خاص

اجتماع «أوبك بلس» يرسم ملامح أسواق النفط الفترة المقبلة

• نفطيون لـ الجريدة•: ضرورة البحث عن آليات حقيقية للحد من تدهور أسعار الخام
• الفائض النفطي يتراوح بين 400 و500 مليون برميل... والأسعار على المحك

نشر في 07-04-2020
آخر تحديث 07-04-2020 | 00:04
اجتماع أوبك بلس يرسم ملامح أسواق النفط الفترة المقبلة
اجتماع أوبك بلس يرسم ملامح أسواق النفط الفترة المقبلة
اتفق عدد من المتخصصين في النفط على أن الفائض في المعروض النفطي بالأسواق العالمية يتراوح حالياً مابين 400 و500 مليون برميل، مما أدى إلى هبوط كبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وأكدوا في تحقيق أجرته «الجريدة» ضرورة البحث عن آليات حقيقية للحد من تدهور أسعار الخام خلال اجتماع أعضاء منظمة «أوبك» في التاسع من أبريل الجاري مع المنتجين من خارج المنظمة.

وأشار المتخصصون إلى أن الاجتماع الذي جرى بين أعضاء «أوبك بلس» الشهر الماضي، وباء بالفشل كان يهدف إلى تعميق خفض الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل يومياً؛ لكن الوضع حالياً شهد المزيد من تدهور الأسعار بعد انتشار وباء «كورونا» الذي أعقبته قلة الطلب وزيادة غير منظورة في الفائض النفطي، الذي قارب 500 مليون برميل.

وقالوا إن الاجتماع الطارئ الذي دعت إليه «أوبك» بقيادة المملكة العربية السعودية أصبح ضرورياً فيه بحث تعميق خفض الإنتاج بما يتراوح ما بين 5 و10 ملايين برميل يومياً كي تظهر نتيجة واضحة لتعافي أسعار النفط العالمية، مع ضرورة مشاركة جهات أخرى من خارج «أوبك بلس» كالشركات الأميركية الكبرى أو الحكومة الأميركية ممثلة بإحدى السلطات هناك من أجل سنّ بعض القوانين التي تتيح خفضاً لإنتاج النفط الأميركي.

وشددوا على أن التعاون بين جميع الدول المنتجة أصبح ضرورة حتمية لانقاذ أسعار النفط من مزيد من الانهيارات التي شهدها الخام في الفترة الأخيرة، وفيما يلي التفاصيل:

قال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني، إن الفائض في المعروض النفطي بالأسواق العالمية يبلغ حجمه ما بين 15 و25 مليون برميل يومياً، وهناك طلب على النفط بنحو 90 مليون برميل يومياً، وبذلك يكون هناك انخفاض في الطلب بنحو يتراوح ما بين 10 و15 مليون برميل يومياً، وبهذه الحسبة يكون المعروض المتراكم في السوق منذ بداية الأزمة في يناير الماضي يتراوح ما بين 400 و500 مليون برميل مخزنة في الناقلات وفوق الأرض، إضافة إلى بعض الاختلالات في أسواق النفط بعد نسبة الخصومات الكبيرة التي أقدمت عليها بعض أطراف "أوبك"، التي وصلت في بعض الأحيان ما بين 10 و15 دولاراً على البرميل، مما أدى في الفترة الأخيرة إلى عرقلة توازن الأسعار النفطية في الأسواق العالمية، فضلاً عن ذلك، فإن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر في أقصى حالاتها الإنتاجية بحجم يبلغ نحو 13 مليون برميل يومياً، وهو يعتبر إنتاجاً عالياً جداً، مما يؤرق ويخل بالثقة بين دول تحالف أوبك.

توازن الأسواق

وأضاف بهبهاني أن هناك تعقيداً آخر يخل بتوازن الأسواق كاستثناء بعض الدول من الخفض مثل ليبيا وإيران وفنزويلا، وفي بعض الأحيان نيجيريا والعراق، إضافة إلى عدم تجاوب البعض مع سقف التخفيض مما يجعل هناك نسبة مخترقة في قرارات الالتزام.

وأعرب عن اعتقاده بأن نية اتفاق الخفض في الاجتماع المقبل لمنظمة "أوبك" متوفرة بشرط أن يكون هناك تحالف قوي مع دول من خارج المنظمة مثل المكسيك والبرازيل وكندا والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى.

