ومضة: لعبة السلم والثعبان

نشر في 06-03-2020
آخر تحديث 06-03-2020 | 00:03
 أسامة العبدالرحيم قلق، ارتباك، مستقبل مجهول، هكذا استقبل موظفو مكتب الإنماء الاجتماعي عامهم الجديد في 2020 بعد قرار نقل تبعية المكتب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بمرسوم أميري رقم (249) في تاريخ 29 ديسمبر 2019 دون إصدار قرار ملحق للمرسوم يوضح سلم الرواتب ويحفظ به الموظفون حقوقهم المكتسبة ومزاياهم المالية.

مكتب الإنماء الاجتماعي تأسس في 1992 برغبة سامية من أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح بهدف التصدي لآثار العدوان العراقي على الكويت، الذي اقترفه النظام الصدامي البائد، وإعادة تأهيل الذات الكويتية وتخليصها من شوائب المعاناة النفسية والاجتماعية والتربوية للمساهمة في بناء المجتمع، وبعد أكثر من عشرين عاماً من الإنجاز والعمل الدؤوب انحسرت فيها الحالات المرضية من جراء الاحتلال الغاشم، استمرت المسيرة الناجحة للمكتب بسواعد كوادره الوطنية وتطوّر عمله واهتمامه بالتنمية البشرية لتطوير الإنسان والارتقاء به على المستوى النفسي والاجتماعي، وزيادة الوعي المجتمعي بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني وتقديم المشورة العلمية لمختلف الجهات والمؤسسات الحكومية وغيرها لمواجهة التداعيات الاجتماعية والثقافية والمعرفية بالتزامن مع التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، بالاعتماد على الأسس المرجعية العالمية ذات الصلة بالتنمية الاجتماعية وإجراء الاستطلاعات العلمية لاكتشاف الحالات وتصنيفها إحصائياً والآثار الناتجة عنها سواء كانت جسدية أم اجتماعية أم نفسية، بالإضافة إلى نبذ العنف وتعزيز ثقافة الوسطية والوحدة الوطنية في الحياة العامة.

ففي بداية السنة الجديدة وبعد إصدار مرسوم نقل تبعية مكتب الإنماء المفاجئ تناقلت الأخبار في وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر مختلفة بعضها تُطمئن موظفي المكتب وبعضها الآخر تشير إلى ضررهم والمساس في حقوقهم أو عدم حسم الموضوع بعد، هذه الخطوة تأتي ضمن خطة الحكومة الجديدة وهي الحكومة الحادية عشرة خلال أكثر من عشر سنوات! فكل حكومة تأتي بخطة ورؤى مختلفة، بعضها يقلص أو ينشئ هيئات حكومية وتأتي حكومة تليها تدمجها أو تنقلها أو تلغيها وكأنها في لعبة السلم والثعبان! وآخرها توجه رئيس الوزراء الجديد لتقليص ودمج 16 جهة حكومية أخرى حسب ما تناقلته الأخبار في بعض الصحف المحلية. وفي الوقت نفسه تابعنا سلسلة تصريحات استفزازية على لسان بعض القيادات الحكومية والتجار الرأسماليين يحمّلون فيها المواطن البسيط عجز الميزانية وبأنه يجب إعادة النظر في رواتب القطاع الحكومي وتخفيفها كحل لترشيد ميزانية الدولة! وقد كان الغضب الشعبي من تلك التصريحات كفيلا بتراجع ونفي بعض المحسوبين على الفريق الحكومي من تلك التصريحات، إلا أن ما نراه في الواقع والمعلومات المنشورة في الصحف اليومية تكشف عن وجود برنامج حكومي متكامل لتحميل الطبقة المتوسطة والفئات الشعبية أعباء عجز الميزانية عبر تشريعات مقترحة وإجراءات تنفيذية يجري إعدادها من شأنها المساس بحقوق وظيفية مكتسبة، وزيادة أسعار الخدمات الحكومية وفرض ضرائب غير عادلة اجتماعياً تناقض الأساس الدستوري للاقتصاد الكويتي. في النهاية نقول إن الحقوق المكتسبة لموظفي مكتب الإنماء الاجتماعي خط أحمر، وغير مقبول التعسف والمساس بها، فمستقبل المواطنين ليس حقل تجارب لدراسات وخطط عشوائية، ومن الأولى أن تتحمل الحكومات المتتابعة مسؤولية عبثها وفاتورة فشلها في السنوات الأخيرة.

back to top