منى واصف ترفض أدوار المرأة السطحية... وتبدع بشخصية هلالة (8-15)

منى واصف: مع أنطوان رينيه لم أصدق أنني تلك الجميلة الحنونة!

نشر في 20-05-2020
آخر تحديث 20-05-2020 | 00:03
تعرفنا في الحلقة الماضية على مجموعة من الأعمال التلفزيونية التي قدمتها الفنانة السورية منى واصف في الثمانينيات، وعن مشاركتها في الأعمال الدرامية وسفرها إلى الخليج، وتحديداً دبي، كما تعرفنا على موهبة أخرى تمتلكها النجمة، إضافة إلى التمثيل، وعلى الغناء، وأن مطربها المفضل أيام الشباب والمراهقة كان النجم المصري الراحل عبدالحليم حافظ.
تابعت الحديث مع مضيفتي سيدة الشاشتين، وسألتها إن كانت قد قابلت العندليب الأسمر، فكان جوابها: مرة وحدة فقط في حياتي، سنة 64، وكنت قد عدت للتمثيل مجددا، بعد بقائي سنة كاملة بالبيت. فبعد أن انتقل زوجي إلى ملاك مدني وعدت إلى التلفزيون كان الأستاذ نذير عقيل وقتها يقدم برنامجا تلفزيونيا وأشاركه في تقديم المقابلات مع الفنانين القادمين من مصر، لكن عند استضافة العندليب الأسمر لم يكن دوري بالبرنامج، فذهبت إلى التلفزيون وقتها لأشاهده، وكنت في الكونترول في استديو 2، وإلى الآن أتذكر ماذا كان يرتدي... كنزة لها قبة عالية، وهو كان مشهوراً بارتداء هذا النوع، وأعتقد أن لونها كان رماديا. وقفت أمامه مثل "المسطولة"؛ كما ينظر الجيل الجديد هذه الأيام إلى عمرو دياب مثلا أو غيره من الفنانين، أنا أفهم تماما لماذا يرونه بهذه الطريقة وكيف ينظرون له.

عندما نظرت إليه ذهلت فعلا، وكان زوجي مدير التلفزيون في تلك الفترة، فذهبت إليه في مكتبه وقلت له: "بيجنن بيجنن"، فقال لي: "شو يعني لفلك ياه بورق السيلوفان؟!"، وهذه كانت المرة الوحيدة التي أقابل فيها العندليب، ونظرت إلى الأستاذ نذير نظرة ترجي أن يجعلني أشارك معه في تقديم تلك الحلقة، لكن بالطبع لم يكن هناك مجال لحصول ذلك وقدم الحلقة لوحده.

وما زلنا مع سيدة الدراما، لنرى أنها شاركت في ثلاثة أعمال درامية عام 1988، وهي "صعاليك ولكن شعراء، ودكان الدنيا، وأرحل وحيدا". أما مسلسل "صعاليك ولكن شعراء" فقد مثلت فيه دور عنيزة، والعمل من إنتاج الإمارات العربية المتحدة، وإخراج: تيسير عبود، وتأليف: طه شبلي. والممثلون: منى واصف (عنيزة)، وأشرف عبدالغفور (طلحة)، وليلى حمادة (قعسوس)، وأحمد عبدالعزيز (تأبط شرا)، ومحمود مسعود (الشنفرى)، وسميرة محسن (خولة)، ورباب (سلمى)، وعبدالرحمن أبو زهرة (زعيم الصعاليك).

اقرأ أيضا

كما مثلت واصف في نفس العام دور هالة في مسلسل "دكان الدنيا"، والعمل سوري من إخراج: صلاح أبو هنود، وتأليف: ممدوح عدوان، أما من الناحية الموسيقية فكانت الألحان والموسيقى التصويرية للملحن سهيل عرفة، والكلمات لممدوح عدوان، والغناء للفنانة السورية النجمة: أمل عرفة. والبطولة: منى واصف، ومحمد العبادي، وجيانا عيد، وأسعد فضة، ورشيد عساف، ووفاء موصللي، وعدنان بركات، وأحمد عداس، وخالد تاجا، وسلوم حداد، وأحمد رافع.

وشاركت أيضاً في مسلسل "أرحل وحيدا"، وهو عمل لبناني من إخراج: ليال الرحباني. والممثلون: منى واصف، وأحمد الزين، ومادلين طبر، وفادي إبراهيم... وغيرهم.

الذئاب

تتابع منى واصف في نهاية الثمانينيات عملها ونجوميتها في الدراما، لتشارك عام 1989 في ثلاثة مسلسلات (ندم– الذئاب– عيون ترقب الزمن).

