خارج عباءة البرستيج

نشر في 12-06-2020
آخر تحديث 12-06-2020 | 00:05
 د. نبيلة شهاب كان لافتاً للنظر اندفاع البعض للمقاهي بعد افتتاحها جزئياً! والأدهى والأمر انتظارهم مدة طويلة حتى يصل طلبهم، فمن يشاهد منظر الازدحام الشديد ينتقل مباشرة بخياله إلى مكان آخر للحدث، وهو مكان تجهيز القهوة أو المشروبات والمأكولات من ربكة وسرعة وانعدام للنظافة، في محاولة لتجهيز الطلبات الكثيرة بأسرع ما يمكن، كل ذلك قد لا يكون على حساب نظافة الطعام فقط، بل حتى على حساب طعمه المعتاد، هل يستحق الأمر كل ذلك؟!

وما إن بدأت بعض المطاعم باستقبال الناس جزئياً حتى تهافت البعض بطوابير طويلة عليها! وإن من يرى ذلك يشعر بالمرارة و الإحباط، فالبعض وللأسف الشديد لم يعوا ولم يتعلموا أفضل دروس أزمة "ڤيروس كورونا".

إن تغيير النظام الغذائي للفرد والتخلص من الاعتماد على المطاعم والكافيهات والتحول الإيجابي ناحية الطعام المفيد يعتبر إنجازاً، فإعدادنا لطعامنا بأنفسنا وما يترتب عليه من حصولنا على وجبات صحية ونظيفة وقليلة السعرات الحرارية، لهو عادة سلوكية صحية مهمة جداً يجب علينا التمسك بها.

وتعتبر فترة أزمة كورونا فرصة ذهبية لتغيير مفاهيم شبابنا وغرس مفاهيم مهمة عند أطفالنا، بأن أفضل الطعام هو ما نصنعه بأنفسنا، مما يخلق داخلنا شعوراً بالراحة والرضا لمعرفتنا تفاصيل ومكونات ما نتناول من طعام، ولثقتنا بهذه المكونات الصحية وكيفية إعداده، وكذلك لشعورنا بالإنجاز كوننا أعددناه أو شاركنا في إعداده بأنفسنا.

الى جانب محاولة القضاء على المظاهر الكاذبة وتقليد الآخر، فبعد انتشار عادة تصوير الطعام والتفاخر في ذلك في وسائل التواصل المختلفة، أصبحت هذه السلوكيات السلبية عبئا مالياً واجتماعياً على الفرد والأسرة، فكثير من الشباب والشابات يذهبون إلى أماكن لا تناسب قدراتهم المادية، والسبب حب المظاهر وحتى لا يشعروا أنهم أقل من الآخرين!! وما يدعِّم كلامنا أن الكثير من الأسر استطاعت الادخار خلال هذه الأزمة، والسبب الرئيس الانقطاع عن الذهاب للمطاعم والمحلات الغالية.

وبنظرة جدية نجد أن الكويت تعتبر من أكثر الدول احتياجاً لتعديل النظام الغذائي للفرد، وذلك لأنها تصنف من أعلى الدول في انتشار السمنة، وما يترتب عليها من أمراض خطيرة، فتغيير مفاهيمنا في الحياة مهم جداً، وحتى في أجمل أوقات العام في الكويت، نقضي ساعات الإجازة الأسبوعية في المقاهي والمطاعم، بدلاً من القيام بالتنزه في الأماكن المفتوحة كالحدائق أو على البحر أو ممارسة الرياضة وخلافه، حتى أصبحنا وللأسف لا نعرف كيف نستمتع بأوقاتنا بما يعود بالفائدة علينا جسدياً ونفسياً واجتماعياً وحتى مالياً.

ونحن لا نعني مقاطعة المقاهي والمطاعم أبداً، لكن تقليل عدد مرات زيارتها والاقتصار على تناول أطعمة بسيطة، ويكون وجودنا لإشباع النواحي الاجتماعية أكثر من أي شيء آخر، فعلى سبيل المثال يكون المطعم أو المقهى للالتقاء بالأصدقاء، أو لتناول الأسرة الطعام في مطعم يحبه الجميع مرة بالأسبوع كنوع من التغيير والتقارب النفسي الاجتماعي.

ويبقى هذا التساؤل الملح: هل ارتياد المطاعم والمقاهي يعتبر نوعاً من البرستيج أم هو تقليد أعمى، وهل اختيار المطعم يخضع للمظاهر الاجتماعية الكاذبة أم احتياج شخصي للتغيير ومكافأة الذات؟

كل ما نتمناه ألا تمر هذه الأزمة دون أن نتمسك جيداً بما استفدناه منها، ونفكر جدياً في تحسين نظام حياتنا الصحية.

back to top