شوشرة: غسل أموال وتجارة والبطل فاسد

نشر في 17-07-2020
آخر تحديث 17-07-2020 | 00:10
 د. مبارك العبدالهادي التكنولوجيا المبتكرة في عمليات غسل الأموال التي أصبحت همّ العديدين من أجل الكسب غير المشروع والسريع طالت العديد من الأشخاص الذين كانت أسماؤهم تبرق خلف كواليس السياسة أو حتى تجارة الأغنام، فهؤلاء الذين تخفوا لسنوات خلف ستارة الأضواء كانوا يعملون بصمت وهدوء لتجميع الملايين حتى "فرط المسبح" فجأة وبدأوا يتساقطون الواحد تلو الآخر كأوراق الخريف، وتنكشف فضائحهم وتظهر تجارتهم على حقيقتها.

ولكن من المسؤول عن كل ذلك؟ هل هؤلاء الذين لم يشبعوا ولن يشبعوا من تجارتهم غير المشروعة؟ أم الجهات الرقابية التي تغافلت عنهم ولم تتحرك إلا بعد أن انفضحت بلاويهم التي لا تعد ولا تحصى؟ أم المصادفة التي عادة تكشف لنا ما بين فينة وأخرى عن مرتزقة جدد يسرقون أموال الشعوب ويتاجرون بالبشر؟

مفاجآت وقضايا مستمرة تنكشف الواحدة تلو الأخرى، وكأنه كتب علينا أن ننتظر في كل يوم حدثاً جديداً لفضيحة تقف وراءها أسماء تلمع في نجوم سماء قصورهم أو مواقعهم الدفاعية التي تظهر عبر أبواق مأجورة وأقلام مزيفة وأوراق صفراء كوجوههم وهم يتلقون خبر غسلهم الأموال، ولكن هل عمليات غسل الأموال غير المشروعة تقف عند مكائن هؤلاء أم أن هناك آخرين يتسترون تحت غطاء أعمال أخرى كتجارة الساعات أو السيارات أو العطور بأسعار خيالية وغيرها من البلاوي التي لا تعد ولا تحصى؟

المصيبة أيضا تكمن في سماسرة تجارة الرقيق ومن يساعدهم في بعض الأجهزة الحكومية ويسهل معاملاتهم منذ أعوام حتى تحولت شوارعنا إلى عمالة (هامشية) تبحث عن أي مصدر للكسب لتأمين قوت يومها بعد أن ضاقت بها السبل، وباع أصحابها كل ما يملكون من أجل تحقيق أحلامهم بوظائف لعلها تعيدهم إلى أراضيهم ليبنوا مستقبلا أفضل، فأصبحنا أمام قضية أخرى وهي وافد يتاجر بمواطنين بعد أن اشترى ذممهم وحولهم إلى أدوات بيده لتمرير تجاوزاته التي كانت جزءاً من تجارة البشر.

والسؤال الذي توقف عنده العديد من المتابعين: من يتاجر بمن، تجار إقامات أصبح وافد يتاجر بهم، ومسؤولون أصبحوا تحت رحمة قراراته، وعمال أبرياء صاروا ضحية هؤلاء، وكأن الدائرة أصبحت تدور في حلقة لا تتوقف عند أحد ليصبح البنغالي هو سيد القرار؟ فإلى متى تستمر هذه الأحداث وكأننا في مسلسل حلقاته لا تنتهي، وسيناريو يتجدد ما بين الأيام ليدخلنا في مشاهد أكثر إثارة مع إضافة حرامية جدد كانوا أبطالاً في أحداث سابقة.

كما أن هناك من يتساءل: هل إعلانات البعض عن مقاهٍ ومطاعم وبخور وعصائر وغيرها ستندرج ضمن مكائن الغسيل بعد تضخم أرصدة البعض بصورة مفاجئة، أم أن وجبات الهمبرغر وغيرها كان وراء تجميع هذه المبالغ التي أصبحت بالملايين؟

العالم يتابع أحداث وباء كورونا الذي يفتك بالبشرية، ونحن نتابع من يفتك بتجارة عماله، ومن يغسل أمواله ليضخم أرصدته ومن يعمل من أجل إثارة أحداث جديدة، والقادم قد يكون أعظم.

back to top