الثروة البشرية تتفوق على الثروة الاقتصادية

نشر في 03-05-2020
آخر تحديث 03-05-2020 | 00:09
الثروة الحقيقية لكل دولة والتي لا تتأثر بتقلبات الأسعار هي الثروة البشرية، أي الإنسان الكويتي في هذه الحالة رجلاً كان أو امرأة، فلنحافظ على هذه الثروة ولنشجعها ونفتح لها المجال للإبداع والابتكار العلمي ومساعدتها بالأفعال لا بالكلام.
 محمد أحمد المجرن الرومي في الأزمات التي تواجه الأمم والشعوب يبرز دور الثروة البشرية في مواجهة الحروب والكوارث، هذه الثروة تتمثل بالشعب رجالا ونساء، شبابا وكبارا في السن، تعمل هذه الثروة البشرية متجانسة، متعاونة، متكاتفة في سبيل الدفاع عن الوطن ودرء الأخطار عنه، سواء كانت هذه الأخطار على شكل حرب أو غزو، أو عن طريق الكوارث الطبيعية أو الأمراض والأوبئة.

في الكويت وعلى مر السنين أثبت الكويتيون أنهم يقفون صفاً واحداً في سبيل الدفاع عن وطنهم لمواجهة هذه الأخطار، وتاريخ الكويت مليء بهذه القصص والحوادث، وأثناء الاحتلال العراقي للكويت هب الشعب الكويتي بكل فئاته وطوائفه وطبقاته الاجتماعية والاقتصادية للدفاع عن أرض الكويت الطاهرة، ورغم الفارق بين القوتين فإن الشعب الكويتي قاوم المحتل ببسالة، وما قام به أبناء الكويت من الجنسين في دحر العدوان ومقاتلة المعتدين والوقوف صفا واحداً في وجه المحتل، إلا دليل على ما أقوله بأن الثروة البشرية هي أساس قيام الدول وتطورها وقوتها.

لنتحدث عن الوضع الحالي ونحن نواجه عدواً مخفياً لا يُرى بالعين المجردة فيروس كورونا أو "كوفيد-19"، فنجد أيضا أن الثروة البشرية في الكويت أدت دورها المهم والأساسي في مواجهة هذا الفيروس والدفاع عن الوطن والمواطن ضد وباء انتشر في العالم أجمع، والجميع كان يعمل صفا واحداً، فعملت الكوادر الطبية والأمنية بالدرجة الأولى ومعها بقية الكوادر الأخرى في أجهزة الدولة بجد واجتهاد ونشاط وهمة، يضاف لها أفواج المتطوعين الكويتيين من الجنسين يساعدهم بعض المخلصين من المقيمين.

في هذه الفترة تعطلت الأعمال، وتضرر الاقتصاد حتى طال ثروتنا الطبيعية التي نعتمد عليها بنحو 80% من حياتنا اليومية، ألا وهي النفط، الذي هو عماد الاقتصاد الكويتي، فتدهورت أسعاره حتى وصل أقل من عشرين دولارا للبرميل، وهو الذي كان قد وصل قبل هذه الأزمة إلى ما يقارب السبعين دولارا للبرميل أو أكثر.

نخلص في النهاية إلى أن الثروة الحقيقية لكل دولة والتي لا تتأثر بتقلبات الأسعار هي الثروة البشرية، أي الإنسان الكويتي في هذه الحالة رجلاً كان أو امرأة، فلنحافظ على هذه الثروة ولنشجعها ونفتح لها المجال للإبداع والابتكار العلمي ومساعدتها بالأفعال لا بالكلام فقط، وذلك بوضع القوانين المشجعة لهذه الثروة، وأن نولي اهتماماً أكبر بالبحث العلمي وتطوير التعليم والنظام الصحي للأفضل، والذي أثبت كفاءة عالية في مواجهة الوباء، وأن توجه الجهود الوجهة الصحيحة بتشجيع العلماء والباحثين والمفكرين أصحاب الرأي السديد، وأن توجه لهذا العمل المفيد الميزانية التي تناسبه لتعود على الكويت بالخير، وأن توجه السياسة التعليمية نحو التركيز على العلوم الطبية، وتشجيع البحوث والباحثين في المجالات العلمية، والتخفيف من التخصصات الأخرى التي وصلت بها الدولة لمرحلة التشبع.

ولو تم ذلك فإن الكويت ستكسب في النهاية جيلا كويتيا جديدا قادرا على النهوض ببلده، وأن يخلق مجالات اقتصادية قد توازي مدخول النفط في المستقبل، وهذا ليس بغريب، فلننظر إلى الدول الأخرى كسنغافورة مثلا لم يكن في السابق لديها موارد اقتصادية، بل استغلت ثروتها البشرية أفضل استغلال، وأصبحت من الدول المتقدمة اقتصاديا، ولديها صندوق استثماري من أبرز الصناديق الاستثمارية في العالم، دولة أخرى هي النرويج دولة نفطية لا تأخذ من مداخيل النفط لديها بل لجأت لاستغلال ثروتها البشرية، وأيضاً لديها صندوق استثماري كبير، وهذه أمثلة على أهمية استغلال الثروة البشرية في تقدم الدول، فالمسألة تتلخص في تطبيق القوانين ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

الدولة تبذل جهداً كبيراً في سبيل توعية المواطنين والمقيمين لاتباع الإجراءات الصحية لمكافحة فيروس كورونا عن طريق أجهزة الإعلام الرسمية وغيرها، ولكن هناك قطاع كبير جداً في الكويت من المقيمين الذين لا يتحدثون اللغة العربية، فلماذا لا تكون لهم وسائل اتصال توجه لهم الرسائل بلغاتهم لإرشادهم إلى الطرق الصحيحة للوقاية من الوباء؟

back to top