشهور الأخيرة أمر مؤقت وليس دائماً، ولا يمكن لشركة نفطية حفر بئر أو إكمالها إلا إذا دفعت رسوماً أعلى وسط منافسة شديدة على الموارد المتاحة. وقد تتطلب عملية التكسير الهيدروليكي التي كانت أحد الأسباب الرئيسية لثورة النفط والغاز الأميركية- انتظاراً قد يستمر ثلاثة أشهر، بسبب ندرة الفرق العاملة في هذا المجال بعد تسريح أعداد كبيرة منها من شركات الخدمات النفطية، وارتفاع التكاليف يعني أن بعض الشركات ستتأخر في العودة إلى عمليات الحفر حتى تصبح هذه العمليات مجدية اقتصادياً، وسيكون أثر ذلك على السوق كبيراً إذ لم تتوقع الشركات ارتفاع التكاليف، لأن ذلك يعني تغيير خططها بالكامل وتأخير المشاريع.

4- منافسة الغاز الرطب للنفط: مع وصول أسعار النفط إلى نحو ستين دولاراً للبرميل سيواجه المنتجون الأميركيون ظاهرة خاصة، إذ إن الحفر في حقول الغاز الرطب قد يكون مجدياً أكثر من بعض حقول النفط، ما يعني أن الاستثمارات ستتوجه إلى الغاز الرطب وليس النفط، مما يؤخر عودة النفط الأميركي إلى الأسواق.

5- النمو الكبير في الإنتاج يتطلب أسعاراً عالية: عموماً قد تسهم أسعار بين 60 و65 دولاراً للبرميل في وقف الانخفاض في الإنتاج، لكنها لن تؤدي إلى نمو إنتاج النفط الصخري. الإنتاج الأميركي سيبدأ النمو بأسعار فوق سبعين دولاراً للبرميل، وقد ينمو بأقل من نصف مليون برميل يومياً بأسعار في حدود ثمانين دولاراً للبرميل.

الواقع المر

وبين الحجي أنه قد يكون أثر ثورة النفط الأميركية في اقتصادات دول الخليج أكثر وضوحاً لدى القراء بسبب التغطية الإعلامية الكبيرة لأسواق النفط وأسعاره من جهة، وبسبب الأثر المباشر في المواطن الخليجي والمقيمين في الخليج. وتابع أن الواقع المر هو أن أثر ثورة الغاز الأميركية في اقتصادات الخليج قد يكون أسوأ وأكبر من أثر ثورة النفط الأميركية، وإذا كانت السعودية تتحكم في أسواق النفط، وتستطيع إصلاح ما يمكن إصلاحه، فإن الأمر ليس كذلك في مجال الغاز.

وقال «من هنا يتضح الدور المهم لتنويع الاقتصاد وتنويع مصادر إيرادات دول الخليج، لأن المصدر الرئيسي للدخل في المنطقة هو النفط، أما صناعة النفط والغاز الأميركية فهي صناعة من الصناعات التي يملكها القطاع الخاص في اقتصاد الولايات المتحدة الكبير».

back to top