ماذا تعلمت من يورغن كلوب؟

نشر في 29-06-2020
آخر تحديث 29-06-2020 | 00:03
استطاع الألماني يورغن كلوب كسب حب وتقدير الملايين من عشاق كرة القدم، وخصوصا جماهير ليفربول، التي انتظرت 30 عاما للفوز بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز، والذي لم يأت من فراغ، فقد عمل كلوب بجهد واستحق أن يكون أيقونة ومثالا يحتذى به في عالم «الساحرة المستديرة».
الأندية والشخصيات الرياضية من وقت إلى آخر تؤخذ بعين الاعتبار كمثال يحتذى به لشرح بعض المفاهيم للاستفادة منها خلال دراسة بعض الحالات الخاصة.

ونادرا ما يتم الحصول على فرصة لجمع العديد من الدروس التي لا تقدر بثمن، من خلال مصدر واحد فقط، وهو الأمر الذي ينطبق على المدرب الألماني يورغن كلوب، الذي يعتبر الرجل الأول في عالم كرة القدم حاليا.

لقد فتنت بيورغن كلوب منذ اليوم الأول الذي حطت به قدماه في مدينة ليفربول، بالإمكان تمييز الفوارق الكبيرة بينه وبين من سبقوه في الإشراف على النادي الإنكليزي العريق، وليس بالأمر أي تقليل من احترام المدربين السابقين، ومع ذلك كان واضحا أن كلوب سيحقق نتائج أفضل بكثير ممن سبقوه خلال مدة زمنية معينة.

فمن خلال التخطيط الدقيق الذي رسمه العبقري الألماني، حصد كلوب الكثير داخل وخارج المستطيل الأخضر، فقد تمكن من كسب احترام وتقدير الجميع، سواء أنصار ليفربول أو حتى ألد الخصوم، حيث يحظى كلوب بسمعة طيبة كإنسان قبل أن يكون مدربا لفريق كرة قدم.

وفيما يلي بعض الدروس التي يمكن الاستفادة منها في الحياة العملية للكثير من الاختصاصات:

قرار قبول عرض ليفربول

تحدي قبول مهمة تدريب ناد مثل ليفربول لا يعتبر سهلا على الإطلاق، فعملاق إنكلترا يملك تاريخا كبيرا وجماهير ووسائل إعلام بإمكانها التأثير بشكل كبير، وزيادة الضغوط على أي مدرب، أعوام طويلة من الفشل والإحباط، حتى ان العديد من أنصار الفريق الأكثر عشقا للنادي يعلمون أن الجلوس في مقعد المدير الفني لليفربول لا يعتبر خيارا مناسبا أو جذابا للكثيرين، فلماذا قبل كلوب هذا التحدي؟

أعتقد أن كلوب كان على دراية تامة بكيفية إدارة الأمور واللعب في استاد "انفيلد"، وعلم أنه يمتلك حاسة التواصل مع منظومة الفريق، وإدارته التي وضعت ثقتها بالمدرب الألماني من أجل إعادة أمجاد "الحمر".

ويستفاد من هذه الجزئية أنه عندما تكون لديك الفرصة للاختيار واتخاذ القرار، تأكد من توافق القيم والأهداف المشتركة بينك وبين صاحب العمل (كلوب وإدارة النادي)، من أجل وضوح الرؤية والعمل بخطة زمنية طويلة الأمد لتحقيق الأهداف المشتركة.

التواصل مع المدينة

سكان مدينة ليفربول لم تكن كرة القدم بالنسبة لهم مجرد هواية او رياضة، بل كان النادي بالنسبة لهم يعد مذهبا يرتبطون معه بالكثير من المشاعر والعاطفة، وقد عرف كلوب عمق هذه الرابطة، وعمل على لعب كرة قدم تصل الى قلوب هؤلاء العشاق، طريقة لعب تصنع العظماء على غرار بيل شانلي وبوب بيزي وكيني دالغليش، لذلك نجد كلوب قد تمكن من كسب حب واحترام الجماهير التي تتفاعل معه داخل الملعب، وهو لا يقل حماسة عنهم بعد كل انتصار يحققه.

الدرس المستفاد من هذه الفقرة هو أهمية دراسة الأشخاص الذين يعملون أو ينتمون للمؤسسة التي تريد الانضمام لها، الأشخاص هم من يحددون ماهية المنظمة التي تعمل بها، لكن لا يمكنك أن تتوقع أن يشاركك الجميع نفس العاطفة التي تحملها أو الثقافة التنظيمية، الوصول الى المعرفة بثقافة الأشخاص في المنظمة سيساعد في اتخاذ القرار الصحيح، والتأكد من إمكانية العمل والتعاون مع بقية افراد المؤسسة وتحقيق النجاح على المدى الطويل.

بصمتك الخاصة

خلال الأيام الأولى لكلوب مع ليفربول، انتقد العديد أسلوبه وطريقته، حيث تعرض العديد من اللاعبين للاصابة، وكذلك لم يتمكن بعضهم من إكمال المباريات، بسبب الارهاق والاحمال العضلية التي يتعرضون لها، لكن لم يستسلم كلوب لتلك الضغوط وبدا مثابرا لاكمال مهمته، كان يعرف قيمة النجاح الذي من الممكن أن يتحقق في حال نجح أسلوبه الخاص كما هي حال براءات الاختراع.

