ما قل ودل: البشرية تخوض حرباً عالمية ضد كورونا

نشر في 29-03-2020
آخر تحديث 29-03-2020 | 00:10
 المستشار شفيق إمام الحرب العالمية الحقيقية

الحرب التي تخوضها البشرية جمعاء ضد فيروس كورنا هي أول حرب عالمية تخوضها ضد هذا الفيروس الذي يقتل ويدمر ويبيد الحياة، هذا الفيروس المحموم الذي يهدد النوع الإنساني كله، يبيد الإنسان الكائن الأعلى بين الأحياء، بصرف النظر عن لونه أو شكله، وجغرافية أرضه، واللغة التي يتكلم بها، والمذهب الذي يتمذهب به، والدين الذي يدين به، والإله الذي يعبده، والعمل الذي يزاوله، والنظام الذي ينتظمه ويحكمه، ينظر إلى الإنسان نظرة تجريدية، ويجتاح العالم كله من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، من كل القوميات والأعراق والأيديولوجيات، والدول الأكثر ثراء والدول الأكثر فقراً، الدول التي تملك أكبر ترسانات عسكرية، والصواريخ التي تعرف هدفها، دون أن يعرف مصدرها، والطائرات دون طيار، وكلها تحمل أدوات القتل والتدمير للبشرية ولكل الكائنات الحية من نبات وحيوان، والدول التي تملك القنبلة النووية، أفظع قوة تدميرية في الكون، تهدد البشرية كلها بالفناء والانقراض بلا استثناء، تهدد الدول التي تملك أطنانا من المال وجيوشا من العلماء والأطباء، وأطنانا من المعدات الطبية والأدوية، وتهدد بلاداً أضناها الفقر والشقاء، وأكثر من مليار نسمة يعانون المجاعات أو سوء الحال أو نقص التغذية.

تخوض البشرية كلها أول حرب عالمية حقيقية ضد هذا الفيروس، بسلاح لم تكتشفه بعد، وقد توارت كل هذه الترسانات العسكرية استيحاء منه، فهو أشبه بشبح ذي قدرة خارقة على إبادة الجنس البشري.

العالمية مجازاً للحربين السابقتين

فالحرب العالمية الأولى لم تجاوز رقعتها أوروبا بشرقها وغربها، والبلاد التي سلخت من الإمبراطورية العثمانية، ومنها البلاد العربية، والحرب العالمية الثانية دول الحلفاء التي شاركت فيها دول المحور التي أعلنت الحرب، ولم تجاوز رقعتها أوروبا وشمال إفريقيا، التي غزتها ألمانيا، واليابان التي غزت الفلبين والملايو وبورما وأندونيسيا، وعدد من جزر المحيط الهادي، وكانت أستراليا قد تحولت إلى قاعدة لدول الحلفاء في حربها ضد اليابان، فهما حربان لم تستحقا العالمية لأنهما لم تشملا العالم كله كما فعل كورونا.

انهيار الاقتصاد العالمي

وقد يصبح الاقتصاد العالمي على شفا الهاوية إذا استمر انتشار هذا الفيروس، فقد فقدت أسعار الأسهم في الأسواق العالمية ثلث قيمتها (19 تريليون دولار) وانخفضت نسب الفائدة وعوائد السندات الحكومية إلى نسب متدنية، وقد قرر مكتب التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة أن أزمة كورونا أثرت سلبا في الناتج الإجمالي العالمي بين 2 و4 تريليونات دولار، وأصيب الاقتصاد العالمي بشلل كامل، وقد أغلقت كثير من المصانع، الأمر الذي أدى إلى فصل كثير من العمال، كما توقفت حركة الطيران والسياحة والنقل البحري والنهري والبري، وقد أدى الأمر إلى إفلاس بعض الشركات في مختلف دول العالم.

وقد أقرت الولايات المتحدة الأميركية خطة لتحفيز الاقتصاد، وهو ما قد يؤثر سلبا في الحجر الصحي لفئات الشعب الأميركي العالمية، وهو ما نبه إليه بعض أعضاء الكونغرس والمحللين الاقتصاديين.

الانهيار الأخلاقي

تسبب ترويع الناس بهذا الفيروس وتركيز الحكومات على الحجر الصحي داخل المنازل لاتقاء شر هذا الوباء ومنع التجمعات في زيادة التباعد الاجتماعي بين الأفراد والعائلات، بل داخل العائلة الواحدة، إلى الحد الذي رفض أفراد أسرة إيطالية زيارة والدهم الذي يعاني سكرات الموت، وكان قد طلب رؤيتهم قبل وفاته، رغم طمأنة المستشفى لهم بأنه سيعقمهم، كما لو كانوا داخل غرفة العمليات، قالها الطبيب المعالج للصحف الإيطالية وقد دمعت عيناه من عقوق الأولاد.

وقد يشعل وباء كورونا الأسعار، حيث سيقوم بعض التجار باستغلال حاجة الناس برفع أسعار السلع الغذائية، والأدوية وغيرها، وإخفاء سلعهم تحسبا لزيادة أخرى للأسعار، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة حالة الناس تفاقماً.

back to top