حكم تاريخي بفضيحة «الصندوق الماليزي» على رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق

المحكمة قضت بسجنه 12 عاماً وتغريمه 50 مليون دولار
• القاضي لم يقتنع بتعرض المتهم للتضليل و«هبة الدولة الخليجية»

نشر في 29-07-2020
آخر تحديث 29-07-2020 | 00:09
رئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب عبد الرزاق
رئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب عبد الرزاق
في أول محاكمة تتعلق بفضيحة الصندوق الماليزي السيادي (MDB1) التي امتدت إلى دول الخليج وهوليوود، وفي حكم تاريخي بحق رئيس وزراء ماليزيا السابق الذي تم انتخابه للبرلمان في سن الثانية والعشرين وارتقى إلى أعلى منصب في البلاد، وكان يعتقد أنه لا يمكن المساس به، أصدرت المحكمة الاتحادية الماليزية أمس حكماً بالسجن 12 عاماً على نجيب عبدالرزاق (البالغ 67 عاماً) بعدما أدانته بالفساد. كما قضت المحكمة العليا، برئاسة محمد غزالي، بتغريم عبدالرزاق 210 ملايين رينغيت (49.4 مليون دولار) بتهمة إساءته استغلال السلطة، مع سجنه عشر سنوات عن كل تهمة من ثلاث بخيانة الأمانة، وثلاث بغسل الأموال من أجل الحصول دون سند قانوني على نحو 10 ملايين دولار من وحدة «إس آر سي إنترناشونال» التي كانت تابعة لصندوق «MDB1»، غير أن القاضي أمر بتنفيذ تلك الأحكام متزامنة. وقال غزالي، في حكمه بتلك القضية، التي تعد إلى حد كبير اختباراً لجهود ماليزيا في القضاء على الفساد، وقد تكون لها تداعيات سياسية كبيرة: «بعد النظر في جميع الأدلة في هذه المحاكمة، أجد أن الادعاء أثبت قضيته بنجاح دون أي شك منطقي»، غير أنه قبل طلباً قدمه محامو عبدالرزاق بإرجاء تنفيذ حكم السجن والعقوبة المالية، وقضى بدفع كفالة إضافية، مع حضور المدان إلى قسم الشرطة مرتين شهرياً. ودفع محامو عبدالرزاق بأنه تعرض للتضليل من جانب رجل الأعمال الماليزي الهارب جو لو ومسؤولين غيره بالصندوق، على نحو جعله يظن أن الأموال التي تدخل حساباته الشخصية منح من أسرة حاكمة في دولة خليجية، وليست مختلسة من وحدة «إس آر سي» كما يقول الادعاء. وفي وقت ينفي «لو» ارتكابه أي مخالفات، فضلاً عن المخالفات التي وجهته إليه ماليزيا والولايات المتحدة، رأت المحكمة أن تعرض رئيس الوزراء السابق للتضليل ووقوعه ضحية واعتقاده أن المبالغ المودعة في حسابه هبة من دولة خليجية، «احتمال بعيد وغير مقنع». وكان نجيب دفع ببراءته، وقال إنه سيطعن على الحكم إذا ما أدين، وثمة احتمال بأن تلغي المحكمة العليا هذا الحكم جزئياً أو كلياً لدى استئنافه، غير أن ذلك قد يستغرق سنوات. وقبل صدور الحكم، أصدر عبدالرزاق بياناً مقتضباً قال فيه إنه لم يطلب أو يخطط مطلقاً لوصول الـ 42 مليون رينغيت، الواردة في القضية، إلى حسابه، مضيفاً: «لا أدلة أو شهود على ذلك». والملايين العشرة تقريباً، الخاصة بقضية شركة «إس آر سي»، ما هي إلا نذر يسير من الأموال التي يُتَّهم نجيب بالحصول عليها بشكل غير قانوني من صندوق الاستثمار الحكومي الماليزي «1MDB». ويقول الادعاء إن أكثر من مليار دولار من أموال الصندوق وصلت إلى حسابات نجيب الشخصية، والتي يواجه بشأنها 42 اتهاماً جنائياً. ورغم أن حكم المحكمة الصادر، أمس، هو الأول، فإنه ليس الأهم؛ لأن هناك محاكمة منفصلة بدأت في أغسطس الماضي تنظر في حصول رئيس الوزراء السابق، بشكل غير قانوني، على 2.28 مليار رينيغت، أي نحو 550 مليون دولار، من الصندوق خلال عامي 2011 و2014. وتقول الولايات المتحدة والسلطات الماليزية، إن 4.5 مليارات دولار يُعتقد أنها سُرقت من الصندوق، الذي أسسه نجيب، واستُخدِمت في أرجاء مختلفة من العالم لشراء قطع فنية، ويخت فاخر، وتمويل فيلم «وولف أوف وول ستريت». وقال المدعون أيضاً، إن 27 مليون دولار استُخدِمت لشراء عقد من الألماس الوردي لزوجة نجيب، روسمة منصور، في حين ذهبت بعض الأموال لتمويل حملات نجيب الانتخابية. وتوصل مصرف غولدمان ساكس الأميركي، الأسبوع الماضي، إلى تسوية بلغت قيمتها 3.9 مليارات دولار مع الحكومة الماليزية، نظير دوره في خطة الفساد التي بلغت مليارات الدولارات. وأنهت التسوية التهم الماليزية للمصرف بأنه ضلل المستثمرين، عندما ساعد في توفير نحو 6.5 مليارات دولار لصندوق التنمية الماليزي.
التسلسل الزمني لمحاكمة عبدالرزاق في فضيحة MDB1
14 يوليو 2018