وكانت لإدارة ليفربول مساهمة كبيرة في نجاح كلوب، حيث مدت له يد العون وثمنت المجهود الذي يقوم به ليحصل على الوقت الكافي لمواصلة العمل.

وكان كلوب يعرض طريقته على اللاعبين بدقة شديدة، مدعومة ببيانات وتفاصيل تم الحصول عليها بعد دراسة ومجهود كبير، لذلك بعد أن تمكن نجوم "الريدز" من فهم مخطط وطريقة كلوب كان من السهل رؤية نتاج ذلك العمل على أرض الملعب.

والدرس المستفاد هو أهمية الحرص على التخطيط الدقيق والالتزام بتنفيذ كل التفاصيل لتلك الخطة، قد يتم إجراء بعض التعديلات الطفيفة على تلك الخطط، لكن الفكرة العامة يجب الالتزام بها.

كقائد، يكمن النجاح في وضع افضل طريقة للمهمة التي ستقوم بها، ومدى قدرتك في الحصول على موافقة الادارة لتنفيذ خططك، واخيرا، الى اي مدى يمكنك مساندة فريقك على تصور الفائدة النهائية من أجل حثه على تنفيذ كل التعليمات.

مهارات الإدارة البشرية

ربما تعد مهارات الادارة البشرية من أهم مميزات الألماني يورغن كلوب، إنه يتعامل بحزم مع اي شخص يبدي عدم اكتراثه بتنفيذ التعليمات، استذكر على سبيل المثال مامادو ساخو، في المقابل بإمكان كل اللاعبين الجزم بأن كلوب يستطيع اظهار كل إمكاناتهم في حال استمعوا الى نصائحه وتعليماته، فهو حقا قائد ويحمل الكثير من المشاعر الإنسانية على حد سواء.

ومن الأمثلة على ذلك تصريح قائد الفريق جوردان هيندرسون الذي قال فيه: "لقد نقل كلوب الكثير من عاطفته وشغفه الى اللاعبين والجماهير ايضا، اذا اردت ان تحصل على شخص واحد يحمي ظهرك فهو كلوب".

الدرس المستفاد هو أهمية تعزيز الانضباط واحترام الذات والشغف في اداء المهام اليومية، يجب تعليم الفريق التمسك بالقيم واظهارها من خلال العمل، في نهاية المطاف يسعى القائد الحقيقي الى ايجاد عدد من القادة بدلا من التابعين.

الصبر

لم يقم يورغن كلوب بإعطاء الكثير من الوعود بالنجاح في بداية مشواره مع الفريق، كما انه لم يلجأ الى عمل تغييرات كبيرة، لعدم خلخلة وضع الفريق والانسجام بين لاعبيه، وعلى ذلك لم يدخل الفريق في صفقات كبيرة في كل صيف، لقد طلب العمل لاربعة مواسم ووعد بلقب واحد فقط.

لم يكن هذا الامر ليدل على قلة طموحات المدرب الألماني، بل كان كلوب قد فهم المهمة التي انيطت به وكذلك اللاعبون الذين ورثهم من سابقه.

في 4 اعوام و9 أشهر، ليفربول اصبح بطل العالم وبطل اوروبا وكذلك بطل انكلترا بعد طول انتظار، كل هذا تم دون تكبيد المؤسسة اي مصاريف مالية كبيرة، بل على العكس تماما، فقد حقق النادي الكثير من الارباح والعوائد.

ويستفاد من ذلك أهمية الثقة بالنفس للقائد وتحديد اهداف ذكية، ثم الانتقال الى تطوير الذات واعطاء الثقة لفريق العمل، الصبر مهم جدا لكل قائد ناجح يسعى لبناء فريق يهيمن لفترة طويلة.

احتفال الجماهير ينتهي بحريق وطعن

وجهت شرطة ميرسيسايد اتهامات لشاب يبلغ من العمر 19 عاما، أمس، بعد اندلاع حريق خلال حشد للجماهير، الجمعة، للاحتفال بفوز ليفربول بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم.

واتُّهم الشاب بالتسبب في أضرار جنائية وإطلاق الألعاب النارية في مكان عام، بعد أن تسبب في اندلاع الحريق بالطابق الأول لأحد المباني التاريخية في المدينة.

واتُّهم شاب آخر، يبلغ من العمر 26 عاما، بالاعتداء على شخص آخر يبلغ 32 عاما، مما تسبب في تعرضه لإصابة خطيرة في الرأس.

وتمكنت إدارة الإطفاء من السيطرة سريعا على الحريق، ولم تكن هناك إصابات.

وتجمع الآلاف عند واجهة (بيير هيد) المائية، الجمعة، وأشعلوا الشماريخ الحمراء خلال الاحتفالات.

 وأدان بيان مشترك، أمس الأول، صادر عن نادي ليفربول ومجلس المدينة وشرطة ميرسيسايد سلوك الجماهير، حيث وصفوه بـ"غير المقبول على الإطلاق".

وبلغ إجمالي المتهمين، الذين ألقت شرطة ميرسيسايد القبض عليهم، 15 شخصا، حيث وجهت إليهم اتهامات بالقيام بأعمال عنف.

ووقعت 34 إصابة في حوادث منفصلة، من بينها ثلاث إصابات في حالة خطيرة، في حين تم الإفراج بكفالة عن الـ15 فردا الذين تم القبض عليهم، بينما تستمر التحقيقات.

* سانجاي نير كاتب وناقد رياضي

أهمية تعزيز الانضباط واحترام الذات والشغف في أداء المهام اليومية
back to top