اياد طه: أكتبُ روايةً إن أردتُ قول شيء عظيم

مؤلف «س. ع» يكشف سبب عدم ذكره اسم البطل

نشر في 24-06-2020
آخر تحديث 24-06-2020 | 00:03
عمل سردي مميز استطاع أن يلفت إليه الأنظار حين صدر قبل أشهر عن دار «الأيام»، وهو رواية «س. ع» للكاتب العراقي اياد طه، فقد حققت أصداءً جيدة على مستوى القراء والنقاد، لما تحمله من رسائل عِدة، بخلاف تنقُلها برشاقة بين أجواء شتى، وتأكيدها وجود أياد خفيّة تحاول تشويه فكر الشباب العربي وعقيدته.
وفي الحوار الذي أجرته «الجريدة» معه من القاهرة، يقول طه «إن أردت أن تقول شيئاً عظيماً اكتب رواية»، وعن الألغاز التي تضمنها العمل يؤكد أن «كل مبهم يُلهِم الخيال ويلهب الفضول»... وفيما يلي نص الحوار:
• حصولك على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي الإنساني كيف أفادكَ على مستوى الإبداع الأدبي؟

- حينما تكون على تماسٍ مباشر مع الوجع والفرح المرسوم في الوجوه، ستدرك أنَّ الحلول لا تأتي بأوامر مباشرة بل بالتوعية وخَلقِ الحلول المنطقيِّة عن طريق مخاطبة الجيل المؤمن بنفسه، فإن أَردتَ قول شيءٍ عظيم اكتب رواية.

الواقع وآلامه

• توظيفُك الخيال في الرّواية هدفه الابتعاد عن مآسي الواقع أم يأتي في إطار تقنيّة جذب القارئ؟

- قَد أَبتعد عن الواقع وآلامه للخيال، فالخيال فُرصة لنخلق فضاءات تُنعِش أيامنا، وكأيِّ كاتب يأخذنا الخيال إلى مداراتٍ تخلق نفسها وتُشكّل بيئة درامية للقارئ تسعدنا مرة وتحزننا مرة أخرى.

علم النفس

• «س. ع» اسم روايتك فإلى أَي مدى قَصدت لفت نظر المتلقي عبر عنوانٍ حداثيٍّ مثير للتساؤل؟

- كل مبهم يُلهِم الخيال ويلهب الفضول، وهذا ما يؤكده علم النفس، وقد احتوت سطور الرواية شرحَ رموزها.

إسقاطات عميقة

• غلاف الرواية يُثير الفضول... ما قصّة اللغة السومرية والكِلدانية معك؟

- لهذه اللغة إسقاطات عميقة في نفسي ترى كلماتها تأتي بخط عريض ثم تدق وتَرِق حتى تصبح كالإسفين، وهذا يشبه حال الإنسان منا حينما يقرر مصارعة الحياة وأوجاعها وصعوباتها في البداية وفي نهاية المطاف تركع له الحياة، لأنه يصبح قوياً واقفاً في وجه الصّدمات كالإسفين لا يهزه شيء.

الأفكار والعادات

• «القدس عاصمة فلسطين» عبارة جاءت في غلاف الرواية هل هي الرسالة الوحيدة المُبطّنة التي يحملها العمل أم ثَمّةَ ألغاز أُخرى؟

- هي الرسالة الثابتة والأسمى والأَوضح، أَما باقي الأُحجيات والألغاز التي جاءت بينَ السطور للقراء فقد أوردتها لتصحيحِ بعض الأفكار والعادات بشكلٍ يُخاطِب العقل الباطن مع خطواتٍ لتصحيحها.

• لَفتتني كلمة الإهداء في الرّواية، ما المعنى الذي تحمله وراء هذه الكلمة؟

- كتبت في كلمة الإهداء ما يلي: «لأولئك الذين قرروا في كل مجالات أعمالهم كيفما كانت أن يكونوا وطنيين خالصين لا شائبة تشوبهم، فأصبحوا مهمشين كالظلال، ومضوا دون أن يتعثر بهم أحد»، وقد قلت ذلك انطلاقاً من أن الشرفاء لا يُكثِرون من امتداح أنفسهم واستعراض أعمالهم، يودّعونَ هذه الحياة خِفافاً لا يُؤذونَ ولا يُوجِعون.

