عبد الله حمد الصقر... أضواء على سيرته ودوره السياسي والاقتصادي (1910 – 1974) الحلقة (6)

أحداث المجلس التشريعي سنة 1938م والكتلة الوطنية والتوترات بين العراق والكويت

نشر في 01-05-2020
آخر تحديث 01-05-2020 | 00:14
للمرحوم عبدالله حمد عبدالله الصقر جهود مع زملائه الإصلاحيين لا يمكن إنكارها، لذلك لا بد من توثيق هذه الجهود والإسهامات وتحليلها، والكتاب الذي بين أيدينا يقدم سيرته العامرة بالأنشطة والأحداث، ويتناولها من جوانب ثلاثة: التجارة، والسياسة، والثقافة.

فللمرحوم عبدالله الصقر تأثير بالغ على مسيرة التعليم النظامي والممارسة السياسية في الكويت، وزرع فكرة الانتخابات والتمثيل الشعبي في المؤسسات خلال فترة مجلس الأمة التشريعي 1938- 193٩.

وسلط المؤلف د. فيصل عادل الوزان في الكتاب، الذي طبع العام الماضي بإشراف مركز البحوث والدراسات الكويتية المتعلق بالسيرة الذاتية للمرحوم عبدالله الصقر، الضوء على نشاط الجناح الخليجي من شبكة منظمات ونوادي وجمعيات القوميين العرب في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، والنشاط السياسي الكويتي في النصف الأول من القرن العشرين.

اقرأ أيضا

واعتمد الكاتب في سيرة الصقر على المادة التاريخية التي تقدمها الوثائق الخاصة بأسرته، بالإضافة إلى المقابلات الشخصية التي أجريت مع أخويه عبدالعزيز وجاسم، ولفت إلى أن الحلقة المفقودة هي ما يتعلق بفترة الستينيات والسبعينيات، التي يبدو أن المرحوم تعرض فيها لوعكات صحية حالت دون خوضه مزيدا من الأنشطة.

المؤلف جعل الكتاب في 3 فصول: الأول يتعلق بحياة عبدالله الصقر منذ النشأة إلى تولي الأعمال التجارية، والثاني عن دوره في القضايا العربية وحركة القوميين العرب، والثالث عن حياته خارج الكويت من 1939 إلى وفاته 1974.

واستعان المؤلف بصور الوثائق والأخبار والروايات الموثقة في الكتاب والمراجع التاريخية والعربية والأجنبية مما أعطاه قوة في التوثيق وصدقا في الرؤية، وفيما يلي تفصيل الحلقة السادسة.

سجل تاريخ مجلس الأمة التشريعي، الذي أسس في الكويت سنة 1938-1939م عدد من المصادر، أهمها محاضر مجلس الأمة لسنة 1938، وهو غير منشور؛ والتقارير البريطانية التي كتبها الوكيل السياسي البريطاني دي جوري، والمستشار البريطاني للشيخ أحمد الجابر، والوكيل السياسي السابق هارولد دكسون، والمراسلات والمذكرات والوثائق الكويتية التي كتبها أناس شاركوا في تلك الأحداث أو اطلعوا على جزء؛ منها كتابا خالد سليمان العدساني الذي كان سكرتير المجلس "نصف عام من العمل النيابي في الكويت"، و"مذكرات خالد العدساني"، وكتاب الشيخ يوسف بن عيسى القناعي "الملتقطات" وروايته الشفهية التي سجلها عبدالله الحاتم في كتابه "من هنا بدأت الكويت"، وقد كان القناعي نائباً أيضاً في ذلك المجلس، بالإضافة إلى ذلك، هناك رواية الأديب محمد ملا حسين التي كتبها كمسودة سنة 1988م، ثم أعاد كتابتها سنة 1993م، لكنه توفي قبل نشرها، ونشرها الأستاذ خالد سعود الزيد في كتابه عن محمد ملا حسين.

كما توجد روايات شفهية لبعض الأعضاء مثل خالد عبداللطيف الحمد وغيره، ومع الأسف الشديد فإن الرواية الحكومية غائبة عن مجموعة الأدلة التي بحوزتنا، غير أننا نجد طرفا منها في المصادر الآنفة الذكر، ولم يكتب النجاح لهذا المجلس، كما لم يكتب لسابقه الذي أنشئ سنة 1921م.

