لزاماً علينا محاربة خطاب الكراهية

نشر في 17-06-2020
آخر تحديث 17-06-2020 | 00:10
 د. عبدالمحسن حمادة «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ».

(النساء - 148).

يكره الله أن يصدر من الإنسان النبيل الكلام السيئ، فالإنسان من أفضل مخلوقات الله، لذا يجب أن يتربى على الخلق الطيب لكي يرضي ربه ومن يتعامل معهم من البشر، وإذا كان الإسلام سمح للإنسان أن يرد الإساءة بمثلها فإنه فضل العفو والتسامح لكي لا تنتشر الكراهية في المجتمع.

ومن هذا المنطلق نرى من المؤلم ما نسمع ونقرأ من سباب وشتائم يطرحها البعض ضد الوافدين وشتم بعض المجتمعات العربية هذا الأسلوب البغيض الذي لم يكن مألوفا في مجتمعنا قبل سنوات، كنا نقدر الوافدين ونحترمهم، ونعتقد أنهم يقومون بأعمال تحتاجها الدولة، وهو الأمر السائد اليوم في دول الخليج الأخرى، لا نسمع من شعب البحرين ولا الإمارات ولا السعودية من يشتم الوافدين بل يحترمونهم، وينظرون إليهم على أنهم مقيمون لهم حقوق وعليهم واجبات.

هذا الخطاب السيئ الذي ظهر في مجتمعنا يقوم به مغردون ذوو ثقافة محدودة وعاجزون عن تحليل الواقع ومشكلاته بصورة علمية وموضوعية، ولكن المصيبة أنهم يتصورون أنهم علماء وقادرون على تقديم الحلول، فحصروا مشكلة الدولة بالوافدين وأنهم أصبحوا أكثرية، والحل عندهم طرد الوافدين لأنهم حرموا الكويتيين من الوظائف ليصبح الكويتيون الأكثرية لتتوافر لهم الوظائف الشاغرة.

وإذا ألقينا نظرة على الإحصاءات الرسمية فسنجد أن ما يقوله المغردون كلام خاطئ، لأن عدد سكان الكويت البالغ 4 ملايين و450 ألف نسمة، عدد الكويتيين 1.350، وعدد العاملين منهم في أجهزة الدولة 233 ألفا يمثلون 77% من العاملين بتلك الأجهزة، أما غير الكويتيين فعددهم 70 ألفا تقريبا يمثلون 23% من العاملين بتلك المؤسسات، ويعملون في وظائف تحتاج لها الدولة ولا يوجد من يشغرها من الكويتيين، كأطباء وممرضين وممرضات ومدرسين وأئمة ومؤذنين في المساجد، وفراشين ومراسلين، وقلة لا تذكر من المستشارين التي تحتاج لها تلك المؤسسات، كما أشار المستشار الفاضل محمد بن ناجي أن لدى السلطة القضائية 60 مستشارا غير كويتي يعملون في الجهاز القضائي لا يمكن الاستغناء عنهم في الوقت الحاضر.

أما الغالبية العظمى من القوة العاملة غير الكويتية فتتمركز في القطاع الخاص منهم تقريبا 700 ألف عمالة منزلية، لمساعدة النساء ليذهبن في الصباح إلى مراكز عملهن لخدمة المجتمع، فإذا رجعن مرهقات من العمل يجدن بيوتا نظيفة ومرتبة، والطعام قد أعد حسب رغبتهن، وهناك من اهتم برعاية الأطفال، وسائق سيهتم بتنظيف السيارة، وهي نعمة من الله ما كانت متوافرة قبل سبعين عاما.

وهناك مئات الآلاف من القوة العاملة الوافدة تعمل في قطاع البناء والإعمار، يبنون البيوت والمدارس والطرق والجسور ودور العبادة والمراكز الصحية، وآلاف من عمال النظافة لتنظيف الطرق والشوارع، وقد تضطرهم ظروفهم للعمل في الشمس في صيف الكويت الحار، أو في البرد والمطر قي الشتاء، وهناك آلاف من القوة العاملة الوافدة تعمل في قطاع التعليم الخاص، من جامعات ومدارس خاصة، يضاف إلى ذلك القطاع الصحي الخاص من مستشفيات وعيادات صحية، ومراكز رياضية.

يتضخ لنا من هذا كله أن المجتمع الكويتي مجتمع حيوي، وقادر على خلق فرص أعمال جديدة، ومنها أعمال لا يستطيع أن يقوم بها الكويتيون، ولا ضرر من استيراد القوة العاملة الوافدة للقيام بتلك الأعمال، ومن المؤكد أننا إذا عزمنا على تنفيذ مشروع مدينة الحرير الحيوي وتشييد ميناء مبارك فسنحتاج إلى قوة عاملة جديدة لتنفيذ ذلك المشروع.

back to top