الرئيس عبدالفتاح السيسي: أمن مصر يتجاوز الحدود... ومن الصعوبة أن ننعزل

«نواجه تهديدات فعليّة تتطلب التصدي لها بحزم... ولن نفرّط في حق من حقوق الوطن»

نشر في 30-06-2020
آخر تحديث 30-06-2020 | 00:05
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي متحدثاً خلال افتتاحه عدة مشروعات تنموية بالقاهرة أمس (صفحة الرئيس)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي متحدثاً خلال افتتاحه عدة مشروعات تنموية بالقاهرة أمس (صفحة الرئيس)
وجّه الرئيس السيسي عدة رسائل للخارج والداخل، في وقت تتابع القاهرة ملفات إقليمية مشتعلة، سواء على حدودها الغربية مع ليبيا، أو في منابع النيل. وقال إنه يصعب على أي دولة في هذه الظروف أن تنعزل، مشدداً على أن الأمن القومي يتجاوز الحدود السياسية.
شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، في خطاب للشعب المصري مع حلول الذكرى السابعة لثورة 30 يونيو على امتلاك مصر قدرة شاملة في محيطها الإقليمي، مؤكدا أن الإجراءات التي تتخذها هدفها حفظ أمنها القومي.

وتطرّق السيسي، في كلمته عقب افتتاح عدة مشروعات تنموية أمس، إلى الأوضاع الإقليمية الملتهبة التي تحيط بمصر قائلا: "إن أمن مصر القومي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن محيطها الإقليمي، فهو لا ينتهي عند حدود مصر السياسية، بل يمتد إلى كل نقطة يمكن أن تؤثر سلبا على حقوق مصر التاريخية"، في إشارة مبطّنة، على ما يبدو، إلى أمن مصر القومي الممتد إلى منابع النيل.

وتابع السيسي في حديث يكشف عمّا يمكن وصفه بالاستراتيجية المصرية الجديدة في التعاطي مع أزمات إقليمها: "لا يخفى على أحد أننا نعيش وسط منطقة شديدة الاضطراب، وأن التشابكات والتوازنات في المصالح الدولية والإقليمية في هذه المنطقة تجعل من الصعوبة على أي دولة أن تنعزل داخل حدودها تنتظر ما تسوقه إليها الظروف المحيطة بها، ومن هنا كان استشراف مصر لحجم المخاطر والتحديات التي ربما تصل إلى تهديدات فعلية تتطلب التصدي لها بكل حزم، على نحو يحفظ لمصر وشعبها الأمن والاستقرار".

وأشار الرئيس المصري إلى أنه "رغم امتلاك مصر لقدرة شاملة ومؤثرة في محيطها الإقليمي، فإنها تجنح دائمًا للسلم، يدها ممدودة للجميع بالخير والتعاون، لا تعتدي على أحد، ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لأحد، لكنّها تتخذ من الإجراءات ما يحفظ لها أمنها القومي، هذه هي سياسة مصر التي تتأسس على الشرف في كل تعاملاتها دون التهاون في حقوقها"، وتعهد للشعب المصري بعدم التفريط في حق من حقوق الوطن.

شح المياه

وفي وقت تبذل الجهود القارية والأممية لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي الذي يهدد حصص مصر التاريخية في مياه النيل، قال وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبدالعاطي، أمس، إن بلاده تعد من أكثر البلاد جفافا على مستوى العالم، وإن المصريين يعتمدون على نهر النيل بنسبة 97 بالمئة لتوفير احتياجاتهم المائية.

وقال عبدالعاطي خلال كلمة له على هامش افتتاح الرئيس السيسي عددا من المشروعات القومية، إن مصر (التي يسكنها أكثر من 100 مليون نسمة)، تعاني فجوة مائية تبلغ 20 مليار متر مكعب، يتم تغطيتها من إعادة استخدام المياه، وهي الدولة الإفريقية الوحيدة التي تعيد استخدام المياه أكثر من مرة، وأنه بعد دخول محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، ستعدّ مصر أعلى دولة في إعادة استخدام المياه من حيث النسبة.