بعض ما كتب عن مجلس 1938

قبل الشروع في الكتابة عن طرف من أحداث المجلس يحسن التنبيه إلى أن تلك أمة قد خلت، وأن ما جرى وما صدر من الأطراف كلها قد طوي منذ زمن، ولعلنا نقتبس ما كتبه الأديب محمد ملا حسين في مسودته عن مجلس 1938م تعكس النظرة التي أولاها المجتمع الكويتي ونظامه السياسي لتلك الحقبة، فقال:

"نذكر أنه للإنصاف وللحق وللتاريخ، أن المجلس برئيسه وأعضائه المحترمين بعيدون كل البعد عن الشك في إخلاصهم ونزاهتهم، وكلهم شخصيات بارزة في زمانهم في المجتمع الكويتي، وقد قدرتهم الدولة بعد وفاتهم، فسمت شوارع ومدارس بأسمائهم تكريماً لهم بعد وفاتهم، وبذلك قطعت الدولة أي قول في نزاهتهم".

وضع الدكتور محمد الرميحي هذه الأحداث في سياقها التاريخي، وهو فترة ما بين الحربين العالميتين، ووضح الدوافع الاقتصادية المحتملة التي أدت إلى وقوع تلك الأحداث، وهي أزمة التجارة البرية (المسابلة) مع السعودية، واضمحلال تجارة اللؤلؤ بسبب اكتشاف وتسويق اللؤلؤ المستزرع الياباني، وخسارة ولاء عدد من القبائل في البادية، وأزمة الكساد الكبير التي ضربت العالم منذ نهاية العشرينيات إلى نهاية الثلاثينيات، وزاد من سوء الأوضاع فرض الإمارة لضرائب جديدة، وتسامحها مع الفساد الإداري الذي ضايق الناس في الكويت وبخاصة التجار.

كما يبدو أن نزعة نمت لدى أعيان الكويت تتعلق بإنشاء المؤسسات، فمنذ بداية القرن العشرين بدأت الكويت إنشاء عدد منها كالمدرسة المباركية سنة 1911م، والجمعية الخيرية سنة 1913م، ومجلس الشورى القصير العمر سنة 1921م، والمكتبة الأهلية سنة 1924م، والبلدية سنة 1930م، ومجلس المعارف 1936، ويرى الدكتور طلال الرشود أن التجار كانوا مسؤولين عن تمويل وصيانة وتطوير معظم هذه المؤسسات، ولكن مع حدوث الأزمات الاقتصادية، ومع اكتشاف النفط وتسلم الشيخ أحمد الجابر مبالغ كبيرة نظير إعطائه امتيازات لشركات النفط، بدأت مطالبة التجار للإمارة بأن تتحمل مصاريف تلك المؤسسات الإدارية بطريقة مقننة.

وأوضح جاسم الصقر في محاضرة له برابطة الاجتماعيين أن انتخابات مجلس 1938م لم تكن الأولى في الكويت، بل سبقتها تجارب مثل انتخابات المجلس البلدي سنة 1934م، وانتخابات مجلس المعارف سنة 1936م، الأمر الذي مهّد لظهور انتخابات المجلس التشريعي سنة 1938م.

ويبدو أن السبب العام وراء عدم استمرار المجلس التشريعي عدم اتفاق جميع أطياف المجتمع الكويتي على فكرة التمثيل النيابي والاشتراك في الإدارة، وميول بعض النواب وبعض أعضاء الحكومة إلى إساءة استخدام السلطة المتاحة لهم، وبسبب انقسام الكويتيين بين مطالب ومعارض لإنشاء المجلس انعكس ذلك على موقف الشيخ أحمد الجابر، الذي خاض تجربة صعبة في إدارة هذا الخلاف الذي أثر على استقرار البلاد، لذلك فإن موقفه الدقيق الذي حيّر الكتّاب وجعلهم متناقضين في توصيفه بحاجة الى مزيد من التحليل.

دراسة سايمون سميث عن تاريخ الكويت

وبسب ضلوع العراق، وبخاصة صحافته، ورئيس وزرائه توفيق السويدي، وملكه غازي، وإذاعة قصره، لا بد من تمهيد تاريخي قبل الحديث عن حركة 1938م، حيث كتب سايمون سميث في دراسته عن تاريخ الكويت ما يلي:

"لقد بدت فرص وجود علاقات ودية بين الكويت العراق جيدة في الشهور التي سبقت انضمام العراق لعصبة الأمم كدولة مستقلة في 3 أكتوبر 1932م، فقد أكدت المراسلات المتبادلة بين رئيس الوزراء العراقي والشيخ أحمد الجابر في يوليو وأغسطس على الحدود الحالية القائمة بين البلدين بما فيها ملكية الكويت لجزيرتي وربة وبوبيان.