ولفت إلى أن استشعار الولايات المتحدة بقرب انعكاس الضرر عليها جراء انهيار الأسعار بشكل قوي نتيجة انتشار وباء "كورونا" وقلة الطلب على النفط جعلها تبادر بالاتصال مع أكبر منتجي النفط في العالم وهما روسيا والسعودية ووضع حلول للأزمة وعلى الرغم من إجراء الولايات المتحدة لهذه الاتصالات مع الأطراف المعنية، فإن بعض الشركات الأميركية النفطية الكبرى ومعهد البترول الأميركي مازالوا مترددين في التجاوب مع خفض الإنتاج، مشيراً إلى أن الشركات النفطية الأميركية الصغيرة أبدت استعدادتها لخفض الإنتاج كنتيجة مباشرة لتضرر استثماراتها بسبب انخفاض أسعار النفط.

الشركات الأميركية

وذكر بهبهاني أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبدى تحفظاً شديداً عند الحديث عن اجتماعه مع شركات النفط الأميركية بهذا الخصوص ، ولم يشر لنتائج الاجتماعات مع تلك الشركات، وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب تحدث عن بدائل سيعرضها لاحقاً لكن سقطت منه بعض التعابير بأنه سيفرض رسوماً على النفط السعودي المصدّر إلى بلاده، معتبراً ذلك تأجيجاً في غير محله يأتي قبل اجتماع "أوبك بلس".

وأشار بهبهاني إلى تأييد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتصريحات ترامب بضرورة خفض 10 ملايين برميل كي يعود السوق إلى سابق عهده، لافتاً إلى أن بوتين اشترط ضرورة تجاوب الولايات المتحدة مع هذا المشروع وإلا فلن يكون هناك مشروع أساساً.

وقال إن الولايات المتحدة تعاني مشكلة قانونية، هي نظام السوق الحر المعمول به هناك، والذي يتعارض مع قانون "نوبك" (أي لا لتكتل لإنتاج وتصدير النفط لعام 2019) بعدم الاحتكار.

سيناريوهات متوقعة

وأضاف بهبهاني أن هناك سيناريوهات متوقعة في هذا الإطار حول الاجتماع منها أن يكون هناك تحالف بين دول "أوبك" فقط وهو يعني أن يكون الخفض 1.5 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام، وهذا لن يؤثر كثيراً على سعر النفط لأن المعروض كبير.

وأضاف أن الاحتمال الآخر وهو إصرار روسيا على مشاركة أميركا في الخفض، مما قد يؤدي إلى انسحاب موسكو من "أوبك بلس" في حال عدم مشاركة واشنطن في قرارات الخفض.

تشريعات أميركية

وعن الاحتمال الأقوى رجح بهبهاني أن يكون هناك توافق أميركي روسي سعودي بعد تشريع قانون أميركي يتيح للشركات الأميركية التعاون في الخفض، الذي يجب أن يكون في حدود 10 ملايين برميل يومياً، متوقعاً تراجع المخزون النفطي مع هذا الاتفاق ووصول أسعار النفط إلى نحو يتراوح ما بين 30 و35 دولاراً للبرميل، مبدياً في الوقت نفسه مخاوفه في حال عدم تجاوب الدول مع قرارت خفض الإنتاج أن تصل الأسعار إلى القاع لتنتهي إلى 10 دولارات لتبدأ المعاناة مع هذا السعر المنهار.

شبه مناوشات

من ناحيته، أكد أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. أحمد الكوح، أن هناك شبه مناوشات بين أكبر طرفين في تحالف "أوبك بلس" أي المملكة العربية السعودية وروسيا وذلك من خلال إلقاء التهم بينهما حول إنهاء تحالف "أوبك بلس"، لافتاً إلى أن هذا الأمر يعتبر شيئاً غير إيجابي وكأن روسيا مجبرة وكذلك السعودية على الاجتماع المقبل.

وقال الكوح، إن أكثر ماكانت "أوبك" تتمناه وتنتظره في بداية اجتماع الشهر الماضي، الذي انتهي بدون اتفاق أن يكون هناك خفض بنحو 1.5 مليون برميل يومياً من خلال تحالف "أوبك بلس"، ومع فشل هذا الاجتماع وتزامناً مع تفاقم مشكلة أسعار النفط التي شهدت انهياراً غير مسبوق خصوصاً مع انتشار وباء كورونا عالمياً، الذي أدى إلى توقف المصانع، وقلة الطلب على النفط، وأسفرت عنه وفرة في المعروض النفطي بالأسواق العالمية.

التعاون حتمي

وأوضح أن الاجتماع الطارئ الذي دعت إليه "أوبك" بقيادة المملكة العربية السعودية، بات من الضروري حتماً أن يتم فيه الاتفاق على خفض يبلغ نحو خمسة ملايين برميل يومياً كي نرى نتيجة تنعكس على تعافي أسعار النفط العالمية، لافتاً إلى ضرورة مشاركة جهات أخرى من خارج "أوبك بلس" مثل الشركات الأميركية الكبرى أو الحكومة الأميركية ممثلة بإحدى السلطات هناك من أجل سن بعض القوانين التي تتيح خفضاً لإنتاج النفط الأميركي، موضحاً أن التعاون من جميع الدول المنتجة أصبح ضرورة حتمية لإنقاذ أسعار النفط من المزيد من الانهيارات التي شهدها الخام في الفترة الأخيرة.

