زيڤاغو... وباسترناك!

نشر في 14-07-2020
آخر تحديث 14-07-2020 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم فنان وشاعر وكاتب، عبَّر عمَّا في نفسه كعضو في المجتمع، فكتب رواية تناول فيها ما كان يستشعره في وطنه... لكن ما كتبه سرعان ما أثار زوبعة عالمية لعبت فيها المزايدات السياسية، مع أن القارئ لرواية دكتور زيڤاغو لباسترناك لا يجد فيها ما ضخَّمته المواجهات السياسية في الصراع الذي كان دائراً بين روسيا وأميركا، إلا أن الدعاية الأميرية وجدتها فرصة لتقول للعالم: "هاكم أحد كبار الشعراء الروس، وهو من أذكى أذكيائها، ومن أعظم الكُتّاب في روسيا، يدين الإجراءات القمعية التي تمارسها السُّلطات الشيوعية في بلاده".

***

• بوريس باسترناك لم يدَّعِ يوماً أنه من أذكى أذكياء روسيا، لكنه وجد نفسه وقد أصبح ضحية للدعاية الأميركية... وصرَّح حين منحته الأكاديمية السويدية جائزة نوبل عام 1958: "أنا لم أطلب هذه الجائزة، ولا أريدها، ولا أحب أن تكون أعمالي حصان طروادة الأميركي لكي تسيء إلى وطني، ولا أقول هذا خوفاً من ستالين، فهو صديقي، ويعرف تماماً ما أفكِّر فيه".

***

• يرن جرس هاتف الكاتب باسترناك:

• ألو...

- مساء الخير يا رفيق باسترناك.. أنا ستالين...

• كفّ عن هذا المزاح الثقيل، وليس عندي وقت لأمثالك، إذا لم تقل لي مَن أنت فسأقطع المكالمة.

- أرجوك إذا أردت أن تتأكد من أنني ستالين، فاتصل برقم 117، وستتعرف عندها على شخصيتي...

وأدار باسترناك الرقم:

• ألو... هل هذا رقم...

- (يضحك)... والآن يا رفيق باسترناك، هل عرفت مَنْ يكلمك؟

• أجل يا رفيق... فما الأخبار التي تحملها لي؟ هل قررت تحديد إقامتي؟

- كلا يا عزيزي، أنت تعلم كم أنا من المعجبين بأشعارك، ولكن من حقّي كمعجب بما تكتب أن أدعوك لمواصلتي، فهل ستسعدني بزيارتك؟

• صدقني أيها الرفيق أنا أكثر منك رغبة بلقياك، فلديّ الكثير مما أودّ أن أقوله لك.

- كما تشاء، وسنتكلم في كل شيء عندما نلتقي.

***

• ولما التقيا بادر ستالين باسترناك بقوله:

- ثق أولاً بأنني صديقك، وشديد الإعجاب بأشعارك التي تتغزل فيها بموطني جورجيا، لأنك مثلي من أبناء جورجيا العظيمة.

• ولا تنسَ يا صديقي الشاعر المضطهد ماندلستام، فهو الآخر من جورجيا، لكنه...

- (مقاطعاً)... دع عنك هذا الموضوع، ولا تُفسد هذا اللقاء، وقُل لي شعراً عن جورجيا... وبالمناسبة: أنا قلت شعراً في جورجيا، لكن ليس كشعرك.

***

• أخذ باسترناك ينشد شعره، وستالين يعبّ من الفودكا، حتى بلغ به التأثر إلى درجة البكاء، وبعد الانتهاء كانت المفاجأة لباسترناك عندما استُدعي للتحقيق.

***

- لقد كتبت يا باسترناك رواية سياسية هي دكتور زيڤاغو، وقد استُغلّت لخدمة أعداء روسيا، فماذا تقول؟

• هل أفهم أنك تعبِّر عن رأي ستالين؟

- ليس هنا من شيء يحدث إلّا بأمر من الرفيق ستالين... أجب عن السؤال.

***

• ولم يعد أحد يعرف شيئاً عن بوريس باسترناك.

back to top