السوريون أسقطوا الببيونة!

نشر في 12-03-2020
آخر تحديث 12-03-2020 | 00:20
 محمد الوشيحي الناظر إلى أوروبا من الخارج، يتخيلها ذلك الشاب الوسيم الأنيق، ببذلته السموكن وربطة الببيونة، والتفاصيل الراقية، والمشاعر المرهفة الإحساس، والذوق الفني الرفيع، وعشق السيمفونيات، والتأثر بالقصص الرومانسية، وتربية القطط، والاعتناء بورود الشرفة، والحس الإنساني الطاغي، ووو...

تتابع تصريحات المسؤولين الأوروبيين فتجدها تتحدث عن الإنسان وحقوقه ومشاعره، بلُغةٍ وردية ناعمة تشم منها رائحة الورود، لا يبقى لها إلا أن تُختم بدموع وأحضان: تلك الدولة الآسيوية يجب أن تحترم حقوق الإنسان، وذلك الحاكم الإفريقي ينتهك حقوق الإنسان، وهذه جائزة للإنسانية، وتلك جائزة لمن يعتني بالحيوان ويرفق به. أما الأطفال والنساء، في خيال المسؤولين الأوروبيين، فحكاية أخرى تفوق بنعومتها كل شيء.

ثم فجأة، تنطلق جموع اللاجئين السوريين الهاربين من حمم القصف والقنابل والصواريخ، ولسعات البرد القارس المنزوع الرحمة، بأطفالهم ونسائهم وكبارهم وصغارهم وألعابهم في أيديهم، فتتصدى كتائب العسكر لهذه الجموع، وتتبدل التصريحات الوردية بالرصاص المطاطي، وتختفي أصوات السيمفونيات تحت صرخات التحذير والتهديد في حال اقتراب لاجئ من حدودها، ولْيمُت هؤلاء اللاجئون من البرد والجوع، فالقضية لا تعني الرجل الأنيق! وبذلك تتمزق بذلة السموكن، وتسقط الببيونة الأنيقة.

لن أغفر لعقلي خيالاته التي كانت تعتقد أن الأوروبيين سيشيّدون مقراً للاجئين، مقراً يوفر جميع الاحتياجات الإنسانية، من أكل وشرب وسكن وطبابة ووو! لن أغفر لعقلي تلك الخيالات، وكان الله في عون أولئك اللاجئين.

back to top