وتوقع الكوح أن يكون الاجتماع المقبل "أياً كان موعده" موفقاً، متمنياً أن تكون نتائجه مرجوّة لكنه رجّح صعوبة انصياع روسيا للأمر الأميركي الذي دعا أطراف "أوبك بلس" للاجتماع في هذا الإطار، مشيراً إلى أن التصريحات الروسية الأخيرة غير مبشّرة للإجماع على اتفاق خفض الإنتاج من أول اجتماع بين أعضاء "أوبك بلس"، إذ ان ذلك الإجماع تحكمه أسعار النفط التي شهدت تعافياً نسبياً أفضل من السابق.

وأشار إلى أن الاجتماع المقبل سيكون خطوة موفقة لجلوس أعضاء "أوبك بلس" بعضهم مع بعض لوضع آليات وأرقام حول كيفية إدارة الأزمة، لأنه من الصعب التوافق بسرعة حول كل أمور وقرارات خفض الإنتاج، مبيناً أن التوافق سيستغرق عدة أسابيع حتى يصل المجتمعون إلى حلّ توافقي خصوصاً أن أعضاء "أوبك" ممثلين بالسعودية والكويت والإمارات خرجوا من الاجتماع الأخير أكثر انزعاجاً من نتائجه السلبية، التي أدت إلى قرارهم بزيادة الإنتاج.

نزيف الأسعار

بدوره، قال نائب مدير البرامج الاكاديمية في الكلية الأميركية الدولية د. عواد النصافي، إن أسعار النفط تأثرت بالانكماش الاقتصادي وأزمة فيروس كورونا التي ضاعفت نزيف الأسعار.

وأضاف النصافي، أن فشل الاتفاق بين مجموعة "أوبك" من ناحية وروسيا من ناحية أخرى أدى إلى انهيار الأسعار، وجعل دول "أوبك" تخوض حرب أسعار حادة للمحافظة على الحصص من ناحية، وللضغط على روسيا للرجوع للمفاوضات بشروط "أوبك".

وأشار إلى أن التعنت الروسي لم يدم طويلاً، إذ قامت بتوسيط الولايات المتحدة للحد من تدهور الأسعار؛ معرباً عن اعتقاده بأن جميع الأطراف تضررت من الأسعار، التي وصل إليها النفط بما فيها الولايات المتحدة.

وتوقع التوصل إلى اتفاق بين "أوبك" وروسيا للمحافظة على الأسعار، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الأسعار لن تصل إلى ما كانت عليه سابقاً فهناك عوامل أخرى تؤثر سلباً على الطلب، منها الوقت والأسعار الحالية، معتبراً تلك العوامل فرصة ذهبية للوصول لاتفاق تخرج منه جميع الأطراف متوافقة.

هيكلة الاقتصاد

واستطرد قائلاً، إنه في حال لم يتم التوصل لاتفاق واستمر التعنت الروسي فإن ذلك سوف يزيد من فجوة قلة الطلب على النفط، مما قد يسبب تدهوراً كبيراً في الأسعار بالسوق العالمي وينذر باتساع عجوزات ميزانيات دول الخليج، مما سيتسبب في إعادة هيكلة الاقتصاد بما يتناسب مع الأوضاع الحالية.

وشدد النصافي على ضرورة إعادة النظر في مستوى المصروفات الحالية بميزانية الكويت وتأجيل الكثير من المشروعات النفطية ومشروعات البنية التحتية.

ونبه إلى أن تدهور أسعار النفط يعتبر فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد المحلي، وإعادة صياغة القطاع الخاص ليقوم بالدور المطلوب منه في تحمل جزء من التكاليف من خلال فرض الضرائب والتوظيف للعمالة الوطنية وإعداد خطط فاعلة تتماشى مع معطيات المرحلة، معرباً عن تصوره أنه في حال لم يتم الاتفاق بين أطراف "أوبك بلس" فإن الأزمة سوف تطول والأسعار لن تعود إلى مستوياتها العادلة.

أتوقع وصول أسعار الخام إلى 10 دولارات للبرميل في حال فشل اجتماع «أوبك بلس» في تعميق خفض الإنتاج بهبهاني

فشل أطراف المعادلة بالتوصل إلى اتفاق سيطيل أمد الأزمة النصافي

إشراك شركات النفط الأميركية في «الخفض» ضرورة حتمية لإنقاذ الأسعار من الانهيار الكوح
back to top