سليمان الشطي: «بيت القصيد» و«ماستر سين» وجهان لعملة واحدة

في محاضرة نظمتها رابطة الأدباء الكويتيين عبر «إنستغرام»

نشر في 28-05-2020
آخر تحديث 28-05-2020 | 00:03
أكد د. سليمان الشطي أن بيت القصيد، المعنى الأدبي المعروف، يقابله سينمائياً «ماستر سين»، فهما وجهان لعملة واحدة؛ الأول أدبياً والآخر سينمائياً.
أقامت رابطة الأدباء الكويتيين، عبر صفحتها على «إنستغرام»، محاضرة أونلاين بعنوان «بيت القصيد في إبداعات عالمية»، قدمها الأديب د. سليمان الشطي.

في البداية، قال الشطي: «هذا المعنى (بيت القصيد) اخترته لأقوم بنقله من المفهوم الأول في الاستخدام العربي، إلى الأعمال الأدبية الحديثة، واسمحوا لي أن أقوم بالتفاته صغيرة تسهل الأمر، وتقربنا منه، فهناك تعبير نسمعه من نقاد الفن السينمائي، عندما يحللون الأفلام، يقفون عند مشاهد يعتبرونها بيت القصيد، أو حسب تعبيرهم ماستر سين، أو المشهد الرئيسي أو اللقطة المتميزة في هذا الفيلم. (بيت القصيد) و(ماستر سين) وجهان لعملة واحدة؛ الأول أدبياً والآخر سينمائياً».

فيلم الأرض

وتابع د. الشطي حديثه معطياً مثالا، فقال: «الأمثلة كثيرة، ودعوني اختار نموذجا من الأفلام، نذكر المشهد المؤثر والدال في فيلم الأرض، المشهور للفنان محمود المليجي، والشخصية المهمة الفلاح محمد سويلم الذي تمسك بأرضه ضد كل المغريات، وتحدى جبروت الطبقة المستبدة، تحدى المستعمر المسيطر، سجن، وأهين، ثم جاءت قوة السلطة لتستولي على الأرض، فتسمك بها، وسحل على أرضه، وكانت أظافره ممسكة بقوة، لينتهي الفيلم على هذه البصمة الكبرى (ماستر سين)».

وأضاف: «إن فكرة بيت القصيد التي استعرتها من الاستخدام العربي، وبهذا المعنى الذي تطرقت له، لها تجليات كثيرة في الأعمال الأدبية التي أخذت مكانها على رفوف المكتبات، أعمال أدبية كثيرة جدا، يسعدني أن اختار بعضها. لكن، اضطر أن اختار أعمالا شهيرة، كي استطيع استحضار المشهد الذي أتحدث عنه. فأبيات القصيد والجوهر في الأعمال كثيرة، لكن حتى نكون على خط متقارب اخترت النماذج التي هي معلومة لديكم حتى ألجأ إلى قليل من الشرح والبيان».

أمثلة عالمية

ثم تطرق د. الشطي إلى مجموعة من الأمثلة العالمية، ومنها رواية «البؤساء» وقال: «من الأعمال المهمة التي تعرفونها حق المعرفة رواية البؤساء، ولعل أشهر المواقف في الروايات العالمية، المشهد الذي ينفتح على جان الشخصية الرئيسية، الذي أطلق سراحه بعد 19 عاما قضاها في السجن، بسبب سرقته رغيف الخبز، فحكم عليه حكم قاس شعر بالظلم، وحاول الهرب أكثر مرة، وفي كل مرة يتضاعف العذاب، ومن خلال عقاب جديد، أفرج عنه بعد مدة طويلة، التقى بالرفض الاجتماعي، ينام على قارعة الطريق، تتحكم فيه رغبة الانتقام، وفي ليلة يتجول فيها بالطرق لا يجد إلا بيت قس في احدى القرى، الذي يستقبله ويكرمه ويطعمه، لكنه يكافئه بأن يسرق منه أدوات فضية ويهرب، وتقبض عليه الشرطة، وتأتي به إلى القس فيظن أنه سيعود مرة أخرى إلى السجن، غير أن هذا القس يقول أمام الشرطة إنه هو الذي منحه هذه الأطباق، ويصر على أنه يأخذها، وقال عبارة: (لا تنسَ أنك وعدتني أنك تستخدم هذه الآنية الفضية لتصبح رجلا صالحا)، هذه الكلمات استقرت في ذهنه، خرج ولكنه عجز أن يقوم بأول سرقه، لقد حدثت لحظة تحول، (بيت قصيد) في شخصية جان، وبتعبير آخر اشترى روحه، ليحول جان من الحقد والكراهية، إلى محبة إنسان، إلى (رجل طيب)، كما وصفه في أحد الفصول».

أوديب والكاهن

وأوضح الشطي أن شراء الروح هو الدرس الذى بسطه لنا فيكتور هوغو في الرواية، وعلق: «هذا المشهد كما تعلمون قد مر عليكم، أصبح من أشهر المشاهد في هذه الرواية الضخمة التي قدمت في المسرح والسينما، ويتم اختيارها لأنه لا يمكن الاستغناء عنه لأنه (بيت القصيد)».

وبين أن هناك نماذج كثيرة، ولكن يذكر منها «أوديب»، لافتا إلى أن هناك أكثر من بيت قصيد، واختار مشهدين وهما مشهد المواجهة بين أوديب والكاهن ﺘﺭﻴﺴﻴﺎﺱ، ففي هذه المواجهة تلخيص للحاضر والمستقبل، أو ما ستؤول إليه الأحداث، أما الموقف الثاني أو بيت القصيد الثاني فظهور الرسول في آخر المسرحية حاملا خبر موت الملك بوليبوس، والذي كان أوديب سيرثه باعتباره ابنه، وهو ليس بابنه كما نعلم، لكن في هذه اللحظة يكشف الرسول شيئا آخر هو حقيقة أوديب، وأنه ليس ابن الملك الذي مات، مشيرا إلى أن هذا بيت القصيد.

نموذج كويتي

واختتم د. الشطي بنموذج كويتي لـ» بيت القصيد»، وقال: «زميلنا وليد الرجيب له قصة قصيرة عنوانها (برغي)، من مجموعته الأولى (تعلق نقطة تسقط طق)، وقصتها زوجة تخاطب زوجها المدرس الذي نمّطته المهنة، وهمه تصويب الأخطاء أينما كان، إذا رأى برنامجا أو فيلما أو إلخ... كل همه هو أن يعرب أو يتابع الأخطاء، وهكذا تعدد المواقف، وقد أدى إلى أن زوجته قررت أن تهجره، ويستيقظ الزوج صباحا على غياب الزوجة، التي هجرته وتركت رسالة، يفتح الرسالة يقرأ ويقرأ، ويمسح عينه من تحت نظارته من آثار النوم، ثم يبحث عن قلم الحبر حتى يصوب الرسالة، إنه مرض المهنة، التي تنمط صاحبها».

back to top