إلا انه خلال فترة وجيزة توترت العلاقات بين العراق والكويت، فقد كان العراقيون ساخطين، خصوصا بسبب عدم قدرة الشيخ أحمد الجابر على الحد من التجارة المزدهرة لتهريب البضائع بين البلدين، والتي كانت من شأنها حرمان الجمارك العراقية من إيراداتها، وبدأت الصحافة العراقية خلال هذه الفترة المطالبة بضم الإمارة كحل يعالج هذه المشكلة، ولم يكن من المستغرب أن تحرص بريطانيا على مقاومة هذه الضغوط العراقية .

ففي شهر مايو 1937م ذكر رندل: أن من الأهمية القصوى بالنسبة لنا انطلاقا من وجهة نظر استعمارية استراتيجية ومصادقة أيضا بسبب ظهور بوادر وجود الثروة النفطية الجديدة التي تأكدت في الكويت، ألا تتمكن أي قوى أخرى من ترسيخ وجودها في الكويت، ويجب أن تبقى الكويت بشكل قاطع تحت الهيمنة البريطانية.

مقالة منشورة في جريدة الزمان العراقية الصادرة في بغداد بتاريخ 11 ابريل 1938م. احتفظ بها الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، ويرى المترجم ان الفقرات 6 و7 و8 و9، هي من وضع العراقيين لا الكويتيين.

وتم خلال عام 1938م بيان ونشر الحجج التي تستند اليها الادعاءات العراقية تجاه الكويت.

وأعلن وزير الخارجية العراقي توفيق السويدي في شهر أبريل 1938م، أن الكويت يجب ضمها الى العراق، لأنها كانت سابقا جزءا من ولاية البصرة، ورد عليه السفير البريطاني في بغداد السير موريس باترسون مستندا الى المادة 16 من معاهدة لوزان لعام 1923م والتي جاء فيها: "إن تركيا قد تخلت وتنازلت عن كافة الحقوق تجاه الكويت، وبذلك فإن هذه الحقوق لا يمكن توريثها لأي حكومة أخرى"، ولم تردع ردود باترسون المصوغة بدقة العراقيين من الاستمرار في مطلبهم، ففي شهر سبتمبر من العام نفسه سلم السويدي للوكيل البرلماني لوزارة الدولة للشؤون السياسية آر. أ. بتلر مذكرة تنص على "أن الحكومة العراقية، كوريث للحكومة العثمانية في ولايات الموصل وبغداد والبصرة، تعتبر ان الكويت يجب ضمها إلى العراق"، وبدأ العراقيون يقومون بحملة دعائية ممنهجة صممت لزعزعة استقرار الإمارة وتقويض شرعية الشيخ أحمد الجابر في محاولة لتحقيق أطماعهم التوسعية".

وقد شارك في هذه الحملة الملك غازي عبر إذاعته التي تبث من داخل قصره قصر الزهور، بالإضافة إلى الصحف المنتمية للتيار القومي العربي في العراق ومصر وسورية ولبنان وفلسطين والأرجنتين.

وأوضح طلال الرشود أن تقريرا بريطانيا أحصى عدد الصحف التي ايدت السياسيين الكويتيين في حركة المجلس التشريعي فوجدها 23 صحيفة.

كان هذا هو المشهد في العراق قبل وفي أثناء إنشاء المجلس التشريعي الكويتي في النصف الثاني من سنة 1938م، أما في الكويت في فبراير عام 1938م، فقد سبق المطالبة بإنشاء مجلس تشريعي كويتي اكتشاف النفط بكميات تجارية في الكويت في فبراير عام 1938، تبع ذلك تصعيد إعلامي عراقي حاد، ومقالات صحافية من النوع نفسه في الصحف العراقية، ونشرت مطالباتها في جريدة "الزمان"، وجريدة "الاستقلال" في أبريل 1938م.

