الانعزال والخوف المرضي

نشر في 05-06-2020
آخر تحديث 05-06-2020 | 00:11
 د. نبيلة شهاب الانعزال المستمر عن المجتمع يولد عند البعض الخوف من الخروج من المنزل والخوف من الاجتماع بالآخرين وغيره من المخاوف المرضية التي يكون أساسها وبدايتها الخوف على الذات، أو الخوف على من نحبهم، ويتطور بطريقة سلبية ويتمادى حتى يصبح من الصعب التعامل معه والسيطرة عليه، ويؤثر بشدة على قيام الفرد بمتطلبات حياته اليومية والتعامل الاجتماعي السليم، وتصبح العزلة ديدنه حتى مع زوال الأزمة.

وفي ظل أزمة كورونا وما يصاحبها من مخاوف، نجد أن الإنسان يستطيع التغلب على الخوف بأخذ الاحتياطات المناسبة والابتعاد قدر الإمكان عما يضره، فالخوف الطبيعي في ضوء أزمة كورونا هو "الخوف من الإصابة بالمرض وما يترتب عليه"، ويستطيع الفرد السيطرة على ذلك وتقليل تأثيره عن طريق الالتزام بالتعليمات.

لكن لو تطور الأمر وتحول الخوف الى مخاوف مرضية فستبدأ عملية السيطرة عليه تأخذ منحى آخر فيها من الصعوبة والتأزيم الشيء الكثير، وتحتاج وقتاً طويلاً للتخلص منها، ولذلك من المهم جداً أن يمارس الفرد جزءا من حياته السابقة مع الالتزام بالحذر الشديد، فالانعزال الكلي داخل المنزل يضر الكثيرين من الناحية النفسية إلا إذا كان الوضع الصحي خارج المنزل صعب جداً وخطر، فهنا الوضع مختلف.

بالنسبة إلى الوضع الحالي في الكويت يستطيع الفرد الخروج من المنزل في الساعات المسموح له سواء كان الحجر كليا أو جزئيا، مع اتخاذ أقصى أنواع الاحتراز حماية لنفسه وللآخرين، وفي هذه الاستراحة من جو المنزل عليه ألا يفكر بالمرض أو ما يثير خوفه، بل عليه أن يستمتع بكل لحظة ويفكر بإيجابية وتفاؤل، حتى يجني ثمار خروجه وحركته ومشيه من راحة نفسية وتقوية للجسم ورفع مستوى مناعته، ولا ننسى أن الحالة النفسية السلبية لها تأثير سيئ جدا على مستوى ودرجة المناعة، فكلما كانت الحالة النفسية إيجابية وتتسم بالتفاؤل زادت مناعة الجسم ومن ثم زادت قدرته على صد المرض أو مقاومته والتغلب عليه.

حتى كبار السن ومن يعانون أمراضا مزمنة يستطيعون الخروج لفترات قصيرة والابتعاد كلية عن الآخرين، حتى لا يتطور الضيق من البقاء في المنزل الى اكتئاب والخوف من الخروج الى خوف مرضي يؤثر على حالتهم النفسية وتفاصيل حياتهم. من المهم أن نخرج للحياة تدريجيا ولمرة أو مرتين أسبوعياً على سبيل المثال وبحذر شديد ورغبة وتفاؤل ودون خوف، ولنحارب من أجل حياتنا الطبيعية وسعادتنا قدر الإمكان، إلى أن تزول الغمة والوباء وتعود الحياة الى سابق عهدها باذن الله.

back to top