الأزمة السياسية في لبنان... مصدر قلق لإيران

نشر في 19-08-2020
آخر تحديث 19-08-2020 | 00:00
ترسخت مكانة حزب الله في السياسة اللبنانية بفضل مذكرة التفاهم التي وقّعها مع الرئيس ميشال عون، كجزءٍ من محاولته تقوية موقعه السياسي. ومقابل الاعتراف بحقوق الأقلية المسيحية في لبنان، أصبح حزب الله جزءاً من أبرز الجهات السياسية المؤثرة، وقد ترافق هذا الوضع مع عواقب كارثية على بقية البلد.
 ذي ناشيونال لا أحد أكثر من إيران يُركّز اليوم على التداعيات السياسية للانفجار المدمّر الذي هزّ مرفأ بيروت وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة آلاف آخرين.

طوال 40 سنة تقريباً، قامت طهران باستثمارات سياسية ومالية كبرى في هذه الدولة المتوسطية كجزءٍ من التزامها بتصدير مبادئ ثورتها الإيرانية من عام 1979.

ترسخت مكانة حزب الله في السياسة اللبنانية بفضل مذكرة التفاهم التي وقّعها مع رئيس الدولة المسيحي ميشال عون، كجزءٍ من محاولته تقوية موقعه السياسي.

ومقابل الاعتراف بحقوق الأقلية المسيحية في لبنان، أصبح حزب الله جزءاً من أبرز الجهات السياسية المؤثرة، وقد ترافق هذا الوضع مع عواقب كارثية على بقية البلد.

اليوم، تنامى نفوذ حزب الله لدرجة أن توافق قيادته على أي قرار مؤثر قبل اتخاذه، كذلك، لا يتخذ حزب الله أي خطوة من دون استشارة طهران أولاً، وهكذا تحوّل لبنان في معظمه إلى دولة عميلة لإيران بكل بساطة.

يُعتبر هذا الوضع محورياً لتحقيق أهداف طهران الاستراتيجية، فهو يمنح النظام الإيراني جبهة ناشطة في جنوب لبنان لمتابعة مواجهته القديمة مع إسرائيل، علماً أن الحرس الثوري الإيراني يقوم بشحن الأسلحة بانتظام إلى مراكز حزب الله هناك، بما في ذلك صواريخ متوسطة المدى.

تحصل إيران أيضاً على قاعدة تستطيع استعمالها لفرض نفوذها الخبيث في أنحاء المنطقة، وقد استفادت منها حديثاً في سورية المجاورة حيث تورط مقاتلون من حزب الله في الحملة الرامية إلى إنقاذ النظام الدكتاتوري الوحشي الذي يقوده الرئيس بشار الأسد وتكبدوا خسائر كبرى نتيجةً لذلك.

لكن غداة كارثة مرفأ بيروت، تتصاعد المخاوف في طهران من تراجع قدرة إيران على فرض نفوذها على لبنان، فتُحرَم بذلك من أهم الركائز التي تتكل عليها لترسيخ مكانتها في العالم العربي.

لا يزال التحقيق بالانفجار الكارثي مستمراً، لكن يزداد اقتناع المحتجين اللبنانيين بمسؤولية حزب الله عن الانفجار لأن هذه الميليشيا فرضت سيطرتها على المرفأ واستعملته كطريق فاعل لشحن الأسلحة إلى جنوب لبنان والقيام بنشاطات كثيرة أخرى.

نشر "المجلس الأطلسي" (مؤسسة بحثية أميركية) تقريراً بعد الانفجار بوقتٍ قصير مفاده أن نترات الأمونيوم الذي سبّب الانفجار الأخير ووصلت كمياته إلى 2750 طناً قد لا يعود إلى حزب الله على وجه التحديد، لكنه كان يعلم بوجود تلك المواد، لذا يتحمل جزءاً من مسؤولية التفجيرات.

يمكن رصد حساسية حزب الله الفائقة تجاه أي تلميح حول مسؤوليته عن تلك المأساة في المواقف الصاخبة التي أطلقتها قيادته لإنكار أي تورط لها في الموضوع.

في مقابلة مع قناة المنار التابعة للحزب، أنكر الأمين العام حسن نصرالله جميع الادعاءات التي تُحمّله مسؤولية التفجيرات، مع أنه كان جزءاً محورياً من الحكومة عند وقوعها.

على صعيد آخر، يعمد حزب الله إلى نشر أخبار كاذبة على الإنترنت، فقد زعمت مدوّنة "صدى الفكر" مثلاً أن بريطانيا أرسلت حاملة طائرات تابعة للبحرية الملكية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط استعداداً لغزو لبنان، مع أن أياً من حاملات طائرات "الملكة إليزابيث" البريطانية الجديدة التي تَزِن 65 ألف طن لم يصبح قيد التشغيل بعد.

من المتوقع أن تشتد الضغوط على حزب الله تزامناً مع صدور الحكم من المحكمة الخاصة التي أنشأتها الأمم المتحدة لمحاكمة أربعة إرهابيين من حزب الله بعد اتهامهم باغتيال رفيق الحريري في هجوم بسيارة مفخخة في عام 2005.

إذا أكّد الحُكم على تورط حزب الله في قتل رئيس وزراء مُنتخَب ديمقراطياً، فسيصعب تقبّل مشاركته في السياسة اللبنانية مستقبلاً وقد تضعف حينها قدرة إيران على التدخل في شؤون لبنان.

* «كون كوفلين»

غداة كارثة مرفأ بيروت تتصاعد المخاوف في إيران من تراجع قدرتها على فرض نفوذها على لبنان

إذا أكّد الحُكم تورط حزب الله في قتل رئيس وزراء مُنتخَب ديمقراطياً فسيصعب تقبّل مشاركته في السياسة اللبنانية مستقبلاً
back to top