بوتين يختار تكنوقراطياً رئيساً للوزراء

فولكوف: كل الأمور تسير لتمكينه من الحكم مدى الحياة

نشر في 17-01-2020
آخر تحديث 17-01-2020 | 00:03
 ميشوستين متحدثاً في «الدوما» أمس (أ ف ب)
ميشوستين متحدثاً في «الدوما» أمس (أ ف ب)
في خطوة يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرسّخ أقدامه من خلالها، صوب تمكينه من الحكم "مدى الحياة"، وافق الحزب الحاكم "روسيا المتحدة"، أمس بالإجماع، على مرشح بوتين لرئاسة الوزراء والذي كان بمثابة مفاجأة لرجل تكنوقراطي وليس له باع سياسي تقريباً، وهو ميخائيل ميشوستين الذي أعلن أن الحكومة بحاجة لبذل مزيد من الجهود كي يشعر الروس بتحسن حقيقي في حياتهم.

ويأتي وضع ميشوستين في الصدارة في إطار تغييرات شاملة للنظام السياسي أعلنها بوتين أمس الأول، وأدت إلى استقالة رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف وحكومته.

وتعتبر هذه التغييرات على نطاق واسع فرصة لبوتين، الذي يبلغ من العمر حاليا 67 عاما، لإبقاء قبضته على السلطة بعد أن يكون ملزما بموجب الدستور بترك منصبه بعدما شغل منصب الرئيس أو رئيس الوزراء على نحو متواصل منذ 1999.

وصوّت مجلس النواب الروسي (الدوما) على ترشيح ميشوستين، امس، بعد أن ألقى خطابا أمام المجلس.

ويمثل الأمر إجراء شكليا، لأن الدوما يخضع لسيطرة تامة من قوى داعمة لبوتين، ويجب تنفيذه بسرعة في ضوء التغييرات التي أعلنها بوتين في خطابه قبل يوم والتي فاجأت مجمل الطبقة السياسية والإعلام الروسي.

وينظر لهذه التغييرات على أنها تهدف لتمهيد الطريق لعام 2024، موعد نهاية ولاية بوتين الذي لا يحق له إعادة الترشح وفق التشريعات الحالية.

وقال ميشوستين أمام النواب "كما شدد الرئيس مرات عدة، يجب أن يشعر الناس بالفعل بالتغيرات الحقيقية لما هو أفضل، لكن حتى الآن لايزال هذا الأمر بعيدا". وأضاف: "أمام الحكومة مهام كبيرة جدا".

واختار الرئيس الروسي ميشوستين غير المعروف كثيرا، لخلافة رئيس الحكومة مدفيديف الذي سيبقى على رأس "روسيا المتحدة"، في مؤشر على عدم إخراج الرجل الوفي لبوتين من النظام.

وميشوستين (53 عاما) من سكان موسكو، وهو رئيس هيئة الضرائب الاتحادية وحظي بإشادة لتحسينه جمع الضرائب بصورة جذرية.

وأعقب دراسته للهندسة مسار مهني طويل كموظف رفيع المستوى في عدة وكالات حكومية قبل أن يرأس صندوقا استثماريا ثم يكلف عام 2010 بإدارة مصلحة الضرائب التي أدخل عليها تغييرات عميقة.

ويحظى ميشوستين بتقدير بوتين، وهو مولع مثله بهوكي الجليد، كما أنه من دعاة تحديث روسيا وإدخالها العالم الرقمي. وقد أسس الرجل الأصلع ذو الوجه الممتلئ سمعة لنفسه بأنه موظف فعّال.

واتهم منتقدون بوتين منذ وقت طويل بالتخطيط للبقاء في السلطة بصورة ما لممارسة نفوذ على أكبر بلد في العالم بعد التنحي.

وستمنحه التعديلات الدستورية التي حدّدها، وأشار إلى أنه يتعين الاستفتاء عليها، خيار الاضطلاع بدور مطور كرئيس للوزراء بعد 2024 أو القيام بدور جديد كرئيس لمجلس الدولة، وهي هيئة رسمية قال إنه كان مهتما بإنشائها. وقد يصبح رئيسا لبرلمان جديد يتمتع بسلطات فائقة.

وقال السياسي المعارض ليونيد فولكوف، إن بوتين يرسخ أقدامه على ما يبدو.

واعتبر أنه "من الواضح للجميع أن كل الأمور تسير حصرياً صوب تمكين بوتين من الحكم مدى الحياة".

ووصفت صحيفة "كوميرسنت" الاقتصادية اليومية، أمس، تعديلات بوتين بأنها "ثورة يناير".

ولا يعتبر ميشوستن شخصية بارزة، ولا ينظر إليه على أنه لاعب قوي في موسكو، مما يجعل فرص انتقاله إلى منصب سياسي أكبر غير مرجحة.

وقالت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة مركز «بي بوليتيك» الاستشاري للسياسة، الباحثة في مركز كارنيغي في موسكو: «لقد وصل التحول السياسي في روسيا قبل الموعد المحدد. ويحاول بوتين جعل انتقاله أكثر راحة لنفسه، والتخلص من ميدفيديف، الذي كان مصدر إزعاج لكل من النخب والعامة. كان أمرا ضرورياً».

وكان بعض المحللين قد تكهن بأن الزعيم الروسي سيمضي قدماً في عملية اندماج مع بيلاروسيا المجاورة، مما يخلق منصباً جديداً له كرئيس لدولة موحدة جديدة، ويمنحه وسيلة لتجاوز حدود الولاية الرسمية، لكن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو رفض هذا الإجراء، وقاوم ضغط الكرملين.

وهناك خيار آخر لبقاء بوتين في منصبه، وهو زيادة سلطة البرلمان والحكومة وتقليص سلطة الرئيس، ثم الانتقال إلى مقعد رئيس الوزراء، كما فعل مع ميدفيديف كرئيس من عام 2008 إلى عام 2012، ولكن الرئيس الروسي ألمح أيضاً إلى طريق آخر محتمل، إذ اقترح أمس الأول تعزيز دور مجلس الدولة، وهو هيئة حكومية ذات سلطة غير محددة، يمكن استخدامها كوسيلة للزعيم لممارسة سلطة غير رسمية كبيرة بعد تنحيه عن منصبه كرئيس في عام 2024.

وعلق وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة سيرغي لافروف بشأن بقائه أو مغادرته منصبه في الحكومة الجديدة، قائلاً: «سأقوم بواجبي بأمانة وأستمر في أداء عملي حتى النهاية».

وأضاف لافروف: «أولاً، طوال هذه السنوات وبعد التخرج مباشرة لم أحمل بعض المناصب فقط، لقد كنت دائماً أؤدي واجباتي العملية بأمانة ومازلت أقوم بذلك الآن». وطبع لافروف الدبلوماسية الروسية ما بعد الاتحاد السوفياتي به وهو يشغل هذا المنصب منذ 2004.

وأثار مراقبون تساؤلات حول بقاء أو رحيل وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي يعد أحد أقوى المرشحين لخلافة بوتين.

back to top