أزمة تقلب طاولة الحسابات

نشر في 10-04-2020
آخر تحديث 10-04-2020 | 00:02
 ناصر المحياني اجتاح فيروس كورونا مختلف دول العالم دون أن يستثني دولة بعينها أو فئة عمرية من البشرية، وفرض هيمنته الوبائية وسطوة تغلغله بين أوساط المجتمع الدولي، ليقلب طاولة الحسابات والدراسات والتوقعات الدولية المستقبلية رأساً على عقب.

وإن ما آلت إليه الدراسات والحسابات والتوقعات الدولية المستقبلية المتعلقة بالخصخصة لهذه الجائحة الوبائية، أدت الى نتائج كارثية ساعدت وبشكل كبير في ارتفاع سرعة وتيرة تفشي الفيروس المستجد، الى أن انهارت المنظومة الصحية في بعض الدول المتقدمة، كما حدث في إيطاليا عبر تمسك القائمين عليها باستمرار العمل تحت وطأة الوباء الفيروسي، وعدم الأخذ بفكرة تطبيق حظر التجول الاستباقي المؤدي وقائياً الى إعطاء الإجازات للعمال بشكل احترازي، حتى نتج عن ذلك تصدرها قائمة وفيات الفيروس التاجي على مستوى العالم أجمع.

وبالمقابل وعند النظر محلياً في الدعوة الى الخصخصة ضمن نطاق الدولة هنا، والى القانون رقم 37 لسنة 2010 بشأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص، والدراسة المستفيضة حول الاستراتيجية حيال خصخصة الشركات والمؤسسات التي أعدها البنك الدولي في عام 1993، وما أشار إليه البيان الرسمي الصادر عن مجلس الوزراء يوم الاثنين الموافق 26 أغسطس 2019 بتلقي توصية من قبل لجنة الشؤون الاقتصادية بضرورة استكمال إجراءات عملية تخصيص محطة الشعيبة الشمالية لتوليد الطاقة الكهربائية، والمشاغل الرئيسة لوزارة الكهرباء والماء، وكذلك قطاع الاتصالات في وزارة المواصلات، وحفاظاً على دور القطاع العام في مجال الرقابة وجودة الخدمة والأسعار، وإمعاناً في النتائج الميدانية السلبية الناجمة عن الظروف الحرجة التي اجتاحت الدول الرأسمالية والمتقدمة والدول العظمى من جراء جائحة فيروس 19-COVID، لذا استوجبت الضرورة ولزمت المسؤولية الكاملة على الحكومة العمل جدياً في إغلاق باب الخصخصة الذي لا تأتي منه إلا ريح الدعوة الى المجازفة بمستقبل الكويت والأجيال القادمة، فما حدث في الدول المتقدمة من جراء هذه الجائحة الوبائية لهو أعظم نذير على سوء وقع الخصخصة على الحكومات التي خرجت الأمور عن سيطرتها في مثل هذه الظروف الوبائية الاستثنائية.

ومن هنا وعقب التطوع والتعاون والدعم الشعبي الميداني للإجراءات الحكومية في مكافحة هذه الجائحة، فقد وجب على الحكومة تغيير أسس التعامل مع كل المعطيات الحالية لمواجهة المستقبل القريب والبعيد معاً في حفظ دولة الكويت وشعبها من أي ظرف استثنائي قادم، وذلك عبر تطبيق كل الاحتياطات الاحترازية والوقائية للبلاد بدءاً من رسم الخطط الاستراتيجية المستقبلية للدولة وصولا إلى الاكتفاء الذاتي لجميع المقومات الأساسية المتعلقة في حفظ الأمن الصحي والغذائي للبلاد، كما يجب أن توصد الحكومة باب الخصخصة حفاظاً على مستقبل الكويت، امتثالاً لكلمة حضرة صاحب السمو في افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة حين قال: "إن الكويت أمانة غالية في أعناقكم واعلموا بأن التاريخ لا يجامل ولا يرحم ولن يغفر لمن يقصر في أداء هذه الأمانة المقدسة".

back to top