إيران تفضّ الاحتجاجات بالغاز... وطهران تتحول إلى «ثكنة»

• متظاهرون مزّقوا صور سليماني والشرطة تنفي استخدام الرصاص: تلقينا أوامر بضبط النفس
• الدول الـ 5 التي سقط لها قتلى في «الأوكرانية» تتخذ بعد غدٍ إجراءً قانونياً ضد طهران

نشر في 14-01-2020
آخر تحديث 14-01-2020 | 00:05
تواصلت التظاهرات في إيران، أمس، لليوم الثالث على التوالي، غداة فضّ السلطات تظاهرات كبيرة خرجت في طهران للتنديد بإسقاط «الحرس الثوري» طائرة أوكرانية وتكتّم الحكومة على الكارثة قبل الإقرار بوقوعها عن طريق الخطأ.
غداة تفريق قوات مكافحة الشغب مسيرة احتجاجية ضخمة خرجت في طهران باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، تواصلت التظاهرات، لليوم الثالث على التوالي، في العاصمة طهران وعدة مدن أخرى على خلفية إسقاط «الحرس الثوري» طائرة أوكرانية مدنية وتكتم الحكومة على الحادث قبل الإقرار بوقوعه.

ورغم الانتشار الأمني الكثيف في شوارع طهران الذي رصدته الصور، خصوصا في شارع ولي عصر، ما حوّل العاصمة إلى ثكنة، توافدت جموع من المحتجين، أمس، إلى ساحة آزادي والشوارع الرئيسية المؤدية إليها وسط العاصمة، وهي تردّد شعارات مناهضة لقوى الأمن و«الحرس» والمرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس حسن روحاني.

وأظهرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي خروج المحتجين إلى شوارع طهران وسط غضب عام بشأن كارثة الطائرة التي قتل ركابها الـ176 وأغلبهم من الإيرانيين والكنديين من أصل إيراني.

وبعد تقارير أفادت بأن المواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين تسببت في سقوط جرحى برصاص مطاطي واعتقال البعض، قال قائد شرطة طهران، في بيان أمس، إن «شرطة العاصمة لم تطلق النار على المحتجين، وإن الضباط تلقوا أوامر بضبط النفس». ووصف الوضع في العاصمة بأنه «على ما يرام». وجاء ذلك فيما أظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل وجوداً كثيفاً لشرطة مكافحة الشغب وسط طهران.

وكانت مقاطع فيديو، انتشرت، في وقت متأخر من مساء أمس الأول، أظهرت إطلاق أعيرة نارية في محيط الاحتجاجات، كما أظهرت بركا من الدماء. وعرضت صورا لمصابين يحملهم آخرون.

ولم تقتصر الاحتجاجات الحالية على طهران، بل امتدت إلى أصفهان، حيث خرج الآلاف الى جسر «سي ويه بل» الشهير وفي سنندج وشيراز وأراك ومشهد وتبريز وكرمانشاه وغوهردشت وتميزت بالجرأة في شعاراتها التي طالبت بتنحي المرشد الأعلى علي خامنئي ورفض النظام الإسلامي وهتافات «الموت للدكتاتور» و«الحرس الثوري قتل الشعب» و«سأقتل من قتل أخي».

وكان لافتا تمزيق صور لقاسم سليماني، وكذلك التظاهرات التي خرجت ضد النظام في مدينة مشهد مسقط رأس سليماني.

نفي وانتقاد

في غضون ذلك، جدد المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي نفي أي محاولة لـ «التكتم على قضية» إسقاط الطائرة.

وقال المتحدث: «في هذه الأيام الحزينة، وجهت انتقادات إلى مسؤولي البلاد وسلطاتها. واتهم بعض المسؤولين بالكذب وبمحاولة التكتم على القضية، في حين في الواقع، وبصراحة، لم يحصل ذلك».

وبعد تأييد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاحتجاجات وتحذيره السلطات الإيرانية من قتل المتظاهرين السلميين، انتقد ربيعي تغريدة ترامب التي كتبها بالفارسية تأييدا للمتظاهرين، وقال: «يذرف دموع التماسيح عندما يعبّر عن قلقه على الإيرانيين».