علاء الزبيدي

• ما سر اللوحات التي تضمنتها فصول الرواية؟

- شخصياً أعشق هذا الفَن، وأَرى في صديقي الرَّسام علاء الزبيدي فناناً مُلهِماً جَسّد عَبثيّة اللحظات في لوحة، وهذا يدفعُك إلى تأملها وجدانياً والاستغراق في تفاصيلها.

ما وراء الكلمة

• أَسماء الشخصيات هل لها بُعد في فكرك أم انها جاءت للتعريف بشخصيات الرواية فقط؟

- بالتأكيد لكل اسم بُعد عميق يستشفه القارئ من خلال النص وما وراء الكلمة.

نحن أوفياء

• برأيك الخذلان هو ما يصنع إنساناً شرساً كبطل الرواية أم أنها قداسة الواجب، وهل نبقى أوفياءً لمن خذلنا؟

- حُب الأوطان يصنع المستحيل، أما عن الوفاء فنحن أوفياء لذكرياتنا التي نصطفيها بغض النظر عمّن شاركنا إيّاها إن كفرَ بها وخذلنا.

• رُحتَ تُثري النص بتفاصيل جزئية عن البطل ولم تذكر لنا اسمه، لماذا؟

- ذلك لنستطيع أنا والقارئ أَن نرى الشخصية تتحرك أمامنا على الورق، أما اسم البطل فتركته من دون إشارةٍ لشخصٍ محدد، لكي يتسنى لكل شخص أَن يجعل من نفسه بطلاً يأخذ بيدِ من حوله إلى برِّ الأمان، ولا يتخلى عَمّن فَشِل في محيطه حتى لا يدفعه للذهاب في الطريق الخاطئ الذي لا عودةَ منه.

فجر الخليقة

• من يتصفح الرواية يجد فيها شيئاً من الكوميديا السوداء، ماتعليقك؟

- فوضى الحياة تُرخي ظِلالها على أرواحنا في لحظة فتقتحمنا المشاعر، قد نبكي فرحاً ونضحك ألماً... هي تناقضات الحياة منذ فجر الخليقة.

قلب امرأة

• كيف تناولت العلاقات الرومانسية وأبرزتَ دور المرأة في نسيج الرواية؟

- يبقى الرجل منا تائهاً حتى يضمه قلب امرأة، وبطبيعة الحال هي مَن تمنح العالَم ركنَه الآمِن.

فكر الشباب

• تضليل الشباب والعبث بالفكر من المشكلات المزمنة في عالمنا العربي كيف تعاملت معها في روايتك؟

- نعاني أيادي خفيّة تحاول تشويه فكر الشباب وعقيدته، وقد ابتعدتُ عن الأوامر المباشرة لتصحيح هذا الفكر، واعتمدت سرد تجاربٍ لشخوص الرواية يرى من خلالها الجيل كيفية الاختراق الفكري في عالمنا العربي.

عمل مختلف

• ما الذي تعكف على كتابته الآن؟

- بعد الاهتمام الرائع برواية «س. ع» من قبل القرّاء أوشكتُ على الانتهاء من جزئها الثاني، لأُريح تساؤلات القارئ حول النهايات، ولديّ عمل مختلف سيصدر قريباً لكي لا أَبقى حبيس العمل الأول ونجاحاته.

صلاح التِلاوي

• هل لديك كلمة أخيرة تحب أن تضيفها؟

- سعادتي كبيرة بوجودي معك وأمتعتني بقراءتك الجميلة للرواية، وكل الشكر لدار النشر «الأيام» التي احتضنت روايتي مُمثّلة في صلاح التِلاوي، والشكر موصول للكاتب الرائع أكرم عبد الله طاهِر لملاحظاته فقد كانَ ناصحاً أميناً.

فوضى الحياة تُرخي ظِلالها على أرواحنا في لحظة

نعاني أيادي خفيّة تحاول تشويه فكر الشباب وعقيدته
back to top