يوسف الصقر اختار كلكوت مقراً له بسبب تجارة الأخشاب

نشر في 09-08-2020
آخر تحديث 09-08-2020 | 00:05
د. عادل العبدالمغني
د. عادل العبدالمغني
بيئة الكويت الصعبة والفقيرة، في الماضي، لم تجعل الكويتيين مكتوفي الأيدي يكتفون بالاعتماد على الموارد البسيطة المتاحة كسائر الشعوب الأخرى، التي تشابهت بيئتهم مع بيئتنا، ويجلسون أمام النار لرشف فناجيل القهوة، والتغزل في جمال الصحراء والمراعي، والتحدث عن محاسن الإبل، ولم يكتفوا بالاعتماد على مصدر لا يحتاج إلى جهود كبيرة كتربية الأغنام وصيد الأسماك من البحر وما شابه ذلك، بل اتجهوا إلى الأصعب والأشد ضراوة وهو البحر، رغم أن البيئة البحرية كانت جديدة عليهم لأنهم جاءوا من مناطق بعيدة لا تعرف عن البحر شيئاً.

ورغم ذلك واجهوا المجهول عن جدارة، وصار لهم السبق والصدارة في اكتشاف موارد أخرى ذات أهمية كبيرة شكلت في مجموعها اقتصاداً كبيراً بالمنطقة، وعلى هذا الأساس صنعوا السفن المتعددة الأشكال والأحجام والمسميات لمهنة صيد اللؤلؤ، التي مارسها نحو ثلث السكان كمصدر رزق، وتولد منها أكبر تجارة بالعالم في ذلك الوقت.

وصنعوا السفن التجارية الشراعية العملاقة التي جابت كل موانئ الخليج العربي والمحيط الهندي، ووصلت إلى شواطئ وموانئ الهند المختلفة، وهي محملة بالتمور لبيعها، وفي رحلات العودة كانت تحمل كل احتياجات السوق الكويتي من المواد الأساسية والغذائية والاحتياجات الأخرى، إضافة إلى أن هذه السفن انطلقت إلى جنوب الجزيرة العربية وشرق إفريقيا لأغراض مماثلة، وجلبت من هناك أخشاب الچندل التي كانت تُستخدم في تسقيف أي مشروع بناء.

ونتيجة هذه الحركة الدائبة التي لم تهدأ للسفن الشراعية الكويتية العملاقة، التي كان يقودها القباطنة (النواخذة) الكويتيون، والتي وصل عددها إلى المئات في العام الواحد، افتتح عدد من الأسر الكويتية في الهند مكاتب وبيوتاً ووكالات تجارية لمتابعة كل احتياجات السوق الكويتي، ولتصدير شتى أنواع البضائع والمواد الغذائية.

وأصبح في القارة الهندية مجتمع كويتي مقيم لسنوات طويلة، وله أعماله ونشاطاته وخصوصياته، واستمر على هذه الحال فترة طويلة حتى نهاية خمسينيات القرن الماضي، عندما ظهرت أسواق أخرى جديدة في العالم تفي بكل الاحتياجات المطلوبة، إضافة إلى تشدد القوانين الهندية وعدم منحها التصريح التجاري للمشتغلين بالتجارة إلا للهنود دون أي جنسيات أخرى، فعادت الجالية الكويتية من الهند إلى مسقط رأسها الكويت.

الصورة المنشورة في مقال اليوم من إهداء الأخ العزيز عبدالله خالد بوكحيل، والتقطت في بيت الصقر في مدينة كلكوت الهندية عام 1944، ويبدو بالزي الإفرنجي (البذلة) يعقوب يوسف بن صقر العبدالله الصقر، ابن التاجر الكويتي المقيم في كلكوت والمعروف اختصاراً بـ (يوسف الصقر).

وكان اختيار مدينة كلكوت، التي تقع في ولاية كيرلا الهندية، لإقامة الصقر بسبب قربها من الغابات، إذ كان تاجراً كبيراً مشهوراً بتصدير الأخشاب إلى الكويت، لاستخدامها في بناء السفن المختلفة، وكذلك للاحتياجات والأعمال الأخرى، واستمرت تجارته هناك سنوات طويلة.

وعلى يمينه يبدو الأديب والشاعر الكويتي الكبير عبدالله سنان، وكان حينئذ يعمل مديراً لأعمال التاجر يوسف الصقر، أما بقية الجالسين والواقفين في الصورة فهم من الهنود الذين يشتغلون عند الصقر في أعماله المختلفة.

والطفلة الجالسة على الأرض هي السيدة ليلى يوسف الصقر، والأطفال الآخرون هم إخوتها من والدتها.

back to top