خاص

باس أوتيرفيك لـ الجريدة•: أصحاب «وجوه الفيوم» جمالهم خالد

أدهش المصريين بإعادته الحياة لصور مومياوات بتقنية حديثة

نشر في 30-07-2020
آخر تحديث 30-07-2020 | 00:04
قبل أيام انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر صور لما يعرف بـ «وجوه الفيوم»، وهي بورتريهات لمومياوات مات أصحابها ودُفِنوا بعد تحنيط جثامينهم وتم رسم وجوههم على توابيتهم قبل نحو 2000 عام، وأخيراً نجح مصور هولندي يُدعى باس أوتيرفيك في إعادة الحياة إلى ملامح هذه الوجوه عبر تعديلها بواسطة تقنيات حديثة، وحين نشر الصور على السوشيال ميديا أدهشت المصريين وأحدثت أصداء عالمية.
«الجريدة» تواصلت مع أوتيرفيك عبر الإنترنت وأجرت معه الحوار التالي:
● متى بدأت العمل في التصوير الفوتوغرافي وتعديل الصور بالتقنيات الحديثة؟

-كنت مصوراً فوتوغرافياً منذ 14 عاماً، وقبلها كنت أعمل في مجال الرسوم المتحركة ذات الأبعاد الثلاثية على الكمبيوتر. وبورتريهات الصور التي أنفذها حالياً عبارة عن جمع منطقي لهذين النوعين من العلوم، وعموماً يمكنني القول إن حياتي كلها فُتنت بالفنون البصرية والحكي الذي تسرده الصورة.

بحث معماري

● هل سبق أن زرت مصر؟ وما الذي أعجبك في "وجوه الفيوم"؟

-ذهبت إلى مصر عام 2008؛ لألتقط صوراً لبحث معماري لمشروع كنت أعمل عليه وقتذاك رغم أنني أعتقد أنني قد رأيت صور الفيوم من قبل، لكني لم أقرأ حتى وقت قريب عن أهميتها التاريخية وأعتقد أن أصحابها لديهم جمال خالد، كما أعطتني وجوه الفيوم الشعور بأن أصحابها ينتمون إلى عصر ومكان تلاقت فيه حضارات عِدة.

● أثناء وجودك في القاهرة هل زرت الأماكن الأثرية الشهيرة؟

-لقد أحببتُ القاهرة كثيراً وأنا شخص أحب الحياة المدنيّة والانفتاح على المدن القديمة الكبيرة، ولأنني كنت هناك في مهمة عمل لم تُتَح لي الفرصة لزيارة العديد من الأماكن التي كنت أود الذهاب إليها، مثل المتاحف والأهرامات.

تقنية إلكترونية

● ما الأسلوب الذي اعتمدت عليه في محاولة استعادة الملامح الأصلية للشخصيات المرسومة في لوحات الفيوم؟

-أعمل من خلال تقنية إلكترونية للذكاء الاصطناعي هي "الشبكات العصبية" التي تعتمد على فكرة المحاكاة، ومازلت أسعى جاهداً لمعرفة أي مدى ينبغي فيه أن ألائم وجوه الفيوم. على سبيل المثال: ما حجم العينين الذي يجب أن أرسمه؟ وهل أذهب إلى واقعية تحقق مصداقية أكثر أم أحتفظ بشكل كبير بمظهر اللوحة؟

● هل تابعت ردود الفعل في مصر بعد نشر الصور التي نفذتها لوجوه الفيوم على وسائل التواصل؟

-لقد كان لديّ الكثير من ردود الفعل على الصور الأخرى الخاصة بي هذا الشهر منذ أن أصبحت منتشرة، ولكن لكي أكون أميناً، لم ألحظ وجود العديد من ردود الفعل على صور وجوه الفيوم ولم تصلني أي ردود فعل محددة من مصر.

الأعمال الفنية

● كم من الوقت استغرق الانتهاء من إعادة الحياة إلى وجوه الفيوم؟

- استغرقت وقتاً قصيراً جداً، ففي كل صورة كنتُ أقضي بضع ساعات فقط، لكنني أود العمل على هذه الصور كمشروعٍ أكبر مع المزيد من صور الشخصيات والمزيد من الوقت لكل منها.

