جائحة فيروس كورونا والعمالة في القطاع الخاص

نشر في 12-07-2020
آخر تحديث 12-07-2020 | 00:08
 فيصل تركي المتروك يدور حاليا حديث من أكثر من مصدر أو شخص عن قيام بعض الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص باستغلال أزمة جائحة كورونا الصحية، وذلك من خلال الضغط على الموظفين والعاملين (كويتيين وغير كويتيين) لديها، وقد تمثل هذا الإجراء في إلغاء رصيد الإجازات السنوية للموظف عن الفترة التي تمثلت في الحظر الكلي، أو كل الرصيد، واعتباره كأنه لم يكن، مما نتج عنه انخفاض رصيد مستحقات نهاية الخدمة عن العام نفسه للموظف. وعليه، فإننا من باب المسؤولية الاجتماعية يجب علينا أن نسلط الضوء على هذه الممارسات البشعة والاستغلال الجائر بدون أي وازع من من ضمير أو رادع من القيم أو خشية من الله سبحانه وتعالى، وهو سبحانه تردّ إليه المظالم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم. لذا فإنه من الأهمية أن تقوم الجهات الحكومية ممثلة بوزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للقوى العاملة، والأطراف ذات الصِّلة: الاتحاد العام لعمال الكويت، ومكاتب تدقيق الحسابات، وجمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية، وجمعية المحامين الكويتية، وجمعية الشفافية، وجمعية حقوق الإنسان، أن تقوم بدورها المنشود في التصدي لهذه الظاهرة السلبية والتي تؤثر على سمعة بلدنا الحبيب في الخارج، وكذلك لحماية العاملين في القطاع الخاص من تعسف بعض الشركات، علما أن هناك عدداً كبيراً من الشركات لم تقم بالعمل المذكور التزاما منها بالمهنية واحتراما لحقوق العاملين. وعليه، في حال ثبت بالدليل القاطع قيام بعض الشركات بهذا النوع من الإجراءات الظالمة بحق العاملين لديها، فإنها تكون قد خالفت قانون العمل الكويتي وتعديلاته اللاحقة، وبالتالي تصبح عرضة للمساءلة ومحاسبتها واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة بحقها، فبلدنا الحبيب ليس بحاجة إلى المزيد من القضايا العمالية (تجارة إقامات، مخالفي الإقامة، العمالة السائبة وغيرها). ويأتي قيام بعض الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص بمثل هذه الممارسات بهدف تحقيق آثار محاسبية أهمها ما يرتبط بـ:

1- قائمة الدخل وجعلها تبدو أفضل من واقعها الحقيقي من خلال تقليل المصاريف العمومية والإدارية بسبب إلغاء (تصفير) مصاريف الإجازات السنوية ومصاريف نهاية الخدمة عن عام ٢٠٢٠.

2- تحسين واقع الميزانية العمومية بشكل مصطنع من خلال تقليص المطلوبات من مجمع الإجازات السنوية ومجمع نهاية الخدمة.

وللإشارة، وبصرف النظر عن الأبعاد القانونية والأخلاقية، فإن مثل هذه الممارسات تضر بالأساس من يقوم بها من الشركات والمؤسسات، وذلك من المنظور الإنتاجي، حيث تبين الدراسات أن الموظف يكون أكثر إنتاجية في عمله، ومبدعاً بدرجة أكبر في حالة شعوره بالرضا في العمل وغياب الممارسات التعسفية فيه، وبالتالي فإن الابتعاد عن مثل هذه الممارسات له تأثيرات كبيرة إيجابية على الإنتاجية في الأجل الطويل.

لذا فإن الإجراءات المطلوبة من مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة هي كما يلي:

1- وزارة التجارة والصناعة: القيام بمراجعة دقيقة للميزانيات السنوية المعتمدة المقدمة من هذه الشركات، وتحديدا البنود والإيضاحات (بند مصاريف الإجازات السنوية ونهاية الخدمة) ومقارنتها مع العام السابق ٢٠١٩، وذلك لاكتشاف الفروقات (إن وجدت)، وكذلك عدم اعتماد هذه الميزانيات وبالتالي عدم تجديد التراخيص السنوية لها.

2- الهيئة العامة للقوى العاملة: القيام بزيارات ميدانية لمقار الشركات وفحص إدارة شؤون العاملين والإدارة المالية، وفِي حال ثبوت هذا النوع من المخالفات، أن تقوم بتسييل الكفالات المصرفية وتعويض العاملين، وكذلك وقف الملف لدى هيئة القوى العاملة إذا سمح لها القانون.

3- مكاتب التدقيق المحاسبية: أن ترفق مع التقرير السنوي للميزانية ما يفيد بأن الشركة قد قامت بارتكاب هذا النوع من المخالفات (إن وجدت)، وبالتالي إبراء ذمته أمام الجهات الحكومية.

4- أما على صعيد الإجراءات الداخلية للشركات: إعلام أعضاء مجالس الإدارات لديها بهذا النوع من المخالفات، وبالتالي تسجيل اعتراضهم عليها، حماية لهم من أي مساءلة قانونية مستقبلا، كما نقترح أن يتضمن جدول أعمال الجمعيات العمومية للشركات بندا واضحا وصريحا عن هذا النوع من الإجراءات، ومساءلة المدير العام للشركة والمديرين المعنيين أمام القضاء وإحالتهم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.

5- غرفة تجارة وصناعة الكويت: مخاطبة الشركات مباشرة للتأكد من عدم خصم رصيد الإجازات للعاملين، وكذلك توعية الشركات، وفِي حال عدم استجابتها أن توقف مؤقتا إصدار شهادات عضوية الغرفة والتوقف عن استقبال معاملاتها.

6- مجلس الأمة: تعزيز التشريعات والقوانين التي تحمي العاملين (كويتيين وغير كويتيين) في القطاع الخاص.

7- جمعيات النفع العام: التصدي لهذه الظواهر السلبية بكل ما أوتيت من قوة، والقيام بحملات رأي عام وتوعية المجتمع ضد هذه الممارسات غير الإنسانية.

8- الاتحاد العام لنقابات وعمال الكويت: التواصل مع الجهات الحكومية ومجلس الأمة ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة لشرح انعكاسات هذا التصرف على حقوق العاملين، ونشر هذه الممارسات في الوسائل الصحافية التي يمتلكها، والتصدي لهذا النوع من الممارسات (مع الحفاظ على مسافات التباعد الاجتماعي).

9- العاملون والموظفون: وهم الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، ولكن عليهم عدم التهاون في المطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم العمالية التي كفلها لهم القانون، والقيام بتقديم شكاوى عمالية أمام الجهات المختصة وعدم السكوت عنها (الساكت عن الحق شيطان أخرس).

وختاماً نرجو أن نكون قد وفقنا في إسقاط الضوء على هذه الممارسات غير الإنسانية، والله ولي التوفيق.

back to top