الكتلة الوطنية

شكل كويتيون جماعة سرية سميت "الكتلة الوطنية" مكونة من: عبدالله الصقر، وعبدالعزيز الصقر، ومشعان الخضير، وسيد علي بن سيد سليمان، وسليمان العدساني، وخالد سليمان العدساني، وعبداللطيف الثنيان الغانم، وسلطان الكليب، ويوسف المرزوق، ويوسف الحميضي، وحمد الحميضي، وكان رئيسهم محمد ثنيان الغانم، الذي لم يكن يعرف أسماء أعضاء الجمعية كما يقول العدساني في مذكراته، ناسباً قرار إبقاء أسماء الأعضاء سراً عنه إلى عبدالله الصقر.

وبعد ذلك، في صباح 28 يونيو 1938م تقدم عدد من اعيان الكويت، مثلهم محمد ثنيان الغانم، وابن خاله عبدالله حمد الصقر، وسليمان العدساني، إلى الشيخ أحمد الجابر الصباح بطلب كتبوه في عريضة يذكرونه فيها بأن اختيارهم له فيما سبق كحاكم للبلاد كان بناء على موافقته بإنشاء مجلس يتيح لهم تقديم الشورى له، وعلى هذا الأساس يطلبون منه إنشاءه، وقد وافق الشيخ أحمد الجابر فوراً على هذا الطلب.

أما نص تلك العريضة فهو كما يلي:

"حضرة صاحب السمو الأمير الجليل أحمد الجابر الصباح، أدام الله بقاءه.

يا صاحب السمو

إن الأساس الذي بايعتك عليه الأمة لدى أول يوم من توليك الحكم هو: جعل الحكم بينك وبينها على أساس الشورى التي فرضها الإسلام ومشى عليها الخلفاء الراشدون في عصورهم الذهبية.

غير أن التساهل الذي حصل من الجانبين أدى الى تناسي هذه القاعدة الأساسية، كما أن تطور الأحوال والزمان، واجتياز البلاد ظروفا دقيقة، دفع المخلصين من رعاياك إلى أن يبادروا اليك بالنصيحة، راغبين في التفاهم وإياك على ما يصلح الأمور ويدرأ عنهم وعنك عوادي الأيام، وتقلبات الظروف، ويصون لنا كيان بلادنا، ويحفظ استقلالنا غير قاصدين إلا إلى إزالة أسباب الشكاوى واصلاح الاحوال عن طريق التفاهم مع المختصين من رعاياك، متقدمين إليك بطلب تشكيل مجلس تشريعي، مؤلف من احرار البلاد، للإشراف على تنظيم امورها، وقد وكلنا حاملي كتابنا هذا ليفاوضوك على هذا الأساس.

والله تعالى نسأل أن يوفق الجميع لما فيه صالح البلاد.

جماعتك المخلصون 30 ربيع الثاني سنة 1357هـ 28 يونيو 1938م".

ملاحظات على المجلس التشريعي

وقد لاحظ عبدالله الحاتم أن اثني عشر من هؤلاء النواب من سكان القبلة، فيما انتمى اثنان الى حي الوسط، هما: يوسف بن عيسى، ومحمد بن شاهين الغانم، وقدرت نسبة تمثيل الأربعة عشر نائبا بـ25% من سكان الكويت، أما مجموع عدد الأصوات فهو 953 صوتاً، كما خلا المجلس من أي عضو ينتمى إلى طبقة غير طبقة التجار، وكذلك لاحظ أحد الباحثين أن ثلث أعضاء هذا المجلس من تجار التمور (5 من 14)، وجاء في مذكرات عبدالعزيز حسين: "الأربعاء 29 جون، الساعة 11 من ليلة الخميس اجتمع عدد يقدر بمئة وخمسين شخصا في كشك الصقر، وذلك بعد تقسيم الدعوات عليهم لكي ينتخبوا أربعة عشر عضوا يمثلون الشعب لدى سمو الأمير"، وهنا يتضح سبب محدودية المشاركين، وهو ان دعوات خاصة كانت ترسل للاشتراك بالتصويت.

وليس واضحا في الحقيقة سبب عدم تمثيل سكان شرق، وهم بالمناسبة مرتبطون بتجارة اللؤلؤ.

