ملاحقة المحامين بغسل الأموال

نشر في 10-03-2020
آخر تحديث 10-03-2020 | 00:19
 أحمد عبدالله المطوع دائماً ما أُردد مُعاناة المحامين في المحاكم وإدارات وزارة العدل على أصدقائي من غير القانونيين، وقد كنت أتحدث هاتفياً مع صديق عبر "whatsapp call" فقلت له: "لم يلبث أن يستقرّ عمل المحامين ويهدأ لهم بال حتى جاءتهم الريح العاصف للفوضى التشريعية مثل تشتيت محاكم الأسرة والأحداث بحسب المحافظات، وضياع أو سرقة الملفات، وأزمة الإعلان وغيرها من إجراءات يومية، فضلاً عن تأخير انعقاد الجلسات، وسوء معاملتهم في بعض المخافر ومن بعض المحققين والسادة وكلاء النيابة..."، لن تكفي كلمات المقال لشرح معاناة مهنة المحاماة الشاقة وما يتعرض له السادة الزملاء يومياً، ولو استمر شرح المُعاناة فسنجد الأهوال... انتهت مُقدمة المقال ولم تنتهِ المكالمة.

استرسلت في نقاشي معه وقلت إن المُشرّع عكف في الفقرة ج من المادة (1) من القانون رقم

106 /2013 في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على فرض الرقابة على الأعمال والمهن غير المالية، ويشمل ذلك المحامين، وذلك لدى قيامهم بإعداد أو تنفيذ أو القيام بمعاملات لمصلحة عملائهم، لم يكتفِ بالرقابة بل وضع محظورات على المحامين وحصرها في أربعة أنشطة، هي شراء أو بيع العقارات، وإدارة أموال العميل، بما فيها أوراقه المالية أو حساباته المصرفية أو ممتلكاته الأخرى، وتأسيس أو تشغيل أو إدارة أشخاص اعتبارية أو ترتيبات قانونية وتنظيم الاكتتابات المتعلقة بها، وبيع أو شراء الشركات لمصلحة الموكلين أو العملاء.

من شأن تلك العمليات التي تشكل شُبهة ونشاط جرائم غسل الأموال المنصوص عليها في المادة 2 من القانون، أن تنتج عنها متحصلات الجريمة كأي أموال تنشأ أو تُحصّل - بصورة مباشرة أو غير مباشرة - وتشمل ما تدره هذه الأموال من أرباح أو فوائد أو ريع، سواء بقيت على حالها أو تم تحويلها كلها أو بعضها للعميل.

لذلك علينا جميعاً كمحامين توخي الحذر من إدارة أموال العملاء حتى وإن كانت من باب تخليص المعاملات وإنجاز المهام والاهتمام بالعميل.

وطلبت منه - أثناء المكالمة- أن يتناول معي القهوة أثناء فترة العمل فقالي لي ما قال، وفهمت منه ما فهمت، ولم أفهم المُعظم، وقد قال الآتي:

"العاملون في البنوك خارجون عن الملّة وخارجون عن رحم الدستور، ويبدو أن رؤوس الأموال والرأس مالية وبعض مُلاك البنوك والمصارف استولوا في السابق على قرار نواب مجلس الأمة، بحيث أصدر الأخير قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 /2010 وتعديلاته، حيث جاءت المادة 65/أ منه لتنص على أنه (لا يجوز تشغيل العامل أكثر من خمس ساعات متصلة يومياً دون أن يعقبها فترة راحة لا تقل عن ساعة ولا تحسب فترات الراحة ضمن ساعات العمل. ويستثنى من ذلك القطاع المصرفي والمالي والاستثماري فتكون ساعات العمل ثماني ساعات متصلة)... انتهت المكالمة، واستنتجت الآتي:

لم أجد فلسفة تشريعية لا بسبب طبيعة الوظيفة في القطاع المصرفي ولا بالمذكرة الإيضاحية المشفوعة بالقانون التي ظلت صائمة عن تبرير استثناء القطاع المصرفي والمالي والاستثماري، فبعض نواب الأمة يُسارعون بالاعتداء على حق العامل في الراحة الذي لا يُحسب ضمن ساعات العمل ويحمون مكاسب بعض التجار، لبئس ما كانوا يصنعون، فلو كان الاستثناء للمهن ذات الطبيعة الخاصة كالأطباء في القطاع الخاص لكان الاستثناء مُستساغاً، لذلك على مجلس الأمة سرعة إلغاء هذا الاستثناء البائس الذي يجعل من المواطنين - وهم كُثر - والمقيمين العاملين في القطاعات المُستثناه بمثابة آلات دونما رحمة، ومساواتهم بباقي البشر العاملين انطلاقاً من مبدأ العدل والمُساواة المقرر في الدستور.

back to top