رياح وأوتاد: هل هي مصادفة أم مخطط بعناية للتطبيع؟

نشر في 17-08-2020
آخر تحديث 17-08-2020 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر في السنوات القليلة الماضية جرت أحداث كثيرة تبدو غير مترابطة، ولكنها تظهر الآن وكأنها خطة مرسومة بعناية من أجل إماتة مشاعر معينة والقبول بمشاعر مضادة لها.

فالقرآن الكريم تتم مخالفته وتفسيره بأنماط مشوهة في كثير من بلاد المسلمين، ولم نكن نتخيل في السابق أن مفاهيم قرآنية معينة ستتم مخالفتها على الملأ في القوانين وفي وسائل الإعلام مثل كثير من الأحكام الشرعية كالميراث والأحوال الشخصية، وما أخبرنا الله به عن اليهود، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السنّة النبوية فيتم الطعن بها جهاراً نهاراً، وحتى صحيح البخاري الذي درسه ودرّسه كل علماء وجامعات الأمة طوال أربعة عشر قرناً يشكك فيه في الفضائيات بشكل شبه يومي، وحتى النبي صلى الله عليه وسلم تم الطعن به في الصحف والأفلام الغربية بحجة حرية التعبير، أما التشريعات الإسلامية المعمول بها في كثير من الدول العربية فيتم تغييرها إلى قوانين غربية بحجة التحديث والتقدم ومسايرة العالم وحقوق الإنسان والحريات.

والغريب أن جميع هذه الأعمال التي تمس الضمائر الإسلامية يتم تغلغلها بوسائل مختلفة بحيث لا تلاقي أي رد فعل معارض أو حتى تلامس مشاعر الغضب الفعّال لدى حكومات وبعض شعوب الدول العربية والإسلامية.

هذا البلادة في المشاعر والإحساس تجاه الثوابت الإسلامية شملت أيضاً إنشاء المعابد الوثنية ومناظر الدم العربي والإسلامي الذي يزهق بوحشية في فلسطين وبورما والصين وغيرها، فلم تعد هذه الوحشية تلاقي رد الفعل الرسمي المناسب الذي كانت تشحن به مشاعرنا في الستينيات لا في المنتديات الدولية أو الشعبية ولا في الحملات المؤثرة في وسائل الإعلام.

وفي السياق نفسه شاهدنا في السنوات القليلة الماضية المسؤولين الصهاينة يزورون البلاد العربية وحتى الخليجية، كما يتم تبادل زيارات المؤسسات والروابط التي تحمل أسماء إسلامية مع منظمات إرهابية يهودية دون استنكار شعبي عارم لأن أي استنكار قد يواجه بالكبت أو الاتهام بالخروج على النظام في بعض البلاد.

هذه المظاهر تتسرب تدريجياً في حين يتم البحث عن أخطاء المعارضين، خصوصا الدعاة والساسة الإسلاميين وحتى المسالمين منهم، وتكبيرها من أجل تشويههم وإثارة النقمة الشعبية عليهم.

ورغم احتلال الصهاينة الأرض العربية والمسجد الأقصى ومخالفة ذلك للشريعة الإسلامية ولجميع القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن، ورغم إعلان المجرم المحتل ضم الأراضي والمقدسات إلى أملاكه رسمياً فإنها لا تقابل بأي إجراء فعال عربياً أو إسلامياً لا رسمياً ولا شعبياً، في حين تتهم المقاومة المشروعة ويتم تشويهها.

جميع هذه الخطوات لا يمكن أن تكون إلا خطة مرسومة تهدف إلى قتل الشعور الديني عند الشعوب المسلمة واتهام المعترضين عليها، خصوصاً الإسلاميين المسالمين منهم بالتطرف والإرهاب، وبالتالي يصبح الطريق سالكا للخطوة الأهم، وهي التطبيع بموافقة رسمية ودون مقاومة شعبية تذكر.

وبالفعل جاءت نتيجة هذه الخطوات لتتوج بقبول إعلان التطبيع مع القاتل المغتصب المحتل والسلام الدائم معه وإعطائه صكاً لملكية المقدسات، مع تشويه الفتاوى الشرعية التي تنظم أحكام الحرب والهدنة في الإسلام، وكل ذلك بحجة السلام الذي يعبد من دون الله، ومحبة في الازدهار الاقتصادي والأخوة العربية اليهودية المزعومة بدلاً من إعلان النفير والجهاد في سبيل الله، وشحن الشعوب لبذل النفس والمال لتحرير الأرض والمقدسات والدفاع عن حريات المسلمين وأعراضهم.

فهل كانت تلك الخطوات مصادفة أم أنها خطة مرسومة؟

back to top