شكراً... لإنسانیة أميركا!

نشر في 14-04-2020
آخر تحديث 14-04-2020 | 00:17
 د.نجم عبدالكريم - من الطائرات ستریت فلاش إلى الكابتن تیبتس.

= أسمعكم بوضوح.

- الأحوال الجویة فوق كوكورا، وناجازاكي غیر صالحة للعملیة... اجعل هدفك هيروشیما.

= متى أتوجه إلیها؟

- في الحال... وحظاً سعیداً.

***

في الساعة السابعة والدقیقة الخمسین حلقت الطائرة التي تحمل أول قنبلة ذریة فوق أطراف مدینة هيروشیما... أعطى القائد أوامره لمن معه في الطائرة: إننا على وشك البدء في إلقاء القنبلة... عندما تسمعون الإشارة ضعوا نظاراتكم على أعینكم، إلى أن ینتهي وهج الانفجار.

- أجل یا كابتن... هل شاهدت هيروشیما من قبل یا كابتن؟

= نعم... إنها من أجمل مدن الیابان وتوصف بأنها حدیقة السماء في الأرض من شدة جمالها.

***

عبَرت الطائرة جو المدینة مرتین... كانت على ارتفاع 30 ألف قدم... ومدینة هيروشیما ترقد تحتها عاریة من كل دفاع... ثم تأتي الإشارة للكابتن تیبتس:

- هل حددت نقطة الهدف یا كابتن؟

= نعم، جسر نهر أوتا... میجر ڤیربي هل أنت جاهز؟

- جاهز یا كابتن، بعد 45 ثانیة سأفتح منفذ خروج القنبلة.

= فور إلقائها سیخف وزن الطائرة 4500 كیلوغرام فكونوا على حذر.

- الآن یا كابتن سأفتح القاذوف.

= هل نزلت القنبلة؟

- نعم یا كابتن أطلقتها.

***

وبعد ثوانٍ سأل الكابتن تیبتس: هل ترون شیئاً على الأرض؟

- كلا یا سیدي... لا أدري ماذا حدث؟ أین ذهبت القنبلة؟

وفجأةً صرخ كل من في الطائرة: یا إلهي، یا إلهي... انتشرت بقعة كبیرة ذات لون أرجواني!

فصرخ فیهم الكابتن تیبتس: لا تنظروا، لا ترفعوا النظارات عن أعینكم. لقد نجح الانفجار، لقد نجح الانفجار.

***

كرةٌ هائلة من النار تصل حرارتها إلى ملایین الدرجات المئویة تغرز كیماویاتها الحارقة في مسامات أحشاء أجمل مدن الیابان هيروشیما.

***

حین هبطت الطائرة في المطار السري، وقف الكابتن تیبتس أمام الجنرال، وهو سعید بما أنجز، فاحتضنه الجنرال، ثم قام بمصافحة جمیع من اشتركوا في العملیة، الذین قوبلوا من كل من في القاعدة بالعناق والصراخ مبتهجین بنجاح عملیتهم، وفي المساء أقیمت لهم حفلة راقصة بمناسبة نجاح مهمتهم الإنسانیة. ولما سُئل الكابتن تیبتس عن مشاعره قال: إني شدید الفخر والاعتزاز بما قدمته لأميركا.

***

ولستم بحاجة إلى معرفة ماذا حدث في هيروشیما... فهي ستبقى أبد الدهر تؤكد للتاریخ القادم إنسانیة أميركا، التي لم تزل مستمرةً في مناطق متعددة من العالم، ولسنا ندري هل سيعطيها "كورونا" درساً لتكف عن توزیع إنسانیتها على البشریة... أم لا؟

back to top