الرأي العام الأميركي لا يتوق إلى الانسحاب من الشرق الأوسط

نشر في 25-02-2020
آخر تحديث 25-02-2020 | 00:00
 ذا هيل يبدو أن عدداً متزايداً من السياسيين في المعسكرَين الجمهوري والديمقراطي بات مقتنعاً بأن المغامرات الأميركية في الشرق الأوسط كانت كارثية، لذا حان الوقت لعودة الجنود الأميركيين إلى ديارهم. وكان الرئيس دونالد ترامب واضحاً للغاية في خطاب حالة الاتحاد الأخير، فأعلن: «نحن نسعى إلى إنهاء الحروب الأميركية في الشرق الأوسط»، حيث تعكس كلماته فحوى خطابه في السنة الماضية، حين قال: «الدول العظيمة لا تخوض حروباً لامتناهية».

لكن وفق استطلاع أجراه «مجلس شيكاغو للشؤون العالمية» في يناير 2020، يبدو أن المرشحين للرئاسة والرئيس ترامب يبالغون في تقدير رغبة الأميركيين في تنفيذ انسحاب كامل من الشرق الأوسط.

مواقف الأميركيين في هذا الإطار واضحة، فقد تساءل الاستطلاع عن أهم منطقة بالنسبة إلى المصالح الأمنية الأميركية، فسمّى 61 في المئة من الأميركيين الشرق الأوسط، بعدما بلغت هذه النسبة 50 في المئة في 2018. لا تقترب أي منطقة أخرى من هذه النتيجة، بما في ذلك أوروبا (15 في المئة)، وآسيا (12 في المئة)، وأميركا اللاتينية (7 في المئة)، وإفريقيا (1 في المئة).

يحتل الصراع الأخير مع إيران أهمية معينة بنظر البعض، لا الجميع، في هذه النتائج، إذ اعتبر أكبر عدد من الأميركيين أن مقتل قاسم سليماني يجعل الولايات المتحدة أقل أماناً (47 في المئة) بدل أن تصبح أكثر أماناً (28 في المئة)، وقد ارتفعت نسبة المقتنعين بأن إيران هي الدولة التي تطرح أكبر تهديد على الولايات المتحدة بثلاثة أضعاف منذ فبراير 2019 (من 10 إلى 34 في المئة). لكن نسبة الأميركيين الذين يعتبرون برنامج إيران النووي تهديداً على الولايات المتحدة بالكاد ارتفعت (61 في المئة مقابل 57 في المئة في 2019)، وقد تراجع عدد القلقين اليوم من النفوذ الإيراني الإقليمي (50 في المئة).

يشعر الرأي العام بالقلق حتماً من الإرهاب في المنطقة، فمنذ 1998، حين بدأ «مجلس شيكاغو» يسأل عن التهديد الذي يطرحه الإرهاب الدولي، احتل هذا الموضوع أعلى المراتب على لائحة التهديدات الخطيرة، فاعتبر 69 في المئة من الأميركيين الإرهاب الدولي تهديداً خطيراً في 2019، بعد المخاوف المرتبطة بالاعتداءات السيبرانية مباشرةً.

لكن عملياً، لا يتوق الأميركيون إلى عودة الجنود بقدر ما يظن الكثيرون، ويعتبر معظمهم أن أمن الولايات المتحدة يتوقف على حماية التفوق العسكري الأميركي (69 في المئة)، والمشاركة في التحالفات العسكرية (74 في المئة)، ونشر الجنود في بلدان حليفة (51 في المئة)، ونظراً إلى تراجع نسبة المقتنعين بأن التدخل العسكري يجعل الولايات المتحدة أكثر أماناً (27 في المئة)، من الواضح أن الأميركيين يعتبرون الوجود العسكري الأميركي في المنطقة طريقة لمنع التهديدات عن طريق الردع بدل القتال، وكذلك يدعم الأميركيون استعمال القوة إذا شعروا بتهديد مباشر على الولايات المتحدة أو حلفائها.

كما تدعم الأغلبيات في المعسكرَين التزام القوات الأميركية بمحاربة الجماعات الإسلامية المتطرفة العنيفة في العراق وسورية (بنسبة 57 في المئة في 2018)، والدفاع عن كوريا الجنوبية ضد غزو كوريا الشمالية (58 في المئة في 2019)، والدفاع عن حلفاء الناتو في البلطيق من الغزو الروسي (54 في المئة في 2019). باختصار، زاد تأييد استعمال القوات العسكرية في سيناريوهات متنوعة خلال السنوات الأخيرة.

صحيح أن الرأي العام الأميركي ينتقد بشدة حربَي العراق وأفغانستان، إذ يظن ثلثا الناس اليوم أن هاتين الحربَين لا تستحقان التكاليف المترتبة على بلدهم، لكن يبدو أن التجارب المرتبطة بهما ليست عاملاً حاسماً لتوجيه قرارات الأميركيين حول ضرورة بقاء الجنود في الشرق الأوسط، ولا تزال الفكرة القائلة إن معظم الأميركيين باتوا مستعدين للرحيل وإرجاع الجنود إلى ديارهم في أقرب فرصة متعنّتة وخاطئة.

*دينا سميلتز وجون كوكسون

back to top