شوشرة: اتعظوا

نشر في 06-03-2020
آخر تحديث 06-03-2020 | 00:11
 د. مبارك العبدالهادي فيروس لا يُرى بالعين المجردة يقف العالم كله مكتوف الأيدي أمامه دون أن يحرك ساكنا تجاهه، بل أدى إلى انهيار الاقتصاد ودفع المليارات لإيجاد وسيلة لعلاجه أو مكافحته والتصدي لهجماته الشرسة على أجسادنا.

كم ضعيفة هذه البشرية أمام هذا الفيروس! وكم أصبح الجميع في خوف شديد! وكم أصبحت الدول الكبرى صغيرة أمامه! وكم أصبحت الطائرات والصواريخ والقنابل النووية بلا فائدة! حتى أصبح الشك يدب في قلوب الجميع، ولازموا البيوت، فهل اتعظنا؟

طبعًا كعادة بعض البشر فإن الجواب بلاءات لا تتسعها الأرض، فمازالوا يكابرون وينشغلون في تحويل هذا المشهد المأساوي إلى بركان من الإثارة واستعراض البطولات وتبادل الاتهامات، بل هناك من حول الأمر إلى تصفية حسابات، وتناسى أنه لا يزال صغيراً أمام هذا الفيروس الذي لا يرحم من أمامه، لأنه بعطسة قد يغزو ضحايا جدداً رغم مقاومة جهاز المناعة الذي يضعف عند البعض من أول زيارة لكورونا.

هناك من حول الأمر إلى فكاهة لتمرير الموضوع قدر المستطاع رغم الخوف الذي يعشعش فيه، وهناك من حولها إلى تحد وبدأ يتظاهر بعدم الاهتمام، وآخرون أصبحوا يصطادون بالماء العكر لأخطاء الآخرين لأننا ما زلنا نسبح في وحل ومستنقع التفكك والعنصرية والطائفية والأفكار المسمومة والمريضة، في حين هناك من الجنود المجهولين ممن يضحون بحياتهم لإنقاذ الآخرين ومساعدتهم للتماثل للشفاء، بعد أن تركوا بيوتهم وباشروا العمل في مواقعهم دون خوف أو رهبة، وهناك من أعلن تطوعه لتقديم المساعدة في حين ظل بعض المنظرين ممن لا همّ لهم سوى الانتقاد والتحليل وبث الشائعات والضرب بكل ما أوتوا من قوة جميع الطاقات الوطنية العاملة، بل هناك من يبحث عن الوسائل لفرد عضلاته أمام ناخبيه لكسب أكثر عدد من المؤيدين في الانتخابات المقبلة دون أن يضع في حسبانه أنه قد يكون ضحية هذا الفيروس الذي لا يزال سره غامضا.

إننا اليوم أحوج إلى التكاتف والتعاضد والعظة والنظر الى حجمنا أمام هذا الفيروس ولجم الأفواه التي لا تعرف سوى الانتقاد وتشتيت الجهود، ودعم الجنود المجهولين كل في موقعه وعلى رأسهم وزارات الخارجية والصحة والداخلية والإعلام والتجارة والبلدية والتربية والشؤون والخطوط الجوية الكويتية والطيران المدني وغيرها من الأجهزة الحكومية والفرق التطوعية، وإخواننا البدون الذين يثبتون كعادتهم حبهم لهذه الأرض من الأطباء والممرضين الذين أعلنوا منذ اللحظة الأولى تطوعهم، فضلا عن بعض المقيمين الذين أبدوا استعدادهم للمساعدة كل في موقعه.

في الختام شكراً لكل مخلص على هذه الأرض الطيبة، وسحقا لكل من حاول تحويل هذا الفيروس إلى منصة لقصف الآخرين.

back to top