اتهامه بثلاث تهم بينها إساءة استخدام السلطة في وحدة «إس آر سي» التابعة لـ MDB1

8 أغسطس 2018

اتهامه بثلاث تهم تتعلق بغسل الأموال

13 أبريل 2019

بدء محاكمته

27 أغسطس 2019

أغلقت النيابة العامة القضية بعد أن استمعت لـ 57 شاهداً في 57 يوماً

11 نوفمبر 2019

قضت المحكمة العليا بإثبات جميع التهم السبع بحقه، وأمرته بتحضير دفاعه

3 ديسمبر 2019

بدأ دفاعه في اليوم الأول على منصة الشهود

11 مارس 2020

انتهاء مرحلة الدفاع بعد الاستماع لـ 19 شاهداً (بمن في ذلك رئيس الوزراء السابق نفسه)

من 1 إلى 5 يونيو 2020

الادعاء والدفاع يقدّمان المذكرات الشفوية في المحكمة

28 يوليو 2020

الحكم

وقال مسؤولون أميركيون، إن حجم الأموال المسروقة «من الشعب الماليزي مذهل»، ووصف وزير العدل الأميركي السابق جيف سيشنز الفضيحة بأنها أسوأ أشكال الفساد الحكومي. وأطلقت وزارة العدل الأميركية التحقيق الخاص بها بعد الاشتباه في أنه تم غسل الأموال العامة الماليزية عبر المنظومة المالية بالولايات المتحدة. وتحوم اتهامات الفساد المتعلقة بصندوق «1MDB» حول نجيب منذ أكثر من خمس سنوات، وكان قد بُرّئ من جميع الاتهامات التي وجهتها إليه السلطات الماليزية عندما كان في السلطة، لكن أُعيد فتح التحقيقات بعد هزيمته في انتخابات عام 2018 التي جاءت بخلفه مهاتير محمد. وتزايدت شعبية نجيب منذ هزيمته في انتخابات 2018، بعد أن قام بحملة مكثفة لتغيير صورته في الأذهان، وانتهج أسلوباً أكثر كياسةً لاستبدال صورته كأحد أثرياء الصفوة. وعاد حزبه «المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة» إلى السلطة في فبراير، بعد انهيار تحالف مهاتير محمد في إطار تحالف قاده رئيس الوزراء الحالي محيي الدين ياسين. منذ ذلك الحين، وخلافاً لجميع التوقعات، أُسقطت التهم عن رضا، ابن زوجة نجيب، وأحد منتجي فيلم «ذي وولف أوف وول ستريت» الهوليوودي كجزء من اتفاق مع النيابة. وبعد شهر، أُسقطت كذلك تهم الفساد وغسل الأموال التي كانت موجهة إلى موسى أمان، حليف نجيب. ويقول جوناثان هيد المحرر في «بي بي سي»، إن وضع عبدالرزاق في الحزب الآن سيضعف، بعد تولي محيي الدين ياسين رئاسة الوزراء، الذي كان زميلاً سابقاً لنجيب في الحزب، لكن عبدالرزاق طرده في 2016، لاعتراضه على فضيحة صندوق التنمية.

back to top