المرأة و«كورونا»... لم يبق إلا الاعتراف

نشر في 20-05-2020
آخر تحديث 20-05-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار وباء كورونا ليس مشكلة صحية فقط، بل كاشف لنقاط القوة والضعف، في المجتمعين المحلي والدولي، سواء بسواء.

فقد كشف لنا "كورونا" من ضمن ما كشفه، الدور الأساسي، لا المكمل، للمرأة في المجتمع، بالطبع ليس بهدف الانتقاص من دور الرجل، ولكن لتثبيت والاعتراف بدور المرأة المهمل.

فقد اتضح أن أغلبية الدول التي تقودها نساء حققت نتائج مبهرة في التعامل مع الوباء، فبلدان مثل تايوان ونيوزيلندا والدنمارك والنرويج وفنلندا وآيسلندا وألمانيا، جاءت نتائجها متقدمة، بأساليب مبتكرة، بل إنه حتى السويد تتراجع عندما تقارن بإطارها الإسكندنافي، فوفيات السويد لوحدها تمثل ثلاثة أضعاف الدول الأربع الأخرى مجتمعة. ينسحب ذلك على القيادات الفنية أيضاً، ففي كوريا الجنوبية، التي يشار لإدارتها للأزمة، فإن وراءها رئيسة مركز التحكم في الأمراض، وكذلك في ولاية كيرلا الهندية المتقدمة بمواجهة كورونا التي تقودها وزيرة الصحة.

لا يقتصر الأمر على القيادة السياسية، حيث نجد نسبة المرأة في الطواقم الطبية أكثر من ٧٤٪، فهل تختلف قيادة المرأة للمجتمع عن الرجل؟ هل المرأة أكثر اهتماماً وإدراكاً لمعاناة المجتمع؟ يبدو كذلك.

كانت الفكرة السائدة هي "لكي تنجح المرأة في السياسة فعليها أن تصبح كالرجل". كان يقال مثلاً إن رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر هي الرجل الوحيد في الحكومة البريطانية، تقليلاً من شأن المرأة بالطبع، وليس مديحاً لتاتشر.

سيبقى الإقرار والاعتراف بدور المرأة وقدرتها أمراً مطروحاً على الساحة العامة. بل حتى في اللغة يسعى البعض إلى "تذكير" المناصب قسراً؛ أي المرأة الوزيرة تصبح وزيراً ذكراً، رغماً عنها... وهكذا، خروجاً عن قواعد اللغة العربية، تثبيتاً لذكورية المجتمع.

في بداية الأزمة عندنا، وزع أحد ما صورة لطاقم طبي، أغلبيته من النساء، وكتب تحتها "الشدائد تظهر عزائم الرجال". لم يكن في الصورة إلا رجل واحد وسبع نساء. لا أظن أن من كتب ذلك ناكر للواقع بالضرورة، ولكنه نتاج لثقافة سائدة، مازالت تنظر للمرأة كتابع. وهي مشابهة لثقافة حرمان المرأة من المشاركة السياسية في الكويت، التي تم تعطيلها أكثر من ٤٠ سنة، دون مبرر يذكر، إلا النظرة التمييزية للمرأة.

ربما كان لـ"كورونا" فضيلة تثبيت الواقع، وكشف الحقيقة في أن الدور الذي تلعبه المرأة في الصفوف الأمامية يزيد على ثلثي الطواقم الطبية، وفي ذات الوقت تعاني المرأة ارتفاعاً مذهلاً في العنف المنزلي، بسبب "كورونا"، وخسائر اقتصادية كبيرة.

ربما آن الأوان أن تأخذ المرأة دوراً يتناسب مع إسهاماتها بالصوت والصورة.

back to top