وأشار الوزير إلى أن القاهرة تستهدف تحلية ثلاثة مليارات متر مكعب من مياه البحر حتى عام 2030، على أن يصل الرقم إلى سبعة مليارات بحلول عام 2035، وهو ما يستلزم توفير 19 مليار دولار، كاشفا عن استراتيجية تطوير الموارد المائية التي تشمل "تحسين نوعية المياه، وترشيد الاستخدام، وتنمية الموارد، وتأهيل البنية التحتية".

وتزامنت تصريحات وزير الري المصري مع عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مساء أمس، لمناقشة أزمة مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، الذي ترى فيه مصر خطرًا على حصتها التاريخية في مياه نهر النيل المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، وبعد تعثّر مزمن للمفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، نجح الاتحاد الإفريقي في تحقيق اختراق الجمعة الماضي، وأعلن موافقة الدول الثلاث على العودة إلى طاولة التفاوض مجددا للتوصل إلى اتفاق خلال أسبوعين.

وتقدمت مصر بخطاب إلى مجلس الأمن منتصف الشهر الجاري، وهو الخطاب الثاني في أقل من شهرين، ضد التعنت الإثيوبي، الذي وصل إلى مرحلة التلويح ببدء ملء خزان سد النهضة خلال شهر يوليو، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا، لكن تدخّل الاتحاد الإفريقي أفضى إلى انفراجة بالتزام إثيوبيا بعدم الملء إلا بعد التوصل إلى اتفاق.

توقّعات بانفراجة

من جهته، حلل أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، د. نادر نور الدين، لـ "الجريدة"، مسارات أزمة سد النهضة، وتوقّعات حول الاتفاق المرتقب، قائلا: "ما تم الاتفاق عليه في القمة الإفريقية المصغرة يعد انتصارا كبيرا للدبلوماسية المصرية التي كسبت الرأي العام العالمي وأقنعته بعدالة موقف القاهرة، وهنا لم تجد أديس أبابا إلا الخضوع للموقف الدولي الرافض لمحاولتها الإضرار بمصالح مصر المائية، وهو موقف مبشر".

وتابع خبير المياه الدولي: "تم الاتفاق على المسائل الفنية التي تشكل نحو 90 بالمئة من المفاوضات، ونستطيع أن نقول إن مصر كانت لها 4 مطالب أساسية، وتمت الاستجابة لها، وهي: تحديد إثيوبيا لسنوات ملء خزان السد بشكل واضح، واستثناء سنوات الجفاف والجفاف الشديد من تلك السنوات، وأن تكون الأولوية في هذه السنوات لدولتي المصب مصر والسودان".

وتابع: "المطلب الثالث هو تحديد أديس أبابا كمية المياه المحتجزة كل سنة والتي تدور بين 10 و15 مليار متر مكعب، مع السماح لإثيوبيا بزيادة الكمية في سنوات الفيضان الشديد، أما المطلب الرابع فيتمثّل بتحديد أديس أبابا لما سيتم ضخه من مياه في مجرى النيل الأزرق بعد انتهاء عملية الملء، وهي كمية تقدر قبل بناء السد بـ 49 مليار متر مكعب، وتريد مصر ألا تقل عن 40 مليارا".

وأردف نور الدين: "تم الاتفاق على معظم هذه النقاط وفقا لوجهة النظر المصرية التي تنتصر لحق إثيوبيا في التنمية، مع الحفاظ على حق الشعبين المصري والسوداني في الحياة، لكنّ الأزمة كلها في المناقشات القانونية، لأن مصر والسودان تطالب باتفاقية قانونية ملزمة تحدد آلية واضحة لمحاسبة إثيوبيا وتحديد الجهة الدولية المحكّمة حال مخالفة الأخيرة للاتفاق، في حين تريد أديس أبابا التوقيع على اتفاقية غير ملزمة".

وأشار إلى أن "إمكانية المراوغة الإثيوبية في هذه الجولة من التفاوض محدودة جدًا، ويبدو أن أديس أبابا تستجيب للمطالب المصرية والسودانية، لأنها فقدت التعاطف الدولي، وهنا تحاول حل الأزمة قبل أن يتولّى مجلس الأمن الدولي بتّها، لأنها تدرك جيدا أن موقفها ضعيف، فالدول الكبرى والمجتمع الدولي بات على معرفة بالفكر العدواني الإثيوبي ضد مصر.

مصر من أكثر دول العالم جفافاً ونعتمد على النيل بنسبة 97% وزيرالري المصري
back to top