ونبدأ هذه السنة مع مسلسل "ندم"، وهذا العمل اللبناني يروي قصة حسن، ابن حسان وحسنا، الذي يزوره رجل عجوز ويطلب منه الذهاب إلى جزيرة البركان ليجلب له فانوساً ويأخذ كل الكنز المتبقي، فيحضر حسن الفانوس ويرفض إعطاءه للعجوز فيفقد بصره ويندم على حبه للمال، وذلك بعد أن تخلى عن زوجته الحامل وتسبب في وفاة والد زوجته قبطان السفينة التي أخذته إلى الجزيرة.

العمل من إخراج: رفيق حجار، وتأليف: عبدالمجيد مجذوب. والممثلون: منى واصف، وعبدالمجيد مجذوب، ومحمد إبراهيم، وسمر الزين، ونادية حمدي، وإسماعيل نعنوع، وسمير قماطي.

وقد أطلق على المسلسل أكثر من اسم، مثل جزيرة البركان، واصفعني وخذ دينارا.

وفي نفس العام لعبت منى واصف دور زمرد في مسلسل "الذئاب"، الذي أخرجه: علاء الدين كوكش، وألفه: عبدالكريم ناصيف. والممثلون: منى واصف، وهاني الروماني، وأسعد فضة، وثناء دبسي، وبسام كوسا، وزهير عبدالكريم... وغيرهم.

واشتهرت في عام 1989 أيضا بأدائها دور ضحى في مسلسل "عيون ترقب الزمن"، الذي يحكي عن غزو القبائل بعضها لبعض، والحقد والضغينة التي يمكن أن يحملها أفراد القبيلة الواحدة بعضهم لبعض، كما يركز على قصص متعلقة بالعشق عند البدو.

وهذا العمل سوري - سعودي مشترك بسبع عشرة حلقة تلفزيونية، وهو من إخراج: منذر النفوري. والممثلون: منى واصف (ضحى)، وعبدالرحمن آل رشي، وعبدالله السدحان (فدعان)، وجيانا عيد (نجود)، وناصر القصبي، وبكر الشدي (جوبان)، وسلمى المصري، وفاديا خطاب، وخالد سامي، وحسان يونس، ونجاح العبد الله... وغيرهم.

المرأة الحنونة

• هل مثلت يوماً ما دور فتاة ضعيفة مستكينة؟

بما أننا نتحدث عن أدوار الأمهات، فلابد لي أن أذكر أن من منحني دور الأم الحنونة أو سيدة دافئة من الداخل، بعد كل أدوار الأم التي لعبتها كان المخرج اللبناني أنطوان رينيه، رحمه الله، والذي كان يقوم بإخراج أعمال السيدة فيروز المسرحية جميعها، وقد مثلت معه في عملين اثنين هما "أرحل وحيدا"، و"زمن الحب". وجعلني فيهما تلك المرأة الدافئة من داخلها، ولم أصدق نفسي أنني أنا تلك المرأة الجميلة، وقد حصلت تغييرات قمت بها عندما ذهبت معهم إلى لبنان مع الفنانين عبدالمجيد مجذوب وأحمد الزين ومادلين طبر وسميرة بارودي، وقد تمت وقتها عمليات التصوير في اليونان، وكتبت النص شركة الشرق باللغة العربية الفصحى، بطريقة عصرية، وأتذكر أن زوجي محمد قال لي عن هذه الأعمال معلقاً: أنت جداً حنونة ودافئة.

ومع هذا التنوع في الشخصيات بين المرأة القوية والمرأة الحنونة شعرت بقدرتي على أداء هذه الأدوار بمختلف شخصياتها وتفاصيلها، والآن بعد أن كبرت أبحث عن دور الأم القوية، وأتذكر أمي وأم زوجي ومدرساتي، فكلهن كن قويات، ولا أقصد بالأم القوية تلك التي ترفع صوتها وتخانق من حولها، لا بل أقصد الأم التي تربي أربعة أو خمسة أولاد، وجميعهم يحصلون على شهادات عالية، في الوقت الذي تعاني من الأوضاع المادية غير الجيدة وتضطر للعمل في بيوت الآخرين، لتعيل وتربي أطفالها بشكل جيد، وأصبحت أخترع حياة لكل شخصية أقوم بلعب دورها حتى أفرق بين كل أم والأم الأخرى، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لنجاحي.

