سدانيات: دولة كرنفال!

نشر في 06-03-2020
آخر تحديث 06-03-2020 | 00:10
 محمد السداني كلما أردت أن تمعن في فهم هذا البلد وفهم ما يحدث فيه وجدت نفسك تائهاً حائراً لا تعرف من أي تبدأ ومن أين تنتهي، فالوفرة المالية التي عشناها بعد النفط إلى زمن كورونا الذي نعيشه شكلت حقبة حقيقية تحتاج للفهم والدراسة.

أعتقد قبل أن نشخِّص واقعنا المرير أن علينا أن نصارح أنفسنا بالكثير من الأكاذيب التي ظلَّت تتوارثها الأجيال دون وعي! إن نهضة ما بعد النفط التي جاءت على حاملات النفط والتي حطمت مجتمعا كاملا كان يحمل تنوعا حرفيا وتجاريا متسقا متوافقاً مع بعضه، جاءت ويدفع عجلتها آخرون لا ينتمون إلى هذا المجتمع، فمن وضع مخطط الدولة بريطاني، والمعلم كان فلسطينيا، والحداد كان إيرانيا، وهلمَّ جراً! لم تبنَ الكويت التي نرى الأغاني القديمة تتغنى بها– صباح مساء– على أيدي الكويتيين الذين خلعهم النفط من مواطن الإبداع والحرفية ومجالاتهم التي يحسنونها، ورماهم في أتون صراع الترف والدعة السياسية، فجعلهم بعيدين كل البعد عن شخصية المواطن الحقيقي إلى المواطن المستفيد من عائدات النفط فقط!

وقد يتساءل الكثير: هل هذه الحالة جاءت محض المصادفة أم أنها جزء من مخطط سعت الدولة إلى خلقه وتكوين شعبها بهذه الطريقة التي أفسدت جيل النفط وما تبعه من أجيال؟ أعتقد أن تحييد الشعب عن مشهد الدولة بشكل عام وإلهائه بعوامل الترف كان خطوة أولى؛ وذلك ما أفسد نوعية المواطن وتحويله من مواطن منتج إلى مواطن مستهلك، أما الخطوة الثانية فهي إلهاء المجتمع ككل في لعبة السياسة غير الحقيقية التي استخدم فيها المتنفذون عناصر الشعب من عوائل وطوائف وقبائل لكي يتصارعوا فيما بينهم تحقيقا لمخططات ماسكي خيوط اللعبة!

لم يكن البلد يواجه مشكلات حقيقية فعلا بسبب الحل السحري لها جميعا (المال!)، ولكن عندما بدأت المشكلات تكبر وقف الدينار حائرا أمامها، فانكشفت عورة الدولة ومن تولوا مناصب قيادية وهم لا يملكون مقومات هذه المناصب، فبدأت تظهر المشكلات التي نعيش نتائجها من جراء قرارات خاطئة أو استشارات المستشارين القادمين من أفشل دول العالم لينقلوا إلينا سوء إدارتهم وفشلهم الذي نعانيه منذ سنوات طويلة! لم تكن فوضى كورونا التي نعيشها وليدة اللحظة! ولم يكن المشهد عبثيا وغبيا في أيامنا هذه، إن الفوضى التي جعلت المواطنين أتباع عوائلهم ونوابهم وقبائلهم وطوائفهم هي فوضى سوء الإدارة التي جعلت الدولة تدار وكأننا في "كرنفال" يريد الجميع أن يلهوا ويضحكوا فيه دون أدنى مسؤولية منهم تجاه أي شيء، لن تكون أزمة كورونا هي الأخيرة؛ لأننا فعليا لا نستطيع أن نواجه أي أزمة مواجهة حقيقية، ولك شاهد في أزمة العجز المالي للدولة، وأزمة الأمطار والمد الأحمر، وإنفلونزا الخنازير وأزمة الشهادات المزورة، وتزوير الجنسية، والبدون، وغير مبيني الجنسية، وأزمة الوظائف، وسوق العمل وأخيرا وليس آخرا كورونا!

خارج النص:

- لا بد لنا أن نبحث عن وطننا بين ركام الإهمال الذي خلفه جيل الاتكالية وجيل التنازل عن الديمقراطية وتسليم البلد إلى حكومات متعاقبة زادت الوضع سوءاً بسبب صراعاتها وسوء إدارتها.

back to top