رابط نووي بين الصين وباكستان... ما موقف الهند؟

نشر في 01-04-2020
آخر تحديث 01-04-2020 | 00:00
 ذي دبلومات صادر ضباط الجمارك الهنود السفينة الصينية "داي كوي يون" التي كانت متّجهة إلى "كراتشي" في ميناء "كاندلا"، في ولاية "غوجارات" الهندية، في شهر فبراير من هذه السنة لأنها لم تعلن نقلها خزّان ضغط وارد على لائحة "مراقبة الصادرات ذات الاستخدام المزدوج"، صودر ذلك الخزان، ثم أكدت الحكومة الهندية بعد تحقيقاتها في وقتٍ سابق من شهر مارس أن الجهاز له استعمالات عسكرية، تُستعمَل هذه الأجهزة لتصنيع صفائح من السيليكا ويمكن استخدامها في صواريخ بالستية عاملة بوقود صلب للسماح لها بتحمّل درجات الحرارة المرتفعة والضغوط الفائقة عند إطلاق الصاروخ.

تدخل الصين وباكستان في خانة خصوم الهند الاستراتيجيين، فالصين معروفة تاريخياً بنقل تقنيات الأسلحة والمواد النووية إلى باكستان، بدءاً من فترة الثمانينيات، وقد ساعدت من خلالها إسلام أباد في تطوير نظام ردع نووي خاص بها ضد الهند، ومن المعروف مثلاً أن الصين نقلت تصميماً كاملاً لسلاح نووي إلى باكستان في بداية الثمانينيات، وقد كانت عملية النقل هذه استثنائية، إذ لم يسبق أن سلّم أي بلد آخر تصميماً كاملاً لسلاح نووي إلى أحد شركائه الاستراتيجيين، وفي بداية الثمانينيات أيضاً، منحت الصين باكستان اليورانيوم المستعمل لصنع الأسلحة لتشغيل جهازَين نوويَين، كذلك باعت الصين في عام 1988 عناصر من صواريخها البالستية القصيرة المدى "إم-11" إلى باكستان، فاستعملتها هذه الأخيرة لتطوير صواريخ ذات قدرة نووية.

فرضت الولايات المتحدة من جهتها عقوبات عدة على الصين خلال التسعينيات للحد من انتشارها النووي، لكن رُفِعت تلك العقوبات حين أكدت الصين تطبيق توجيهات "نظام مراقبة تكنولوجيا القذائف" الذي يهدف إلى الحد من انتشار الصواريخ والتكنولوجيا الصاروخية، مع أنها لم تكن جزءاً من هذا النظام، ومع ذلك تتابع الصين نقل تكنولوجيا الأسلحة النووية إلى باكستان بناءً على تفسير ضيّق لتلك التوجيهات، وبالطريقة نفسها خالفت الصين أيضاً التزاماتها بموجب "مجموعة موردي المواد النووية" منذ أن أصبحت عضواً فيها في عام 2004 بعد تطوير مفاعلات نووية في "كراتشي".

تكشف الحادثة الأخيرة في ميناء "كاندلا" أن المساعدات الصينية لباكستان لا تزال تقلق الهند، فقد نجحت إسلام أباد في تطوير إمكانات تصنيع أسلحة نووية بسرعة بمساعدة الصين، وفي الفترة الأخيرة طرحت باكستان عدداً من أنظمة الصواريخ الجديدة ذات القدرة النووية، على غرار الصواريخ البالستية العاملة بوقود صلب "شاهين 3"، ويصل نطاقها إلى 2750 كلم، رصد الخبراء قواسم مشتركة بارزة بين تصاميم صواريخ "شاهين" وصواريخ "دونغ فنغ –11" الصينية.

وفي مارس 2018 أكدت "وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية" إقدام باكستان على اختبار صاروخ "أبابيل" المزوّد بمركبات إعادة الدخول المستقلة المتعددة، حيث تسمح هذه المركبات لأي صاروخ بالستي بإطلاق رؤوس حربية نووية مستهدفة نحو وجهات منفصلة، ثم أكدت الصين لاحقاً أنها تساعد باكستان في تطوير قدراتها لتصنيع مركبات إعادة الدخول المستقلة المتعددة، ويشمل الاتفاق بينهما بيع نظام قياس وتعقّب بصري متطور جداً وواسع النطاق.

بالإضافة إلى مصادرة خزّان الضغط على متن سفينة "داي كوي يون" بموجب الإجراءات القانونية المحلية، نقلت الحكومة الهندية مخاوفها إلى الجانب الصيني، وتثبت هاتان الخطوتان موقف الهند الاستباقي ضد الانتشار النووي الصيني، لكن يجب أن تستعمل الهند خيارات دبلوماسية أخرى لمجابهة الرابط النووي القائم بين الصين وباكستان، وبصفتها عضواً في "نظام مراقبة تكنولوجيا القذائف"، تستطيع الهند أيضاً أن تطرح هذه المسألة خلال الاجتماعات لفرض ضغوط عالمية على بكين وإجبارها على الالتزام بالتوجيهات وربط عضوية الصين في ذلك النظام بالامتناع عن نقل التقنيات النووية، كذلك على الهند أن تستعمل منتديات دولية مهمة أخرى، مثل "ترتيب فاسينار" و"مؤتمر نزع السلاح"، للكشف عن تلك العمليات والحد منها، والأهم من ذلك هو أن تطلق الهند نقاشات حول الرابط النووي بين الصين وباكستان في برلمانها المحلي، بما يضمن إطلاع الرأي العام على هذا الموضوع واتخاذ إجراءات دبلوماسية متواصلة في هذا الصدد.

* سينجانا غونيا ونسيما خاتون

* «دبلومات»

back to top