وبالإجابة عن السؤال الخاص بأدوار المرأة الضعيفة، فهناك أدوار تشبه الشخصية التي ذكرتها، ولكن تعتبر الفتاة سطحية، وقد رفضتها بطريقة دبلوماسية، فالمرأة التي مثلت دور جليلة في الزير سالم لن ترضى دور امرأة سطحية، ومنذ أن تزوجت محمد وأنا محاطة بناس مهتمين بالثقافة، كنت أجلس معهم وأستفيد منهم. في بداية الأمر لم أكن أستطيع مناقشتهم، ولاحقا -بعد أن اكتشفت أنني أفهم في مهنتي- أصبحت أدافع عن أدواري بعد حصيلة سنوات من القراءة والنجاح والتعب والفشل أيضاً، وأتذكر أنني كنت أتعرض للقدح أحيانا، كما أتعرض للمديح، فقبل البدء بالعرض المسرحي بساعتين كنت أفتح الجريدة وأقرأ ما كتب عني، ولو أن ممثلة أخرى تعرضت لذلك لكان من الممكن أن تبكي وتتأثر كثيرا، لكنني كنت أعتقد أن ما كتب كان ناتجا عن خطأ ما ارتكبته، ولا بد من إصلاحه. ومرة سنة 1971، كنت أشارك في عرض مسرحية "الزير سالم" بدور الملكة جليلة، وفي الوقت نفسه كنت قد مثلت بفيلم "ذكرى ليلة حب" ونسيت اسم الكاتب أو الصحافي، لكنني أتذكر ما كتبه حينها بعد حضوره المسرحية، وكان كلاما جميلا، ونفس الكاتب بعد ثلاثة أيام كتب مجددا عني وعن مشاركتي في الفيلم كلاماً لن أنساه أبدا فقال: منى واصف أنت ملكة على المسرح، فلماذا تخلعين تاجك بيديك؟ ملكة على المسرح، كومبارس في السينما. فقررت الذهاب لرؤية الفيلم وكان يعرض في سينما الحمرا وسينما الزهراء، وعندما شاهدته شعرت فعلا بأنه سخيف، وقررت بعدها أن أقاطع العمل في القطاع الخاص إلا إذا كان مدروسا، وكنت قد اشتغلت بالسينما لاعتقادي بأنها تمنح شهرة أكثر ومالاً أكثر.

هجرة القلوب

في عام 1990 قدمت الفنانة منى واصف أداء أقل ما يقال عنه أنه غاية في الإبداع، في مسلسل "هجرة القلوب إلى القلوب"، ويعتبر هذا العمل من أهم الاعمال الدرامية التي أسست لانطلاق الدراما السورية.

ويتحدث العمل عن قرية تسمى "الركنية"، ويوثق الواقع المعيش في سورية في فترة ثلاثينيات القرن الماضي، من خلال الأحداث الجارية في تلك القرية، حيث يصور الصراع في المجتمعين الحضري والبدوي وانعكاس الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على الواقع السوري، خصوصا السياسي، كما يتحدث عن الثورة السورية الكبرى ضد المستعمر الفرنسي ومواجهة أبناء البلد له بكل شرائحهم، ومن ثم انتزاعهم للاستقلال عنه، موضحا كيف يواجه السوريون ما خلفه الاستعمار بعد رحيله من أشخاص وسياسيين يحملون فكره وعاداته وهيمنته، بتلاحم أبناء الوطن معاً.

العمل مكون من أربعة أجزاء؛ الأول بعنوان "الغزو"، من خمس حلقات، والثاني بعنوان "الثأر" من ست حلقات، والثالث بعنوان "القناة" من ست حلقات، والرابع والأخير بعنوان "الالتحام" من ثماني حلقات.

ويصنف العمل تحت بند الدراما الاجتماعية، وهو من تأليف الأديب السوري الراحل: عبد النبي حجازي، وإخراج: هيثم حقي، وأنتجه التلفزيون العربي السوري بالتعاون مع مؤسسة الخليج للأعمال الفنية، ويتكون من 25 حلقة. غنى شارة البداية الفنان السوري فهد يكن. أما شارة النهاية، فكانت من ألحان الموسيقار السوري فاهيه دمرجيان.

تميزت الفنانة منى واصف في هذا العمل بشخصية هلالة، إلى جانب عدد من نجوم الدراما السورية: هاني الروماني "شيخ هديبان"، وأسعد فضة "أبو دباك"، وخالد تاجا "أبو طعان"، وسمر سامي "حليمة"، وعباس النوري "الأستاذ حسان"، وبسام كوسا "قاسم"، ويوسف حنا "أبو فضة"، وأحمد عداس "سميح"، وعصام عبه جي "أبو عناد"، وفاديا خطاب "فضة"، وأيمن زيدان "هلال"، ونجاح العبدالله "أم صالح"، ونجاح حفيظ "أم عباس"، وعارف الطويل، وأندريه سكاف، وعابد فهد، وحسن دكاك، ووضاح حلوم، وزهير عبدالكريم، ورياض نحاس، وحاتم علي، وغسان مسعود، ومحمد الشيخ نجيب، وجهاد الزغبي، وضحى الدبس... وغيرهم.

