البقاء للأذكى

نشر في 10-04-2020
آخر تحديث 10-04-2020 | 00:05
 فواز يعقوب الكندري أنا أحد أولئك الذين "يشخلون" أفكارهم حين تحلّ النّازلة، ويرتبّون نظرتهم لذاتهم قبل التمعّن في غيرهم، وإنّني في السّراء ناقدٌ متهكّمٌ، وفي الضرّاء قلمٌ صامتٌ ويدٌ عاملة. تجاهلوا يا سادة ما سبق، فهذه مقدّمة كلّ قلم لا يعلم من أين يبدأ، فيبحر حبره مادحاً ساكبه، ويخطّ قلمه تزلفاً لحامله. ابن المجنونة "داروين" حين ذكر ضمن نظرية التّطور أنّ "البقاء للأقوى"، لم يكُن يعلم أن ڤيروس كورونا سيمرّ على الكرة الأرضيّة ليطعم سيّدها الويلات، ويمزّق أوصال سكّان الولايات، هذه التّرسانة العسكرية التي خضعت أمام الڤيروسات، والقوّة الاقتصاديّة العاتية التي بسبب هذه الكائنات خفّضت التعاملات فكانت شرارة الانهيارات. كُنّا نظنّ أنّ البقاء على الضّفة سيُنجينا من الغرق، حتّى حلّ "تسونامي" ضيفاً على البشريّة فأخبرهم أنّه لا مكان آمناً لأولئك الذين لا يسخّرون علمهم وثرواتهم بحثاً عن أنسب الطّرق للتقليل من نتائج الكوارث والأزمات، فالبقاء في هذا العالم وأنت تمارس الغباء وحيٌ من الخيال، لأن الأمم التي تملك مراكز للأبحاث وتهتم بالعلماء ستنهض بعد هذا المخاض، وتستعيد مكانتها بعد أن تتسلّح بالعلم المركون على الرّفوف بدلاً عن الكلاشينكوف، وتقدّم المضاد الحيوي على السّلاح النّووي. التزاحم في هذا العالم للبقاء دخل مرحلة لا يمكن أن نتعامل معها بسذاجة الماضي، وهذا الڤيروس أخذ بيد العالم إلى كهفٍ مظلم نجهل طريقه، ولا نعرف طوله، دون ضوءٍ يُخبرنا بالعثرات، ولا نحتمل اليوم أيّ هفوات أو ترّهات. أرجوكم، وهذا رجاء من انقطعت به السّبل، ولا يشارك بالقرار، ومصيره متعلّق بمجموعة صغيرة تجتمع لتقرّر، أرجوكم ارموا البشوت، وأخرسوا الإعلام البذيء والكهنوت، الذي كلّما قدّمنا رأياً جعله إثماً وذكّرنا بالموت، الأكتاف اليوم مع هذا البلاء متلاصقة، فلا تفرقّونا بالتفاهات، والبقاء اليوم غير قابل للمساومة، قرّبوا منكم الصّادقين، وأبعدوا الجائعين، واهتمّوا بمن تسلّح بعلمه لا بمن يهديكم شعراً أو طيرة، أوقفوا سياسة التّنفيع والمحسوبيّة والهبات والشّيكات، وفعّلوا سياسة التّصنيع والمنظومة العلميّة ودعم أصحاب الشّهادات، وربّي وربّكم على كل أفعالكم، "لسّه يمديكم".
back to top