الأردن بين الارتياح والحذر

نشر في 09-07-2020
آخر تحديث 09-07-2020 | 00:00
 المونيتور مرّ الأول من يوليو الذي كان يُفترض أن يسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بِضَمّ حتى 30% من الأراضي المحتلة في الضفة الغربية من دون أن يحصل شيء على أرض الواقع، إذ يسود ارتياح عام في الأردن حيث كان الملك عبدالله الثاني من أشرس منتقدي القرار، حتى أنه أطلق في 15 مايو الماضي تحذيراً من حصول خلاف قوي بين الأردن وإسرائيل في حال المباشرة بضم أراضي الضفة الغربية في يوليو.

رفض الأردن أي نوع من ضم الأراضي، لكنه انتقد بشكل خاص الخطط المرتبطة بضم معظم مساحات غور الأردن على الجانب الفلسطيني، وكانت إسرائيل بهذه الطريقة ستقطع أي رابط جغرافي بين الأردن وما تعتبره عمّان الدولة الفلسطينية المستقبلية بموجب حل الدولتين، إذ رفض الأردن وبقية البلدان العربية خطة السلام التي طرحها دونالد ترامب وكشف عنها البيت الأبيض في 28 يناير، فتسمح تلك الخطة لإسرائيل بضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وغور الأردن، تزامناً مع الاعتراف بدولة فلسطينية تقوم في الأجزاء المتبقية، كما أنها تُحدد مصير القدس الشرقية واللاجئين الفلسطينيين، علماً أن مليونَين منهم يقيمون في الأردن.

رغم انشغال البلد بمحاربة فيروس كورونا، أجرى الملك عبدالله ووزير الخارجية أيمن الصفدي محادثات مع كبار المسؤولين العرب والأوروبيين في محاولةٍ منهما لحشد الزخم الدبلوماسي اللازم ضد خطة ضم الأراضي، ففي عمّان يُعتبر إقدام عدد من البلدان الأوروبية على التحذير من "التداعيات" واحتمال فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل في حال تنفيذ الخطة نتاج حملة دبلوماسية أردنية مكثفة.

في 17 يونيو أجرى الملك عبدالله مكالمات جماعية مع قادة في الكونغرس الأميركي للتشديد على المخاطر التي تطرحها الخطة الإسرائيلية على استقرار المنطقة ومعاهدة السلام مع إسرائيل، وفي 18 يونيو وجّه أكثر من 190 نائباً ديمقراطياً في مجلس النواب الأميركي رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية مفادها أن "ضم الأراضي بشكلٍ أحادي الجانب يُعرّض أمن إسرائيل وديمقراطيتها للخطر ويترافق مع تداعيات واضحة على مستقبل إسرائيل وعلاقات البلدَين المحورية".

لم يحدد المسؤولون الأردنيون ردة فعل عمّان في حال تنفيذ خطة ضم الأراضي، لكن يقول محللون محليون إن الملك لديه عدد من الخيارات، منها إضعاف العلاقات الدبلوماسية وتعليق أجزاء من معاهدة السلام المبرمة في عام 1994، وفي 29 يونيو ذكرت الصحافة الإسرائيلية، وفق مصادر مسؤولين إسرائيليين لم تكشف عن أسمائهم، أن الملك عبدالله أوضح لإسرائيل رفضه ضم أراضي الضفة الغربية، ولو بمساحات محدودة، وأنه سيردّ على أي تحرك مماثل مثلما كانت إسرائيل تردّ على ضم جميع المستوطنات وغور الأردن بطريقة أحادية الجانب.

نظراً إلى الروابط السياسية والديمغرافية التاريخية الفريدة من نوعها بين الأردن والضفة الغربية، تعتبر عمّان ضم الأراضي تهديداً وجودياً مباشراً على استقرارها، فوفق استطلاع أجراه "مركز الدراسات الاستراتيجية" في جامعة الأردن ونُشرت نتائجه في 24 يونيو، تبيّن أن معظم الأردنيين يعتبرون الخطة الإسرائيلية لضم الأراضي في الضفة الغربية أكبر تهديد خارجي على المملكة.

صرّح المحلل السياسي لبيب قمحاوي لموقع "المونيتور" بأن "الملك كان الأكثر شجاعة وجرأة" مقارنةً بمواقف القادة العرب الآخرين، لكنه حذّر من أن تأخير تنفيذ خطة ضم الأراضي لا يعني أن "المؤامرة فشلت"، إذ يظن قمحاوي أن الخطة تهدف أصلاً إلى محو مصطلح "الاحتلال" من سجلات الصراع، "مثلما وصفت إسرائيل الأراضي المحتلة بالأراضي المتنازع عليها؛ إنها خطة تدريجية للاستيلاء على الأراضي".

صرّح رئيس "مركز القدس للدراسات الاستراتيجية" عريب الرنتاوي لموقع "المونيتور": "لا يزال سيف ضم الأراضي مسلّطاً فوق رؤوس الفلسطينيين ولن تتراجع إسرائيل عن خطتها في أي وقت قريب، إذ تجد إسرائيل صعوبة في ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية من دون مواجهة أي عواقب، فقد كان موقف الأردن الجريء لدعم الحقوق الفلسطينية والتهديد بقطع الروابط الثنائية مع إسرائيل أساسياً لبناء جبهة دولية تُهمّش نتنياهو وتتركه وحيداً في مواجهة بقية دول العالم، لكنّ اللعبة لم تنتهِ بعد، فقد تعلمنا بأصعب طريقة أن القرارات الجزئية أو الرمزية بنظر إسرائيل تصبح شاملة ودائمة بعد فترة قصيرة، ولهذا السبب يجب أن نبقى حذرين".

* أسامة الشريف

* «المونيتور»

back to top