النظام الانتخابي بوابة الإصلاح السياسي

نشر في 09-07-2020
آخر تحديث 09-07-2020 | 00:20
 محمد المقاطع تعيش الكويت حالة مُلحَّة من الحاجة إلى الإصلاح السياسي، ولعل شعار ومطالبات الإصلاح السياسي كان من أكثر الملفات التي تم رفعها وتلاحقت الجهود لتحقيقه منذ عام 1986 وحتى اليوم، فلم يكن وضع التراجع المخيف للبلد خافياً على كل مَنْ يشتغل بالعمل الوطني العام، فالإدارة العامة للبلد من ضعف لآخر، ومجلس الأمة صار شريكاً للفساد السياسي، ومؤسسات الدولة تتفكك، ونظامها المؤسسي في تلاشٍ، وملفات القضايا الأساسية بالبلد في تضخُّم مستمر، فالمال العام تتزايد جرائمه وناهبوه، والوظيفة العامة يغيب عنها تكافؤ الفرص وجدية شاغليها وفاعلية النهوض بواجباتها، والتعليم مُنحَناه في نزول حاد، والاقتصاد بلا إدارة حصيفة وأمينة، ومؤسسات المجتمع المدني صارت عبئاً وكمَّاً بلا فاعلية، والحُريات العامة حُوصرت، بل صُودرت، بجملة قوانين وإجراءات أشاعت الرهبة، وتوارت بسببها مظاهر ومجالات الحُريات التي عُرف بها مجتمعنا الكويتي، واحتياجات المواطن المُلحَّة بالسكن والصحة والخدمات العامة معلَّقة، ولا جديَّة بل ولا رغبة في حلِّها، والانتخابات تتعرَّض لتزوير مباشر أو غير مباشر، بنظام انتخابي مقيت وعليل بتمزيق المجتمع وشرذمته.

باختصار، نحتاج إلى تطهير حقيقي للبرلمان من الطبقة السياسية السائدة ونمطها الفاسد أو المتخاذل.

لذا، فالكويت اليوم بحاجة إلى عملية للتغيير من أجل الإصلاح السياسي، لا مجرَّد شعارات وتحالفات مع السُّلطة، أو مجاملتها على نحو يفاقم الفساد السياسي والإداري والمالي، كما شهدته السنوات الأخيرة.

فقد آن الأوان أن تتعالى الأصوات وتتضافر الجهود، وأن يتم التركيز على المدخل الصحيح لتحقيق الإصلاح السياسي، من خلال إصلاح النظام الانتخابي.

إن النظام الانتخابي الفاسد مخرجاته فاسدة، ويدمِّر المؤسسات، ويلغي السُّلطات، ويجتث الحُريات، ويبدد كل جهود الإصلاح، ويحوِّل البلد، وهو ما تم فعلاً اليوم، إلى مركز للفساد، وهو ما أكَّدته كل المؤشرات العالمية، وحالة التردي التي يعانيها البلد وطنياً بشكل غير مسبوق، فكلٌّ يمارس الفساد ويتذمَّر من الفساد، والمفسدون يتصدَّرون المشهد السياسي والمواقع الإدارية والمالية، ويدَّعون زوراً أنهم يحاربون الفساد.

فإصلاح النظام الانتخابي الفاسد، والذي أدَّى إلى تغييب مؤسسات البلد وتواري الرجال، هو مدخل الإصلاح، وهو ما ينبغي أن تتوحَّد الجهود من أجله، فالانتخابات القادمة في النصف الثاني من نوفمبر هي أداة ذلك، وربما يتساءل البعض: كيف يكون ذلك؟!

وجوابي، هو أن يتم بخطوات تحقق ذلك، فلابد من تهيئة الناس لخلق توجُّه وزخم عام لتغيير أسلوب انتخاب ممثليهم، وانتخاب عدد كبير من النواب الجُدد ممن عُرفوا بنظافة اليد، وأيضاً نصاعة التاريخ السياسي، ولابد أن نفهم أن المجلس الحالي كان سبباً في تراجُع التجربة البرلمانية، وتقليص الحقوق والحُريات، وصدرت تشريعات في فترته تقيِّد الحُريات، وتلاحق المغرِّدين، وحصل تحريض على نشطاء سياسيين، ولَم نرَ تحركاً مُجدياً، وكرَّس نظاماً انتخابياً يمزِّق المجتمع ويعزز العصبيات، وهو أيضاً مدخل انتخاب أعضاء هم عبء على الوطن والبرلمان، كما أن تحالفاتهم التجارية سارت بمسار لا يصب في المصلحة الوطنية، وقد رأيت حلماً ظهر لي فيه خمسة من رجالات الكويت المؤهلين لرئاسة المجلس في المرحلة المقبلة.

لنجعل الانتخابات القادمة بداية التغيير، ومدخلاً لتعديل النظام الانتخابي للمقترح الذي قدَّمته منذ سنوات، ويحقق إصلاح نظامنا الانتخابي اليوم بقوائم وانتخاب بأغلبية وتمثيل نسبي ويقسّم دوائره على أساس يوم ميلاد الشخص، ولنا عودة له في مقال قادم بإذن الله.

back to top