الشاعر والمترجم حسين نهابة: إسبانيا منهل لعشاق الثقافات الأجنبية

«زفرة العربي الأخيرة» مسرحية كتبها الأديب والمترجم العراقي عن ضياع قرطبة

نشر في 08-06-2020
آخر تحديث 08-06-2020 | 00:04
تحمل أعمال الشاعر والمترجم العراقي حسين نهابة عبق التاريخ الأندلسي، فالقارئ لأعماله يتلمس شوارع قرطبة، وقصور غرناطة القديمة وبطولات الأجداد، كما في أعماله «زفرة العربي الأخيرة»، والتي تحمل أوجاع عبدالله الصغير، الذي باع الأندلس في لحظة طيش، وأيضاً في «عائشة الحرة»، التي تتحدث عن الأم المناضلة التي صارعت للمحافظة على ابنها ومملكة الأندلس.
ولفت نهابة الأنظار، في الآونة الأخيرة، من خلال مؤلفاته الشعرية وترجماته العديدة للأدب الإسباني، حيث قدم للمكتبة العربية اكثر من 30 كتاباً، تتنوع بين القصة والمسرح والرواية، وكان لـ «الجريدة» معه هذا الحوار، فماذا قال:
• ما الذي جذبك للثقافة الإسبانية؟

- الثقافة الإسبانية منهل وإرث ثقافي، ليس لي فحسب بل لجميع متتبعي الثقافات الاجنبية، والأدب الإسباني هو اللغة التي اخترتها في أول قائمة للتقديم للدراسة في جامعة بغداد بكلية اللغات، والتي تخرجت منها ضمن أول دفعة بتفوق، لكي استمتع بالتاريخ الاندلسي، ولم تتركني الإسبانية لحظة فكانت معي في البيت وفي السيارة، فاستمع بشغف الى أغاني خوليو ايغليسياس، وكل ما أعثر عليه من أغاني غجرية ومطربين من أميركا اللاتينية، من يدرس الأدب الأندلسي لا يستطيع أن ينحرف مساره عن متابعاته، كنتُ شرهاً في متابعة السينما الإسبانية وأميركا الجنوبية، هذه القارة التي ما تزال تحمل أسراراً أدبية كبيرة وأدباء كبار، وهي القارة التي انطلقت منها الواقعية السحرية والسريالية التي أنتجت ذهباً أدبياً وما زالت تنتج، وكانت بدايتي ترجمة قصص قصيرة للأطفال، ورواية "البحّار الصغير" عن اللغة الاسبانية، وكانت فرحتي لا تُوصف.

لحظة طيش

• أصدرت مسرحيتين تاريخيتين عن سقوط الأندلس ماذا عنهما؟

-بالفعل أصدرت مسرحيتين؛ الأولى بعنوان "زفرة العربي الأخيرة "، وتناولت أوجاع عبدالله الصغير الذي باع الاندلس في لحظة طيش، والهضبة التي وقف عليها وبكى بدموع سخية بعد ان سلّم مفاتيح الأندلس وغادرها مُحمّلاً بالهدايا الثمينة وبالندم، وهذه الهضبة ما تزال قائمة الى الآن، والثانية بعنوان "عائشة الحرة"، وتحكى قصة الأم المناضلة التي حاولت عبثاً بجهدٍ ثري وصراع سلمي جبّار للمحافظة على ابنها ومملكة الأندلس وما يزال الاسبان يحترمونها ويحافظون على اسمها من خلال مرقد صغير في حي البيازين، لأنها كانت مثالاً للمرأة الحرة.

• هل هناك نقاط تشابه أو تقاطع بين بنية النص العربي والاسباني؟

-لا ليس هناك أي تشابه فالشعر العربي مر بمراحل عديدة بدأت بشعر التفعيلة القديم الذي ما يزال يكتبه بعض الشعراء، ثم انتقلت إلى الشعر الحر، ثم الى قصيدة النثر، وفي الشعر الغربي بشكل عام والاسباني بشكل خاص ليس هناك شعر تفعيلة ووزن كما موجود بالشعر العربي، وهناك أنواع من القصائد التي تحتوي على قافية وتتكون من 12 بيتا تسمى (السوناتات) اشتهر بها الشاعر بابلو نيرودا، لكنها بشكل عام قصائد نثر.

