سدانيات: سلّم على القطيع!

نشر في 01-05-2020
آخر تحديث 01-05-2020 | 00:04
 محمد السداني كنت قد كتبت في مقالة سابقة عن الحكومة وجهودها الجبَّارة في مواجهة جائحة كورونا، وقد انتابني الاستغراب وأنا أمدح حكومة الكويت التي لم تحسن صنعا في سنوات عمري التي قضيتها مواطنا وإنسانا في هذا البلد! والحقيقة أن استغرابي، وإن كان مستحقا في بداية هذه الأزمة، بدأ يطل برأسه ثانية، وأنا أرى "حليمة تعود لعادتها القديمة"، لم تكن الخطوات الحكومية في مواجهة هذه الأزمة أقل من المتوقع، ولكنها قدرات من بيده المال وقلة الحيلة، فعندما بدأت وتيرة الأغاني الوطنية والاستعراض الإعلامي للمسؤولين على شاشات التلفاز والمبالغة في مدح وتصوير الإجراءات وكأنها حكرٌ علينا ومحرمة عمن سوانا بدأت أرى وجه الحكومة القديم التي بدأت بكل قوتها في سباق محاربة الوباء لتقف في منتصف الطريق، ولا تعلم أتعود أدراجها أم تمضي في طريق مجهول!

قلناها مراراً وتكراراً إن الدول لا تدار بالعاطفة والبهرجة الإعلامية، وإنَّ الأزمات تختلف اختلافا جذريا عن سنوات اللعب واللهو التي قضتها حكومات الراحة والخمول في افتعال الأزمات واللعب السياسي المثير للاشمئزاز، دول كثيرة حولنا بدأت الأزمة متزامنة معنا لكنها بدأت تدريجيا بالرجوع إلى حياتها الطبيعة بلا بهرجة ولا صراخ ولا أغان وطنية ولا وسائل إعلام توَبّخ المواطنين، صباح مساء، عملت بصمت وتركت نتائجها تتكلم بدلا منها، ثقافة الأوبريتات والرقص وتمييع الواقع لن تجدي نفعا في القادم من الأيام، الأزمة الاقتصادية القادمة لن تُحل بأغان وطنية ولا أوبريتات ولا قصائد شعر في تلفزيون الدولة الذي أصبح بلا شكل ولا طعم ولا رائحة.

لن أنتقد الحكومة؛ لأني أعرف جيداً أن لا ناقة ولا جمل لها في هذا المشهد، فهي ببساطة مجموعة موظفين يحركهم أمران: ردة فعل الشارع والأوامر المباشرة! لا يمكن أن نتخيل أن الحكومة ستنشر في يوم ما أسماء تجار الإقامات، ولم تجرؤ على نشر أسماء مخترقي الحظر! أو أنها ستحارب ظاهرة الإقامات وتجارها، وهناك من سهَّلَ لهم هذا الأمر بقصد أو بسذاجة!

لا يمكن أن تتبنى الحكومة استراتيجيتين في آن واحد لمحاربة الفيروس فإما الإقفال العام وإما سياسة القطيع، ولكن أن نتأرج بين هذه وتلك فهذه والله المصيبة الكبرى! دول مثل نيوزلندا وألمانيا والإمارات بدأت تستعيد حياتها لأنها اعتمدت أسلوبا علميا دقيقا بعيدا عن فوضى التأليف والبهرجة الإعلامية والمؤتمرات العديمة الفائدة!

إن الأوطان لا تبنى بالعواطف بل بالتخطيط والعمل الدؤوب الذي هو ثمرة الرغبة الحقيقية في بنائه وترسية قواعده.

خارج النص:

● إن أكبر أزمة نواجهها اليوم بعد كورونا هي أزمة اقتصادية خطيرة لم نسمع للحكومة فيها رأيا واحدا مع أنها تظهر، ليل نهار، في مؤتمرات بلا فائدة.

● أكبر جريمة قد يكتبها التاريخ هي تعطيل الدراسة خمسة أشهر لأكثر من ثلاثمئة ألف طالب وطالبة دون حل واضح من وزارة التربية والتعليم.

back to top