حكومة للبلد لا حكومة أزمة!

نشر في 01-04-2020
آخر تحديث 01-04-2020 | 00:18
 محمد المقاطع التفوق والتميز اللذان أدارت بهما الحكومة "أزمة الكورونا" بصورة عامة، والحركة الدؤوبة والإشراف المباشر من المسؤولين، والنزول المكثف للميدان وضبط الرقابة وصرامتها، والتكامل التفاعلي بين كل الأجهزة الحكومية، ومواجهة النواب لمنع تجاوزاتهم، ووقف الواسطة بمعظم الأحوال بنسبة ٩٣ في المئة (لوجود تجاوزات في مستحقي الإجلاء)؛ جميعها أعادت ولادة دولة المؤسسات بشكل كان مفقوداً عقوداً طويلة، والأهم هو إعادة ولادة حكومة كاملة الدسم بإمكانياتها السياسية والإدارية واليومية، وشعر الناس بسرعة غير معهودة في اتخاذ القرار، بل وشفافية شبه كاملة في معظم الأمور. إن الكويت بحاجة ملحة إلى أن تولد لديها الحكومة بمؤسسيّتها من جديد، لا في زمن الأزمات فحسب، بل بصورة مستمرة ومستقرة، لتنهض من جديد وتستعيد مكانتها الرائدة، والتي كانت سمتها اللافتة في الستينيات من القرن الماضي.

إن فعالية الحكومة بأجهزتها وجديتها تبرهن على أننا نملك الإرادة والقدرة أن نواجه أية مشكلات تتعرض لها الكويت، وتُثبت أن حل أي ملف هو في متناولنا وضمن قدرات الحكومة، وتؤكد تلاشي التبريرات والتسويفات لتعليق الملفات أو تضخمها، وأن متطلبات إعادة الاعتبار للبلد وإصلاح ما فسد من أحواله وما ترهل من مؤسساته والتراخي بالقرار وشَلّه، والمحسوبيات والواسطات التي هيمنت على البلد بشكل مقصود ومصطنع لأغراض سياسية أو شعبوية غير منطقية، جميعها موضوعات طيعة، والقدرة على تجاوز إشكالياتها مسألة يسيرة لأجل إعادة الاعتبار للبلد من جديد بحكومة قرار صادقة في أدائها وتوجهاتها.

رب ضارة نافعة، فعلى الرغم من مخاطر وأضرار أزمة الكورونا، التي نسأل الله أن يجنبنا آثارها وسلبياتها ويرفعها عن بلدنا ويجنبنا بلاءها ووباءها عاجلاً غير آجل، فإنها كشفت حقيقة قدرات الدولة وإمكانياتها، وأنها قادرة على أن تقود البلد بفعالية ونجاح لتخطي هذه "الأزمة" أو أية "أزمات"، إذا توافرت رغبة وإرادة وتوظيف للإمكانيات، وهي حقيقة أماطت اللثام عن نهج غياب الدولة وإفراغ المؤسسات وتعطيل الأجهزة، الذي كان سائداً حتى هبطت الكويت للدرك الأدني من الضعف والتسويف، بل وانتشار الفساد ورعايته. إن أقنعة التستر وراء مبررات وتخوفات وترددات، والخضوع لضغوطات سياسية ونيابية، جميعها سقطت أثناء "أزمة الكورونا"، وهذا مخاض وطني مستحق لإعادة ميلاد الدولة والحكومة بمؤسسيتها.

وأصبح هذا الأمر اليوم مرهوناً برغبتها وإرادتها ومصداقيتها، لإدراك أنها قادرة على حل كل ملفات البلد العالقة والمترهلة منذ ثلاثة عقود من الزمان، فالتنمية والبنية التحتية والإسكان والصحة والتعليم والحريات والثقافة والتعليم ووقف الفساد وتزوير الجنسية وإصلاح نظام الانتخاب ومواجهة نواب الفساد ونهب البلد وتضخم الحسابات ملفات هينة لا عوائق أمام حلها إطلاقاً، بحكومة لديها الرغبة والإرادة والحزم والمؤسسية، التي شاهدناها خلال "أزمة الكورونا"، ولن يكون للحكومة عذرٌ بعد اليوم، إن لم تعالج كل هذه الملفات بسرعة وجدية، وسيكون الناس قاسين جداً في محاسبتها وفضحها، بل ومواجهتها إن فرطت بحل هذه الملفات، وسأكون شخصياً مراقباً لذلك مع الغيورين من أهل البلد، فانتشال الكويت من وحل التراجع والفساد، ومن تراكم ملفات أثقلت كاهلها، خيار لا مساومة فيه أو عليه، ولْيتوارَ كل فاسد يعرقل ذلك، مسؤولاً كان أو نائباً، وقد دقت ساعة الإرادة الشعبية غير المتسامحة مع الحكومات المتراخية أو المفرِّطة، وبات ميلاد حكومة جديدة للكويت لا تكون "حكومة أزمة" فقط، خيارَنا الوحيد. إن سنة الله بإحداث التغيير هي "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".

back to top