النهر يحفر مجراه

نشر في 01-05-2020
آخر تحديث 01-05-2020 | 00:08
 فواز يعقوب الكندري أشعر أن ما يحصل حولنا في العالم بمثابة الإنذار الأخير لكل الشعوب والدول والأمم التي لا تُقيم وزناً لنفسها، ولا تحترم ذاتها ولا تقدر كيانها، وبأن قادم الأيام ليس كالذي مضى، ومن لا يتسلح بموارده البشرية فيحولها إلى مكائن منتجة تزرع لتحصد، وتصنع لتنجز، وتبني لتعمر فإنه مع الوقت سيحاط بأسلاك شائكة استعداداً لأن يكون "دورة مياه" الكرة الأرضية.

وإيماناً بمقولة "لا خير فينا إن لم نقلها" فإننا هُنا جئنا بما يفور في نفوسنا، أملاً- وإن انحسر مصبه- في أن تنقله غيمة حُب فيُصغي لها من يبادلنا تلك المشاعر.. إن صوت النباح الذي يلازم آذانكم لم يكُن لولا أنكم تخلصتم من كل زئيرٍ كان بمثابة الحماية لكم، واكتفيتم بمجموعة ببغاوات تردد لكم أنغامكم. تصالحوا مع أنفسكم قبل أن تتصالحوا مع غيركم، واعلموا أن تضحيات المُصلحين ليست سوى أمواج ترتطم بصخور الشاطئ منذ الأزل ومازالت لم تكل أو تمل، وأن ثباتهم على مبادئهم كصخور الشاطئ التي لم تتزحزح عن مكانها واستقبلت بصدرها العاري ارتطام أمواج الأغلال والاعتقال.

وأنتم يا من يشغلكم سعر "الكمام" أكثر من خبر موت مُصلحٍ ضحى بنفسه من أجل مستقبلكم، أنتم يا من تبسّطون مواجهة الأمور حتى تتناسب مع رفاهيتكم أقول لكم: إن مواجهة "أم هارون" تغريداً لن تُجدِي وهذا ما أخبرنا به الزمن، وإن "أم سوزان" بنا "محظوظة" حين جعلنا عملها محور حديثنا، فالانتقال اليوم من دائرة تداول الهموم إلى دائرة التأثير بات مهماً، حتى البهائم في عيد الأضحى نراها تهرب وتقاوم هلاك سكين القصاب، فما لي أرانا نذهب بأرجلنا إلى المجهول دون مقاومة؟!

العالم مسجونٌ بهذا الوباء ولا نعلم بعد أن تُفتح الأبواب إلى أي طريقٍ سنمضي، ومن يظن أن الحياة ستعود كما كانت عليه فإما واهمٌ وإما مغفل، وحتى لا تكون تكلفة البقاء على الجميع باهظة، فإنه الوقت الأمثل لأن نتقدم خطوة نحو الإصلاحات السياسية والاقتصادية الشاملة، تلك التي تُحيي هذه المجتمعات البائسة وتنتشلها من مستنقع الجهل والعنصرية والكسل، إلى كيانٍ آخر يشد به كلٌّ منا ظهر الآخر، ونسند بأكتافنا بقاء أوطاننا، "ولا خير فيكم إن لم تسمعوها"، فالنهر سيحفر مجراه.

back to top