فلسفة الأمم

• ما رؤيتك لمسيرة الترجمة من اللغة الاسبانية؟

-كانت الامة العربية هي السباقة في نقل علوم وفلسفة الأمم المجاورة، وفي عهد المأمون تم افتتاح دار الحكمة للترجمة، ويقال إن هذا الخليفة كان يمنح وزن الكتاب المترجم ذهباً تشجيعاً للترجمة، والمترجم المُتمكن من ادواته هو الذي يحافظ على نقل إبداع الآخر بكل دقة وأمانة، والحكم عليه يبقى للجمهور ولم أعانِ في ترجمة الشعر العربي إلى الإسبانية وبالعكس، أبداً، سوى في مرات نادرة، لأنني شاعر وأشعر بالكلمة قبل نقلها الى اللغة الأخرى.

سن مبكرة

• رحلتك مع الكتابة الادبية بدأت منذ زمن مبكر، ماذا عنها؟

- بدأت الكتابة في سن مبكرة، ولم اكن أعرف ما أكتب، كنت أكتب فحسب وأتذكر أنني في عمر 16 كتبت رواية، لكن مؤكد انها لم تكن تحمل مواصفات الرواية، بل كانت عبارة عن مشاهداتي لبعض الافلام التي منها انبثقت فكرة الرواية. وفي عمر 17 شاركت في مسابقة دولية للقصة لفئة الشباب على مستوى الوطن العربي، وحصدت الجائزة الثالثة، لكن للأسف الشديد توقفت عن كتابة القصة واتجهت الى التركيز على قراءة القصص والروايات باللغة الانكليزية.

خيبات الأمل

• "سبعة دواوين شعرية" انتاب بعضها شحنات من الآلم، ماذا تقول أنت عن قصيدتك؟

- يهيمن على قصيدتي الحزن وخيبات الأمل، وما أكثر أحزان الشاعر، ومؤكد أن اختلاطي واطلاعي على الثقافات الأجنبية أسهم الى حد ما في إنضاج موهبتي الشعرية، ولم أبحث يوماً عن الشعر، وأخطط له لكن ما يحيط بي يتملكني ويجرني إلى الكتابة.

النصوص الشعرية

• ما هو الخيط الخفي بين الشعر والترجمة؟

- كل منهما فن مستقل بحد ذاته، وأنا شاعر وأشعر بالكلمة قبل نقلها إلى اللغة الأخرى، وبالنسبة إلى النصوص الشعرية، من الأفضل أن يكون المترجم شاعراً حتى يحافظ على نقل إحساس النص.

أربعة كتب

• ماذا عن مشاريعك المقبلة على مستوى الشعر والترجمة؟

- لهذا العام لدي النية إصدار أربعة كتب مترجمة: الجزء الثاني من موسوعة الشعر المعاصر لمئة شاعر وشاعرة عرب، والجزء الأول لموسوعة القصة العربية المعاصرة، ورواية مترجمة، وموسوعة الشعر الإسباني المعاصر، اضافة إلى ديوان شعري من تأليفي.

حجر منزلي

• كيف تقضي يومك في ظل الحجر المنزلي بسبب كورونا؟

- قبل هذا الحجر الاضطراري، كنتُ أحجر نفسي ذاتياً لأكمل ما بذمتي من ترجمات وكتابات، اما وقد جاء هذا الحجر، فلم يغير من الامر شيء.

20 كتاباً و6 دواوين شعرية

صدر للشاعر والمترجم حسين نهابة أكثر من 20 كتاباً، مترجما، بالاضافة إلى ستة دواوين شعرية، وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، ويقيم حاليا فى لبنان، ومن اعماله الشعرية: تجليات عطش، وطقوس ما بعد الأربعين، وفجر التعاويذ، وصلاة الغائب، وتنهيدة وجع، واعذرني إن لم اودعك. ومن ترجماته عن اللغة الإسبانية: عاصفة في الكون، والانهيار، والقرود الذهبية الثلاث، وامبراطورية ري افاراكس، ورحلة الدوقة آنا.

الأمة العربية كانت السباقة في نقل علوم وفلسفة الأمم المجاورة

كنتُ أحجر نفسي ذاتياً لأكمل ما بذمتي من ترجمات وكتابات

يهيمن على قصيدتي الحزن وخيبات الأمل وما أكثر أحزان الشاعر!
back to top