وهذه اللوحات هي بعض من أجمل وأهم الأعمال الفنية لاتجاهات مختلفة للحضارات العالمية، وكل مؤرخ فني وثقافي يعرف هذا، لكني أعتقد أن هذه الأعمال غير معروفة نسبياً لدى جمهور كبير، فأنا سأكره التسرع في أعمالي كما أنني أريد إعطاءها الاهتمام الذي تستحقه.

● هل تفكر في إقامة معرض فني لعرض هذه صورك المعدلة لوجوه الفيوم؟

-أفكر في إقامة المعارض وأختبر حالياً عمل مطبوعات، فلا بد لي من معرفة الطرق التي تعطي نتائج أفضل وأي الموضوعات تبدو جيدة حين يجري عرضها على الحائط.

● هل تخطط لتكرار التجربة مع وجوه تماثيل ملوك وملكات الحضارة المصرية القديمة؟

-ربما أفعل ذلك مستقبلاً، فقط بالنسبة إلى معظم الملوك والملكات المصريين، لايوجد مرجع تاريخي دقيق كثيراً (كما هي الحال مع صور الفيوم)، لذلك سيلعب خيالي دوراً أكبر كما هي الحال مع صور سبق أن رسمتها للمسيح.

● هل يمكنك استخدام التقنية ذاتها مع المومياوات الفرعونية؟

- قد تكون النتيجة مثيرة للاهتمام ولكن الدقة التاريخية ستكون ضئيلة جدا وربما يمكنني أن أعتمد في عملي على الدمج بين أسلوب البحث الجنائي والأساليب الطبية والأثرية الأخرى الأكثر علميّة مثل الموجات فوق الصوتية والأشعة السينية لإعادة تصوُّر ما يمكن أن يكون عليه الشخص الذي تم تحنيطة (المومياء).

لوحات على توابيت مومياوات مصرية
بورتريهات وجوه الفيوم هي لوحات واقعية لشخصيات رسمت على توابيت مومياوات مصرية في مدينة الفيوم (جنوبي القاهرة) إبان فترة الوجود الروماني في مصر، حيث تم فيها الرسم والطلاء على لوحات خشبية وتعد من أجمل الرسومات في فن الرسم الكلاسيكي العالمي، ويرجع عمرها إلى نحو 2000 سنة، واكتشف هذه اللوحات للمرة الأولى الإيطالي بيترو ديلا فالي عندما زار سقارة عام 1615 ونقل بعض البورتريهات والمومياوات إلى أوروبا.

وقد عُثِر على مومياوات الفيوم في عدة أجزاء من مصر، لكن منطقة حوض الفيوم شملت أغلب الاكتشافات ما جعلها تحمل هذا الاسم.

ويرجح علماء الآثار أن تكون هذه اللوحات الجنائزية صُنعت في فترة مصر الرومانية. كما يُعتقَد أن بداياتها تعود إلى القرن الأول للميلاد، وتعتبر اللوحات مثالاً مبكراً لما تلاها من أنواع فنون انتشرت في العالم الغربي من خلال الفن البيزنطي وفن الأيقونات القبطي في مصر.

ويوجد الآن نحو 900 لوحة مكتشفة في المقابر التاريخية في الفيوم، وهذه اللوحات محفوظة حالياً في المتاحف العالمية، ومن بينها المتحف المصري، ومجموعة ضخمة بمتحف المتروبوليتان بنيويورك، واللوفر بباريس والمتحف البريطاني بلندن ومتاحف أخرى أقل شأناً، إضافة إلى المجموعات الخاصة للأفراد في مصر وأنحاء العالم.

ولوجوه الفيوم قيمة تاريخية فهي انتقال من الفن المصري الذي اشتهر بالرسم على الجدران والكهوف إلى الرسم على ألواح مستقلة متنقلة تحمل عدة طبقات من الألوان.

حياتي كلها فُتنت بالفنون البصرية والحكي الذي تسرده الصورة
back to top