الكويت في ظل الاختلاف

نشر في 10-04-2020
آخر تحديث 10-04-2020 | 00:01
 محمد أحمد التيسي الاختلاف ظاهرة طبيعية في جميع المجتمعات، وهي تتماشى مع الطبيعة البشرية التي جبل الناس عليها، إلا أنها تتفاوت وتختلف باختلاف صفات البشر والبيئة التي يعيشون فيها.

والاختلاف يكون غالبا في الآراء أو وجهات النظر أو في المعتقدات الفكرية والدينية، قال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، لكن هذا الاختلاف قد يأخذ أحيانا منحى آخر يصل إلى حد الاقتتال، وقد رأينا ذلك في سلسلة من الحروب الدينية التي شُنت في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر وبداية القرن الثامن عشر، وقد يقتصر الاختلاف على مناوشات فكرية في بعض القضايا كما هي الحال في تاريخنا الإسلامي، رغم أن الدين والمعتقدات هي نفسها، قال تعالى "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين".

فشريعتنا الإسلامية الغراء تحتوي على العديد من فروع الفقه، إلا أنها تتمتع بقدرة ومرونة كبيرتين تستطيعان استيعاب وتحمل الاختلاف والتنوع في كثير من القضايا سواء القديمة منها أو المعاصرة، أما إذا تحدثنا عن الاختلاف في بلدنا الكويت وخاصة الاختلاف السياسي فحاضرنا شاهد على الكثير من ذلك الذي يطلق عليه الصراع ‏السياسي من خلال التجمعات ‏والأحزاب والتكتلات السياسية، مثل كتلة العمل الشعبي والتحالف الوطني الديمقراطي، والحركة الدستورية الإسلامية، والتجمع الإسلامي السلفي... إلخ. وإذا ألقينا نظرة تحليلية على البنية الاجتماعية الطبقية في الكويت، نجد أن القوى الاجتماعية المسيطرة اقتصادياً والمتنفذة سياسياً هي التي تهيمن على مقدرات البلاد وتُوجه النهج (السياسي) والاقتصادي وفق مصالحها، وتتمثل في السلطة وأطراف الحلف الطبقي الرأسمالي المسيطر.

وما يبعث على الدهشة والغرابة وجود هذه الفروقات الطبقية في مجتمعنا الكويتي الذي تكفل دستور الكويت بحقوق شعبها بكل أطيافه من عدل وحرية ومساواة، وأن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة".

ولا ننكر أن أهل الكويت رغم كل هذه الاختلافات فإنهم في وقت الأزمات يقفون صفا واحدا كالبنيان المرصوص خلف قيادتهم الحكيمة، فتذوب هذه الفروق والنعرات ويصبحون سداً منيعا ضد أي خطر يتهدد البلاد، وتكاتفهم وقت الغزو شاهد على ذلك والآن تجسدت أبهى صور التكافل في مواجهة وباء "كورونا".

back to top