لعل الخير يكمن في الشر

نشر في 29-05-2020
آخر تحديث 29-05-2020 | 00:01
 محمد أحمد التيسي يقول الحق جل وعلا في سورة الكهف: «فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا»، ويقول: «فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً». فالذي لا يعرف هذه الآيات ولا يعلم لماذا نزلت يعتقد أن في ظاهرها شراً محضاً، ولكنها تتحدث عن قصة سيدنا الخضر مع موسى عليه السلام والذي يتم قراءة القصة سيعلم أنها ليست شراً بل فيها كل الخير.

مع تفشي فيروس كورونا ‫كتبت في إحدى تغريداتي عبر «تويتر»‬: «أعتقد أن لـهذه الأزمة فوائد عديدة أهمها اختفاء القيل والقال وهدوء الفتن الطائفية والقبلية والعائلية، وكان من المفترض أن هذا الوقت يكون بمثابة الأرض الخصبة لهذه الفتن»، خصوصا أننا مقبلون على حدث مهم للوطن والمواطن على حد سواء، وأفضل ألا أدخل في تفاصيل هذا الأمر مع أن أكثرنا يعلم أن خلف الكواليس فتنة للجميع.

قد يختلف معي الكثير ولكني مصرٌّ على أننا الآن في نعمة بعيداً عن المشاحنات والخلافات بمختلف أنواعها وأسبابها، فقبل كورونا وجدنا ظواهر سلبية عديدة انتشرت في مجتمعنا الكويتي بشكل غريب جداً وبعيداً عن الخلافات القبلية أو الطائفية رأينا الاختلافات العائلية التي تزايدت بشكل كبير، فهذه الأزمة برأيي لها انعكاسات إيجابية على العلاقات الاجتماعية الخاصة والعامة من أهمها إعادة خلق العلاقات الأسرية وتشكيلها من جديد على أسس قوية ومتينة، وتوطيدها بين أفراد الأسرة الواحدة.

أما من ناحية العلاقات ‏بشكل عام فقد رأينا بأم أعيننا كيف تضافرت جهود أبناء الكويت في مواجهة هذا الوباء وتعالت جميع الفئات على خلافاتها، وجعلت مصلحة البلد هي الأساس، فطغى الجانب الإنساني وظهر جليا بعد أن كان متواريا، ورأينا المبادرات الإنسانية بشتى أشكالها وصورها في بلدنا الحبيب.

كما أن الدولة لم تدخر جهدا في تسخير كل إمكاناتها وطاقاتها لاحتواء هذا الوباء، فكان لزاما علينا نحن أبناء الكويت أن نرد الجميل بالمثل ونكون على قدر المسؤولية صفا واحدا بكل أطيافنا للخروج هذه الأزمة بسلام.

وفي ظل هذه الأزمة وفي غيرها من الأزمات لا بد من أن نتذكر قول الله تعالى: «وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ».

back to top