وتوقيت الانتخابات كان في الصيف الذي هو موسم اللؤلؤ، وليس واضحاً ايضا ماذا كانت ردة فعلهم، إلا أننا مع ذلك يمكن أن نستشف وجهة نظرهم من أوراق أحد أدباء أهالي شرق، وهو محمد ملا حسين، الذي قال: عارض المجلس– بعد تكوينه الذي جاء بأعضائه المنتخبين بالصورة التي برز فيها- شخصيات معروفة في المجتمع الكويتي، ولا حاجة الى ذكر اسمائهم لشهرتها، التي لها تأثير في الحياة الكويتية الاجتماعية والتجارية، والذين يدعون تجار القيصرية العتيدة والقديمة معا، إلا أن المعارضة التي نشأت بعد قيامه فوجئت بخروجه على الصورة التي بها تكون، فرأوا أنه أمر دُبر بليل وراء ظهورهم، إذ لم يدخل أحد منهم فيه، بل إنه أتى بعائلة نجح منها الأب والابن، ولم يأت بالانتخاب بأب وعم على الأقل، ما حدا بأب الابن أن يستقيل إرضاء لشقيقه الذي لم يرض، وهكذا فرق بينهما الانتخاب، بهذا التكوين رأت المعارضة ان هذا المجلس بخس حقوقهم، وامتهن شخصياتهم وأنه جاء بجماعة أسرية، اكثرهم تربطهم وشائج القربى والعائلة وسائرهم من الحي القبلي، مما أثار حنق الحي الشرقي أيضا الذي لم يحسبوا له حسابا"، وقال أيضا إن هذه الشخصيات التي استبعدها أعضاء المجلس "خشية من معارضتهم فيما لو نجحوا فإن ذلك أوغر صدورهم بعد أن أسقطوهم من حساباتهم فانقلبوا إلى معارضين أشداء على المجلس".

وكذلك انتقد محمد ملا حسين کتاب خالد العدساني قائلا إنه «لم يعط المعارضة قسطا من الإنصاف في مخطوطته بالقسم الأول منها، فقد حمل عليها كخصوم شخصيين بعد هذه المدة الطويلة، فإن كان خطها كتاريخ فإنه يقتضى منه أن يقف على الحياد، ويسجل ما للمجلس وما عليه، وإن خطها من جانب واحد فإن الجانب الثاني يريد إثبات رأيه واعتراضه وحججه. والذي يحتم عليه كأمين للمجلس أن ينشر ما أخذه المعارضون على المجلس وهو به عليم، من أسباب هي وجيهة ونزيهة فيعترف بها، أو غير منطقية ومتحاملة فيفندها بالمنطق والأدلة الواضحة، إذ عليه أن يأتي بما أصاب فيه المجلس، وما أخطأ فيه، من يوم قيامه وما حدث من الأحداث، حتى الأخير من عمره القصير، هذا إذا أراد أن يكون ما خطه تاريخا لحركة المجلس، أما أن يكون كتبه من جانب واحد هو فيه الخصم والحكم فإن ذلك لا يغني من الحق شيئا، إن المعارضة لم تقم للمعارضة فقط، إنما اعتراضات لها قيمتها السياسية، وعسانا نرى القسم الثاني حين يرى النور، نرى عدلا وإنصافا للمعارضة"

وثيقة نادرة من وثائق أسرة الخالد توضح قائمة النواب الناجحين والاحتياطيين لمجلس الأمة التشريعي مؤرخة بـ 30 يونيو 1938م.

مطالبات النواب

كانت مطالبات النواب- بحسب تقرير دي جوري- تتلخص فيما يلي:

إنشاء نظام مالي للكويت، وتخصيص ميزانية سنوية، وإجراء إصلاحات إدارية عدة، وبناء مستشفى يقدم العلاج بالمجان، والبدء باستغلال مصادر الكويت من المياه العذبة، واستبدال حاشية الأمير وموظفيه، وإيقاف عملیات التهريب إلى العراق.

وقد لاحظ الوكيل السياسي البريطاني أن كثيرا من النواب كانوا يطمحون إلى تغيير موظفي الأمير، وحين استشعر هؤلاء أنهم مستهدفون سياسيا قاموا بحراك مضاد وشكلوا جماعة، ولاحظ الوكيل السياسي البريطاني أن العامة عندما شاهدوا تحركات هؤلاء المسؤولين ظنوا أن الأمير في صفهم.

