الصحف الورقية، هل هي آخر ضحايا «كورونا»؟

نشر في 11-05-2020
آخر تحديث 11-05-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار ابتداء من اليوم، وبسبب فيروس كورونا، لن تتمكن من قراءة هذه المقالة ورقيا، بل إلكترونيا، إما على الموقع أو على هاتفك النقال. فالحظر الكلي سيمنع طاقم التوزيع، من إيصال الصحف للمنازل أو لأرفف منافذ البيع. ولو حدث ذلك في الزمن العادي، لاعتبر انتهاكا لحرية التعبير.

لم يحدث مثل هذا التوقف الجماعي للصحف الورقية حتى في حقبة الغزو، فقد صدرت صحف خارج الكويت، كما صدرت صحافة المقاومة داخل الكويت المحتلة، والتي كان من ضمنها "الصمود الشعبي" التي أصدرناها واستمرت حتى بعد التحرير ثم توقفت. وبعد التحرير صدرت صحيفة 26 فبراير التي تعرضت لمضايقات، كما أصدرت الحكومة "الفجر الجديد"، ثم توقفت عن الصدور هي و"صوت الكويت" في أواخر 1992 . إلا أنه لن يتم هنا تناول توجهات وفعالية وكفاءة الصحف، فلذلك مبحث آخر سيتم لاحقا.

حتى 2006 منعت الحكومة إصدار أي تراخيص جديدة لصحف يومية، باستثناء التغير بملكية 3 صحف. وما إن صدر قانون المطبوعات الجديد 2006 حتى ظهرت، بأوقات مختلفة، 15 صحيفة جديدة، ليصبح مجموع الصحف اليومية الورقية 20 صحيفة، وهو رقم كبير لدولة بحجم الكويت. كان أغلب تلك الصحف تعبيرا عن مشاريع سياسية أو فردية، كما كان من ضمن الملاك عدد من أفراد الأسرة الحاكمة ومنهم رئيس وزراء ووزراء من الأسرة. وجاءت الأزمة المالية العالمية 2008 و 2009 لتصعب الأمور على الصحف ما أدى إلى توقف العديد منها. ومن تلك الصحف الجديدة لم يستمر فعليا إلا 4، و3 تصدر اسميا فقط. أما 8 فقد توقفت بحيثيات مختلفة، 2 لأسباب سياسية، إحداهما وهي قديمة مازال مبناها مغلقا دون استخدام، و3 أغلقت بإرادتها، ولم تزد مدة صدور إحداها عن أسبوعين، كما أغلقت الحكومة صحيفتين عن طريق دفع المال لصاحبيهما، وأخرى أغلقها صاحبها، وثلاث صحف مالكها واحد أغلق واحدة ودمج اثنتين.

الصحف العاملة بشكل فعلي حاليا هي 6 صحف، بينما هناك ٤ صحف ترخيصها قائم ولكن تصدر اسميا فقط.

أدركت الصحف الورقية منذ زمن أن التغيير قادم لا محالة، وأن التكاليف والخسائر تتراكم، فصارت كلها، لديها مواقع إلكترونية، وتسعى لتطوير وتعزيز الملتيميديا، والوسائط التكنولوجية الحديثة، وربما كان آخر مؤشر للمصاعب التي تواجهها الصحف الورقية الفاعلة هو الاتفاق على التوقف عن الصدور يوم السبت.

ربما كان التوقف القسري بالنسبة للصحف الورقية بسبب "كورونا"، جاء مريحا بعض الوقت، فليس بيدي ولكن بيد عمرو، وعمرو هنا هو "كورونا"، حيث تتجاوز تقريبا تكاليف الطباعة والورق والتوزيع 50 في المئة، وربما هي محطة لإعادة التفكير في المستقبل حتى يتم رفع الحظر.

عملت وكتبت في الصحافة الورقية قرابة 45 عاما، شهدت فيها المتغيرات، على المحتوى والمضمون والشكل والكفاءة، وعلى الرغم من أنني من أنصار الصحف الورقية فإن التحدي الراهن يفرض معطيات جديدة. وهكذا جاء فيروس كورونا ليعيد التفكير قسريا بمستقبل الصحف الورقية، فكورونا لم يوفر أحدا حتى الصحف الورقية لم تسلم منه.

back to top