شوشرة: عين الأسد... أوسكار

نشر في 17-01-2020
آخر تحديث 17-01-2020 | 00:09
 د. مبارك العبدالهادي بداية مبشرة ومطمئنة في 2020 مع أحداث الفيلم الجديد "عين الأسد" الذي أتوقع أن يحصل على جائزة الأوسكار بعد العمل المشترك بين واشنطن وطهران، خصوصاً أن أحداثه من تأليفهما وإخراجهما، رغم أن سياسة هذين البلدين تعتمد في تعاملها أمام الجمهور على الحقد الدفين بينهما، لكن الواقع أنهما يرتبطان بعقد زواج لا يمكن انفصاله إلا بانتهاء المخرج والمؤلف والممثلين.

فمشاهد هذا الفيلم الذي حصل على أعلى نسبة مشاهدين ومتابعين من شتى أنحاء العالم ستدرس للأطفال عن قدرات الذكاء الخارق، والمصطنع بغطاء شعاره الخدعة والضحك على الذقون، كما هي حال بعض المسلسلات الكرتونية التي تحول بعض نجومها إلى حلم كل طفل أن يصل إلى بطولة هذا المجسم الذي يخرج عبر الشاشة برمزية معينة.

فيلم عين الأسد الذي نافس إبداعات أشقائه الهنود أصبح حاضرًا للجميع رغم بساطة صوره وحقيقة صواريخه التي قصفت مواقع ورقية.

الزعيمان والقياديون في واشنطن وطهران حاولوا إجادة السيناريو في مشاهد تمثيلية مختلفة سواء في التصعيد أو التهديد والوعيد، إلا أن المخرج وجد نفسه في دوامة الخروج عن النص بسبب تراكم الأحداث وتوجه المراقبين حول صناعة هذا العمل المشترك الذي كانت فاتورته إثارة الأوضاع في العراق الذي أصبح في مرمى النيران الصديقة لتحويله إلى كيان منعزل عن العالم، وتبديد كل ثرواته لتتحول بيد زمرة الفساد، في حين يئن الشعب من آهات الفقر والجوع، فضلا عن إدخال المخرج لمشهد هوليودي- فارسي حقيقي ودموي كان ضحيته الطائرة الأوكرانية.

المسلسل الأميركي- الإيراني ما زالت أحداثه مستمرة بسبب المصالح المشتركة، وتتمدد مشاهده خلال تصاعد القضايا الإقليمية وتوتر الأوضاع في بعض البلدان التي أصبحت ضمن قائمة الأطماع الأجنبية والضغط على دول أخرى تحت شعار تأمين حمايتها مقابل مبالغ طائلة لإنقاذ المشردين في شوارع الولايات المتحدة أو لتحويل الشيطان إلى ملاك بأعين المتابعين.

السياسة الطائشة والمتهورة التي تقود العالم من ضياع الى آخر تدفع فاتورته بعض الدول العربية والإسلامية، وتحديدًا الشعوب فيها، أما الزمرة الفاسدة التي تتولى دفة القيادة فيها فهم مجرد أدوات بيد زعماء آخرين وموظفين ينفذون ما يطلب منهم.

بين حين وآخر يبدأ سيناريو جديد من التهويل في العلاقة بين العشيقين لتتحول المنطقة إلى حالة من الاستنفار تتخذ فيه أقصى حالات الطوارئ، وتشتعل النيران في دول الجوار لتعلن واشنطن كعادتها سياسة التصعيد وترد العشيقة طهران بتحذيرات معاكسة، وكأن طبول الحرب قد قرعت، ويخرج بعدها الممثل الكبير الذي يجيد دور السمسار في شفط الثروات لفرض أجندة التسليح وإدخال القوات، والعالم يصمت رغم أن الحقيقة واضحة والأحداث مكشوفة والسيناريو متجدد ببطولات مختلفة.

السيناريو في فيلم عين الأسد سيتحول قريبا إلى مشاهد أخرى، ولكن في مرمى دول أخرى أحداثها ستكون متشابهة لزعزعة أوضاع الشعوب المسالمة في ظل غياب وحدة الكيان العربي والإسلامي، لأنه مازال هناك من يحلم بالسلام العادل وهو يقبع في قصره العاجي ويجلس على كرسيه الفارغ رغم أنه يدار من الخارج.

إن استمرار عقد الاجتماعات الطارئة في الطاولات المستديرة لن يؤتي ثماره، لأن هذه الاجتماعات مجرد استنكارات ومحاولات بائسة تنتهي برسائل الغزل، ولأن السلام لن يتحقق والوحدة العربية والإسلامية لن تتفق إلا بتغيير طاولة الاجتماعات المستديرة التي ملت الشعوب من متابعتها ومن صيغة بياناتها وأحاديث بعض المشاركين فيها.

تحية إجلال واحترام لكل الشعوب الشريفة التي ثارت في وجه الطواغيت ورفضت تمزيق وحدة أراضيها والتدخل الخارجي في الاستيلاء على إدارة شؤونها ونهب ثرواتها.

وفي الختام نطرح هذا السؤال: متى سنصحو من غفلة الصناعة السينمائية، ونرصد واقعنا وأحداثه في عين الحقيقة؟

الإجابة: إذا أصبحت النملة فيلاً والفيل نملة.

back to top