افتتاحية: فَلْنتصدَّ لمعاول ابتزاز «النفط»

نشر في 16-07-2020
آخر تحديث 16-07-2020 | 00:10
No Image Caption
لم تكتف معاول الابتزاز بما أصابت به جسد الإدارة الكويتية ومؤسساتها، من جراح تمثلت في تجريف الكثير منها واستنزافها وصرفها عن أهدافها وتحميلها ما لا تطيق، حتى عمدت إلى استهداف شريان الحياة الأساسي للاقتصاد الكويتي، فصوبت ضرباتها الحادة إلى بنيان القطاع النفطي في محاولة لتشكيله وفقاً لأهوائها ومصالحها، عبر زحزحة ذوي الكفاءة، ليحل محلهم المحسوبون والمقربون وذوو الحظوة والقواعد الانتخابية وأرباب الوساطة من غير المغضوب عليهم، الذين لا يمتلكون أي مهارات تؤهلهم لما أُقحِموا فيه من مناصب وترقيات.

ومن العجيب بل المؤسف أن تلك المعاول يحملها بعض المنتسبين إلى مجلس الأمة، الذين يفترض فيهم أنهم حاملو لواء التشريع والرقابة النزيهة للحفاظ على دولة المؤسسات وترسيخ مبدأ العدالة في ربوعها، لكن هؤلاء اتخذوا سبيلاً آخر، فاتجهوا لفرض إملاءات يُعبِّدون بها طرق نهب المال العام لمصلحة شركاتهم الخاصة أو المقربين منهم، ضاربين بمصالح الشعب عرض الحائط، فإذا استجيب لهم انهالت عبارات الإشادة والشكر والتثمين، أما إذا كانت الأخرى فالويل والثبور وعظائم الأمور، إذ سرعان ما يقرعون طبول الحرب في قاعة عبدالله السالم، مشهرين سيوف التهديدات بالاستجوابات ولجان التحقيق، على رقاب من يحاول أن يقول «لا»، لجعله عبرة لمن يعتبر.

وعلى هذا المنوال الانتهازي، خرجت من مؤسسات الإعلام أبواق تنعق، تريد التهام ما تستطيعه من كعكة «النفط» في مسلك انتهازي للحصول على ما لا تستحق، فإذا أمكنها قياديو النفط مما أرادت سمعوا منها غناء العصافير وتغريد البلابل، وإن حرموها أو حتى تجاهلوها سمعوا منها أزيز الصواريخ ودوي القنابل، غير عابئة بما يترتب على هذا النعيق من تنفير المستثمرين عن بلادنا، وتشكيك المؤسسات المالية العالمية والعملاء في نزاهة اقتصادنا، بما تطلقه تلك الوسائل من حملات تشهير مغرضة، المتضرر الأول منها هو الكويت، فهل هذا هو المطلوب؟

النفط هبة الله لبلادنا، وشريان حياتها، فإذا لم نكن قد صنعناه، فمن الواجب أن نحفظه، وإذا لم نكن قد وفقنا في أن نضيف إليه موارد أخرى، فأجدر بنا بل واجب علينا جميعاً أن ننأى به عن الانتهازية والصراعات ولا نعرضه للاهتزاز وانعدام الثقة، فوق ما تتعرض له هذه السلعة من اهتزازات عالمية يوماً بعد آخر، لذا علينا جميعاً، شعباً وبرلماناً وحكومة، أن نكسر نظارة المصلحة الشخصية، وننظر بعين الإنصاف إلى منفعة الأمة... الأمة كلها، لا فرقة منها أو طبقة أو طائفة أو دائرة، أو «محسوبين»، فمن يتوسط ليفضل غير المستحق على المستحق، إنما يضر كليهما.

كلنا في سفينة واحدة وسط بحر هائج، ومسؤولية الجميع أن يحافظوا عليها، لا أن يشاهدوها تثقب بفأس الانتهازية، دون أن يتحركوا، فلنثبت قواعد العدالة والشفافية في شتى مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها القطاع النفطي، وعلى الوزير المعني أن يدافع عن قطاعه وموظفيه بشجاعة، وأن يكشف ما يتعرض له، هو وقياديوه، من ضغوط، لا أن يقف خائفاً يترقب ما سيفعله المبتزون والمرجفون، عندئذ سيقف إلى جانبه كل محب للكويت، حريص على استقرارها وسمعتها وسيادة العدالة بين أبنائها.

back to top