وفي صباح الرابع من يوليو 1938 م حضر النواب المنتخبون وأعضاء من الأسرة الحاكمة والجماعة المعارضة للنواب من الموظفين إلى ديوان الشيخ أحمد الجابر لتناول القهوة، وحسم مسألة المجلس التشريعي، وخلال الجلسة طلب النواب من سمو الشيخ أحمد الموافقة خطيا على عقد المجلس التشريعي الذي وافق هو عليه مسبقا، وأبدی سمو الشيخ اقتناعه بعد أخذ ورد، ولكن مع ذلك أجل الشيخ التوقيع على المصادقة إلى اليوم التالي، الخامس من يوليو.

وفي صباح السادس من يوليو عام 1938م صادق سمو الشيخ أحمد الجابر على تدشين المجلس التشريعي، وكرد فعل شعبي على هذه المصادقة، عبر المواطنون عن شكرهم العميق بتقديم رسالة مليئة بالتواقيع الى سمو الشيخ احمد الجابر.

الفائزون في انتخابات المجلس التشريعي 1938

بعد أن أخذت اللجنة المكونة من أعضاء الكتلة الوطنية موافقة الأمير المبدئية، على انتخاب مجلس تشريعي اجتمعت في ديوان يوسف المرزوق وأعدت قائمة بأسماء 230 ناخباً وقيل: ممثلون عن 150 عائلة، وبعد ذلك في اليوم نفسه ليلا اجتمعوا في ديوان آخر هو ديوان أسرة الصقر، وأجروا انتخابات (شارك فيها 230 ناخباً) تحت إشراف لجنة مكونة من يوسف بن عيسى القناعي، ومحمد ثنيان الغانم، وأحمد الحميضي، وفاز فيها 14 نائباً، وطلبوا من الشيخ عبدالله السالم الصباح رئاستهم فوافق.

وأسماء النواب:

1- محمد ثنيان الغانم (حصل على 103 أصوات) ولكنه تنازل عن عضويته، فحل محله محمد بن شاهين الغانم.

2- الشيخ يوسف بن عيسى القناعي 59 سنة (100 صوت).

3- عبدالله حمد الصقر، 28 سنة (100 صوت).

4- مشعان الخضير الخالد، 45 سنة (82 صوتا).

5- سليمان العدساني، نحو 60 سنة (77) صوتا.

6- سيد علي بن سيد سليمان، 46 سنة (76 صوتا).

7- مشاري الحسن البدر، (62 صوتا).

8- سلطان الكليب، 49 سنة (62 صوتا).

9- عبداللطيف (محمد) الثنيان الغانم، 26 سنة (61 صوتا).

10- يوسف صالح الحميضي (56 صوتا).

11- صالح العثمان الراشد (51 صوتا).

12- يوسف المرزوق (45 صوتا).

13- (حمد الداود) المرزوق (39 صوتا).

14- خالد عبداللطيف الحمد، 53 سنة (37 صوتا).

إن معظم هؤلاء النواب كانوا من أعضاء الكتلة الوطنية، وأما الذين لم يحالفهم الحظ في الفوز فكانوا: ثنيان محمد الغانم، محمد أحمد الغانم، يوسف عبدالوهاب العدساني، نصف يوسف النصف، خالد الزيد، عبدالمحسن الناصر الخرافي، وغيرهم، وقد ضغط محمد أحمد الغانم على ابن عمه محمد ثنيان لكي يتنازل، وهو ما حدث، فحل محله محمد شاهين الغانم.

* جامعة الكويت - قسم التاريخ

المراسلات المتبادلة بين رئيس الوزراء العراقي والشيخ أحمد الجابر في يوليو وأغسطس أكدت على الحدود الحالية القائمة بين البلدين

الأديب محمد ملا حسين قال في مجلس 1938م «نذكر للإنصاف وللحق وللتاريخ أن المجلس برئيسه وأعضائه المحترمين بعيدون كل البعد عن الشك في إخلاصهم ونزاهتهم»

عبدالله الحاتم لاحظ أن اثني عشر نائباً في المجلس التشريعي كانوا من سكان القبلة واثنين من حي الوسط هما يوسف بن عيسى ومحمد بن شاهين الغانم

طلال الرشود أوضح أن تقريراً بريطانياً أحصى عدد الصحف التي أيدت السياسيين الكويتيين في حركة المجلس التشريعي فوجدها 23 صحيفة

أحد عشر كويتياً شكلوا جماعة سرية سميت «الكتلة الوطنية» كان منهم عبدالله الصقر وأخوه عبد العزيز
back to top