ونعود للحديث عن الأفلام التي قدمتها واصف في السبعينيات، ففي عام 1974 شاركت في فيلم "اليازلي"، ويتحدث عن نماذج إنسانية متعددة؛ عن الشباب والحرمان، والطفولة المهملة، والجنون، وموت الأب والأزمات التي يخلفها ذلك. وهو من إخراج: قيس الزبيدي، وتأليف: حنا مينا.

والممثلون هم: منى واصف، ونادية أرسلان، وأحمد عداس، وعصام عبه جي، ومها المصري، وعدنان بركات، وعبدالرحمن آل رشي وغيرهم.

وفي عام 1976 شاركت منى واصف في فيلم "الأحمر والأبيض والأسود"، الذي يروي معاناة اللاجئين الفلسطينيين بعد نكسة 1967. وهو من إخراج: بشير صافية، وتأليف: محمد مرعي فروح. والممثلون: منى واصف، وأحمد عداس، وأميمة طاهر، وعبدالسلام الطيب، وأحمد أيوب، ويوسف شويري... وغيرهم.

«سموكي ما أنصفوا...»

تقول واصف: يتحدثون عن أن الفرح يليق بسورية، وأنا أقول: يليق بها شك الألماس، وتغني:

سموكي ما أنصفوا يا عيني سموكي عريق الآس

جميلة بين البشر مشكولة فوق الراس

وتضيف وقد استغرقها الوَجد: كلما أتذكر سورية أشعر بالحنين، على الرغم من وجودي فيها. حنين للأمان الذي كنا نعيشه وكنا نشعر به، وللحب الذي كان موجوداً. أشعر بالأمان الآن أيضاً، لكن خلال السنوات الثمانية الماضية هناك شيء قد تغير. لا يستطيع أحد وصف الوطن، حتى أفضل الشعراء لا يستطيعون وصفه وصفا كاملا. عندما جُرح الوطن شعرنا ما هو الوطن، والإنسان الذي لا يشعر بوطنه فليذهب إلى صخرة ويقوم بنحتها، يعيش فيها كالذئاب ويموت وحيدا.

أنا أتحدث عن الوطن عموماً، أما شاميتي - سوريتي فهي بأبهى أشكالها، وأنا شامية حتى العظم.

بين المسرح والحياة

في بعض الحوارات التي أجرتها على الشاشات العربية، تتحدث النجمة منى واصف عن الحياة والتمثيل والمسرح فتقول: نحن عندما نكون على المسرح حقيقة لا نقول نحن نمثل، بل نقول نحن نلعب الدور، وأعتقد أن ذلك طبيعي. وبين المسرح وجدية الحياة، يختلف اللعب، ولا أستطيع أن ألعب في الحياة كما ألعب على المسرح، لأني في الحياة أنا بمشاكلي، بالموروثات التي أمتلكها، وفي حزني وألقي وفشلي وفرحي ونجاحي، لكن أيضا ألعب، والفنان إذا كبر بالعمر سيبقى في داخله كالطفل، يوجد في داخله من الطفولة أشياء كثيرة، ولو كانت غير موجودة لن يستطيع خلق البسمة.

وعندما سئلت: هل العنصر الإبداعي يأتي من الطفولة الموجودة في داخله؟ أجابت: لا أبدا. عندما كنت طفلة أو صغيرة بالسن لم أكن أفكر أبدا بأنني سأكون ممثلة، كنت أحلم أن أكون كاتبة. لكن عندما أصبحت ممثلة لاحقا وقرأت لكبار الأدباء مثل "دوستويفسكي" وغيره من العظماء وجدت أن التمثيل أفضل من الكتابة ويناسبني أكثر.

قابلت عبدالحليم حافظ مرة واحدة في حياتي وذهلت حتى قال لي زوجي «لفلك ياه بورق السيلوفان؟!»

عند استضافة العندليب الأسمر ذهبت إلى التلفزيون لأشاهده وإلى الآن أتذكر ما كان يرتديه

الآن بعد أن كبرت أبحث عن دور الأم القوية وأتذكر أمي وأم زوجي ومدرساتي

أخترع حياة لكل شخصية أقوم بلعب دورها وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لنجاحي

في 1976 شاركتُ في فيلم «الأحمر والأبيض والأسود» الذي يروي معاناة اللاجئين الفلسطينيين بعد نكسة 67
back to top