الحقيقة وقرابين الإمبريالية

نشر في 17-01-2020
آخر تحديث 17-01-2020 | 00:02
 ناصر المحياني تتواكب مع كل حدثٍ سياسيٍ ضخم، قنبلة إعلامية مدوية لهذا الحدث، تتباين فيها وجهات النظر المختلفة، ويتبادر إلى الأذهان المتمعّنة في الأوضاع السياسية وتحليلاتها مقولة: "كلما كانت الصورة أبعد كانت الرؤية أشمل وأوضح".

فمنذ انطلاق المؤتمر الإمبراطوري أو ما يسمى مؤتمر "كامبل بنرمان"، المنعقد بمدينة لندن في 15 أبريل 1907 والذي استمرت جلساته حتى 14 مايو 1907 بهدف إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن، ووصولاً إلى ما أشارت إليه نتائج ذلك المؤتمر من توصيات مهمة للغاية، كل ذلك يجري لتحقيق دوافعهم الاقتصادية والدينية والاستكشافية والسياسية والعرقية، حتى تحققت الغالبية العظمى من أحلام القوى الإمبريالية على أرض الواقع.

ولندرك بذلك أن المشهد السياسي يسير وفق نظام دقيق ومحكم الترتيب، حتى إن كان المشهد عدائياً، وأن وجهة النظر فيه تشير إلى أن ما في باطن الأمر ليس إلا اتفاقا مُسبقا لأطراف خلف كواليس المَشاهد الإعلامية، لإتقان الدور على المسرح السياسي.

لذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن "أسطورة الحرب القادمة" التي تُروى عن غول شرق الخليج، ليست في حقيقة الأمر إلا اتفاقا مبرماً لمجموعة القوى التي تحمل النفس الإمبريالي الحديث والمتمثل بتعاون الدول العظمى مع غول تلك الأسطورة المتمدد على شاطئ شرقي الخليج والقادم بلا رحمه، لتكون تلك الرواية أداةً فعالة ومستمرة، لإبقاء أصحاب الذهب الأسود تحت سيطرة القلق والهلع إلى ما لا نهاية.

وهنا تحديداً، وبعد إعادة النظر في الصورة عن بُعد، نجد أن الرؤية قد اتضحت وبشكلٍ دقيق وشامل للمشهد ذاته، لنضرب بالسؤال فوق طاولة الحقيقة: ما القرابين التي تم تقديمها من جميع الأطراف الى مقام فخامة الإمبريالية الحديثة، حتى يتم إتقان الدور في جميع المشاهد السياسية، وضمان تحقيق النجاح التام لتلك الترتيبات المُحكمة؟! وهذا ودمتم بخير.

back to top