احتكاك بحري تركي ـ يوناني... وأنقرة توسع تنقيبها بالمتوسط

الاتحاد الأوروبي يتضامن مع قبرص واليونان... وأثينا تطلب قمة أوروبية عاجلة

نشر في 12-08-2020
آخر تحديث 12-08-2020 | 00:04
سفينة «أوروتش رئيس» تبحر برفقة قطع بحرية تركية من ميناء أنطاليا باتجاه شرق البحر المتوسط أمس الأول (رويترز)
سفينة «أوروتش رئيس» تبحر برفقة قطع بحرية تركية من ميناء أنطاليا باتجاه شرق البحر المتوسط أمس الأول (رويترز)
وسعت تركيا خططها لاستكشاف المحروقات في شرق البحر المتوسط وانتقـدت الاتفاق اليوناني - المصري لترسيم الحدود بينهما، في حين أعرب الاتحاد الأوروبي عن تضامنه مع أثينا بعد طلبها عقد قمة أوروبية عاجلة لبحث الأنشطة التركية.
غداة إطلاق تركيا عملية مسح زلزالي لاستكشاف النفط والغاز في مناطق بحرية متنازع عليها وسط تأهب عسكري يوناني، كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده ستوسع نطاق استكشافها للمحروقات في شرق البحر المتوسط.

وقال أوغلو، في تصريحات من أنقرة أمس، إن بلاده ستصدر تراخيص للتنقيب والحفر في مناطق جديدة بشرق البحر بحلول نهاية أغسطس الجاري.

وأضاف أن تركيا ستدافع حتى النهاية عن «حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك» في شرق المتوسط ولن تتهاون في ذلك.

ورأى رئيس الدبلوماسية التركية، أن الاتفاق المصري - اليوناني الذي أبرم الخميس الماضي بشأن ترسيم الحدود البحرية للبلدين في البحر المتوسط «بمنزلة رسالة بعدم الرغبة في حل سلمي».

وشدد أوغلو بالمقابل على أن أنقرة أثبتت حسن نيتها في المنطقة البحرية بعد توقفها عن عمليات المسح بطلب من ألمانيا.

في موازاة ذلك، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي آكار أن القوات البحرية ترافق وتحمي سفينة «أوروتش رئيس» للأبحاث بشرق البحر المتوسط.

وشدد على أنه «لا فرصة لتحقيق أي مشروع شرقي المتوسط بدون تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية»، مضيفاً أن «أنقرة لن تسمح بفرض أمر واقع في المنطقة».

في موازاة ذلك، اتهم الناطق باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، عمر جليك، اليونان بانتهاج سياسات عدائية وغير قانونية ضد بلاده بعد دعوتها أمس، الاتحاد الأوروبي إلى عقد قمة عاجلة وفورية لبحث التصعيد التركي. ورأى أن أثينا «تحول الدبلوماسية إلى مسرح إغريقي بتبني موقف منافق وذي وجهين عبر عقدها اتفاقية مقرصنة مع مصر عقب قرار الرئيس رجب طيب إردوغان، وقف خطوات التنقيب في شرق المتوسط الأسبوع قبل الماضي لإتاحة الفرصة أمام فتح قنوات الحوار» بعد تدخل المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل.

ومع تصاعد التوتر بين البلدين العضوين في شمال الأطلسي «الناتو» أعلن خفر السواحل التركي أنه أنقذ ثلاثة أشخاص كانوا على متن قارب خاص قبالة جزيرة رودس اليونانية، أمس، بعد مزاعم عن تعرض القارب لهجوم من جانب قوات يونانية تسبب بغرقه. وقال خفر السواحل إن مواطنيْن تركييْن وشخصاً سورياً كانوا على متن القارب، مضيفاً أن أحد المواطنين التركيين أصيب «بجروح خطيرة».

وتأتي تلك التطورات رغم خطاب أعرب خلاله الرئيس إردوغان، أمس الأول، استعداد بلاده لحل النزاعات من خلال الحوار القائم على الانصاف في البحر المتوسط.

قمة عاجلة

في المقابل، طلب رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاتحاد الأوروبي بعقد اجتماع عاجل بشأن تركيا.

وقال مكتب ميتسوتاكيس، إن «وزارة الخارجية ستقدم طلباً لمجلس الشؤون الخارجي في الاتحاد الأوروبي، من أجل عقد قمة طارئة».

وتحدث ميتسوتاكيس إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.

واطلع ميتسوتاكيس قادة الأحزاب الأخرى على التطورات في محادثات هاتفية أمس.

وحددت البحرية اليونانية التي كشفت في وقت سابق أن القسم الأكبر من أسطولها على أهبة الاستعداد للانتشار عندما يكون الأمر ضرورياً، موقع سفينة المسح التركية التي ترافقها فرقاطة حربية في جنوب شرق جزيرة كريت. وأمس الأول عقد رئيس الوزراء اليوناني اجتماعاً مع مجلس الأمن القومي وسط تقارير عن وضع الجيش في حالة تأهب قصوى وإلغاء جميع اجازات الأفراد.

واتهمت اليونان أنقرة بـ«تهديد السلام» في شرق المتوسط، مؤكدة أن قرار أنقرة إرسال السفينة يشكل «تصعيداً جديداً خطيراً ويثبت دور تركيا المزعزع للاستقرار».

تضامن أوروبي

وفي أول رد فعل على دعوة أثينا، أعلن الاتحاد الأوروبي، تضامنه الكامل مع قبرص واليونان.

وفي حين دعا الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ، إلى وجوب تسوية الوضع ضمن روح تضامن بين الحلفاء وفي إطار القوانين الدولية، أعلن السفير الأميركي في اليونان، أن بلاده تدعم حواراً بين اليونان وتركيا لحل قضية ترسيم الحدود البحرية وفق القانون الدولي وتجنب أي إجراءات تفاقم انعدام الثقة.

وثار التوتر بين تركيا واليونان بعد توقيع أنقرة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة «الوفاق» الليبية المعترف بها دولياً العام الماضي.

وتأجج الصراع مع تأكيد اليونان أن اتفاقها مع مصر ألقى بالاتفاق التركي الليبي في «سلة المهملات».

وكادت اليونان وتركيا تخوضان حرباً في عام 1974 بشأن قبرص التي باتت منقسمة منذ ذلك الحين حيث تدير إدارة من القبارصة الأتراك، تعترف بها أنقرة، فقط الثلث الشمالي بينما تدير حكومة من القبارصة اليونانيين تحظى بالاعتراف الدولي الثلثين الواقعين في الجنوب.

غاز وهيمنة

وفي وقت تتداخل التوترات الجيوسياسية بشرق البحر المتوسط مع النزاع الدائر في ليبيا حيث تدعم أنقرة حكومة «الوفاق» ضد قوات شرق البلاد بزعامة المشير خليفة حفتر، يرى محللون يونانيون أن إصرار تركيا على المضي قدماً بخطة التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، يتعلق في الحقيقة بالهيمنة الإقليمية.

والتنقيب عن موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط الغني بالغاز، كثيراً ما يثير توترا بين تركيا وعدد من جيرانها بينهم اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر.

ووقعت اليونان وقبرص وإسرائيل في يناير الماضي اتفاقاً بشأن مشروع خط أنابيب ضخم لنقل الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا رغم معارضة تركيا للاتفاق.

السلوك التركي في «المتوسط» يتعلق بالهيمنة لا بالغاز محللون
back to top