أسوأ رأي في الكويت هو الرأي العام

نشر في 08-05-2020
آخر تحديث 08-05-2020 | 00:05
 د. فيصل ملفي المطيري الرأي العام هو تعبير علني يعكس الاعتقاد أو الفكر السائد لدى غالبية أفراد المجتمع تجاه أحداث أو قضايا معينة يدور حولها جدل واسع، وقد يكون لهذا الإجماع قوة وتأثير سواء بالسلب أو الإيجاب على القضية نفسها وعواقبها. وعلى ذلك، تعتبر ثقافة الفرد في المجتمع ومحركات تفكيره العقلية هي الوحدة الأساسية لبناء الرأي العام، حيث تتفاعل أفكار الأفراد مع بعضها لتشكل وفاقا اجتماعيا يعكس قبول مسألة ما متصلة بشؤونهم المصيرية أو رفضها، ولكن متى يكون الرأي العام أسوأ رأي على الإطلاق كما قال نيكولا شامفور؟ وما مدى جودة الرأي العام في الكويت في ظل الظروف الصحية المروعة التي تشهدها البلاد وآثارها الاجتماعية والاقتصادية؟ من المعروف في الأدبيات ذات الصلة، أن الرأي العام يتشكل من خلال تفاعل ثلاثة أنواع رئيسة للرأي، وهي الرأي العام القائد، والمتعلم والمنقاد، فالأول يقصد به رأي النخبة المثقفة والواعية في المجتمع الذي عادة ما يقود الرأي العام، والثاني هو رأي الفئة المنطقية التي تستوعب المعلومات وتقرأ ما بين السطور وتتأثر بآراء الفئة الأولى، ومن ثم تنقلها للنوع الأخير المنقاد الذي يمثل السواد الأعظم من الشعب. ولكن عملية تشكيل الرأي العام في الكويت لا تتم بهذه الطريقة إطلاقاً، خصوصاً في السنوات الأخيرة التي شهدت اضمحلال القوى والتيارات السياسية وهشاشة النخب الأكاديمية والمدنية، ويأس الرأي العام المتعلم، وإحكام طفيليات شبكات التواصل الاجتماعي الضارة قبضتها على الرأي العام. وهذه أحد أهم المؤشرات الرئيسة الدالة على رداءة الرأي العام في الكويت. فعلى سبيل المثال لا الحصر، في ظل الأحداث المتفاقمة وزخم المفاهيم الكارثية التي تعج بها البلاد كالوباء والجائحة وإحصاءات الإصابات والموت وإجراءات الحجر والحظر والإجلاء والإغلاق القسري للبلاد واقتراحات البدائل التعليمية والحزم الاقتصادية، يعتلي أحد السياسيين المنصة الرسمية ليعبر عن استيائه وتذمره بسبب المغالطات الدرامية في أحد المسلسلات الرمضانية تماشياً مع توجهات متابعيه في التطبيقات الاجتماعية!

فمن باب المسؤولية الوطنية، لا ينبغي أن يستمر سبات النخب السياسية والمدنية وخصوصاً التكنوقراطية منها في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد في حين الخاوون منغمسون في تشكيل الرأي العام نيابةً عنهم. وليس من الحكمة أن تصمت تلك النخب أو تكتفي بالهمس في دوائر ضيقة من الرفقاء تحسساً من تجاهل وتهميش أصحاب القرار لهم، أو خوفاً من المواجهة والتصادم مع الأهواء الشعبية أو مدّعي المعرفة السذج في المنصات الاجتماعية، وليس عليها أيضاً أن تساير تلك الاتجاهات والشعارات السطحية الرائجة في الشؤون المتعلقة بالصحة والتعليم والاقتصاد، بل عليها أن تتولى عملية إعادة قراءة مضامين الموقف للناس وتفسر ما تشابه عليهم واختلط من أمور، وتخلق لهم الفرص المنطقية المواتية لتقييم الأحداث وتشكيل الرأي العام السديد. فالرأي العام السوي هو أداة تقويم وطنية وهو أساس الديمقراطية وحكم الدولة المدنية، وفنار عالٍ يستشرق مستقبلها.

back to top