وأضاف أن السفير البريطاني في طهران روب ماكير، تصرف بطريقة «غير مهنية وغير مقبولة بالمرة»، وذلك بعد احتجازه لفترة وجيزة قرب احتجاج في جامعة طهران.

استدعاء وتمسّك

وذكر متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن لندن استدعت السفير الإيراني لإبداء «اعتراضاتها القوية» على احتجاز السفير البريطاني.

وقال المتحدث: «هذا انتهاك غير مقبول لاتفاقية فيينا، ويجب التحقيق في الأمر»، مضيفا «نسعى للحصول على تأكيدات من الحكومة الإيرانية بأن هذا لن يحدث مرة أخرى أبدا».

من جهة ثانية، لفت المتحدث إلى أن «الاتفاق النووي» هو الترتيب الوحيد المتاح حالياً الذي يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.

تأبين وتعهّد

من جانب آخر، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إنه سيسعى لتحقيق «العدالة والمساءلة» عما حدث لضحايا الطائرة الأوكرانية التي أسقطها «الحرس الثوري» بعد إقلاعها بدقائق من طهران وعقب ساعات من قيامه بتوجيه ضربة صاروخية إلى قاعدتين تستخدمها القوات الأميركية في العراق رداً على قتل واشنطن لقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني.

وأضاف ترودو خلال مراسم تأبين أقيمت في مدينة إدمونتون الكندية، موجها كلامه لذوي الضحايا إن المأساة، التي راح ضحيتها 58 كندياً من أصول إيرانية، ووصفت بأنها إحدى الكوارث الكبرى في السنوات الأربعين الماضية بتاريخ البلاد، کان ینبغي «ألا تحدث أبداً». وتعهّد بأن كندا ستواصل العمل، ولن «نهدأ حتی نحصل علی الرد، ولن نتوقف حتى نحصل على العدالة والمساءلة».

تفادي الاستعداء

في السياق، أفاد تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأن أوكرانيا كانت تعلم أن طائرتها أُسقطت بصاروخ إيراني، قبل أن تعترف السلطات الإيرانية، السبت الماضي بعد 3 أيام من الضغوط الدولية.

وأشار التقرير إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حرص على التريث، بعد أن وجد نفسه عالقا بين واشنطن وطهران، وذلك في أعقاب تداعيات قتل طائرة أميركية مسيّرة قائد فيلق القدس ونائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس في بغداد.

وأعلن وزير خارجية أوكرانيا فاديم بريستايكو، أن الدول الـ5 التي قُتل رعايا لها في تحطم الطائرة ستجتمع في لندن بعد غد، لبحث اتخاذ إجراء قانوني للتحقيق في الواقعة ودفع تعويضات. ووصف بريستايكو تصريح إيران بأن الطائرة حلقت قرب موقع عسكري حساس بـ«هراء».

وفي حين أوضح وزير الخارجية الأوكراني أن إيران تعهدت بتسليم الصندوقين الأسودين لكييف، أعلن رئيس مؤسسة الطب الشرعي الإيراني، عباس مسجدي، تحديد هويات 50 من الضحايا.

لا أدلة

على صعيد قريب، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إنه لا يرى أدلة محددة من مسؤولي المخابرات على أن إيران كانت تخطط لمهاجمة أربع سفارات، الأمر الذي أكده ترامب لتبرير قتل سليماني.

قريشي وظريف

ووسط جهود دبلوماسية دولية مكثفة لتفادي اندلاع مواجهة جديدة بين طهران وواشنطن، بحث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الباكستاني شاه محمود قريشي، أمس، في العاصمة طهران، العلاقات الثنائية وتخفيف حدة التوتر في منطقة الخليج.

وفي الليلة الماضية، التقى وزير الخارجية الباكستاني الرئيس روحاني، حيث شدد الأخير على ضرورة أن تعمل دول المنطقة على الحد من التوترات.

ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن روحاني قوله، إن «إيران مهتمة بالعمل عن كثب مع جميع بلدان المنطقة لتخفيف التوترات في المنطقة».

من جانبه، قال قريشي، إن بلاده لن تسمح باستخدام أراضيها لتهديد البلدان الأخرى، وخاصة إيران، معتبراً أن اغتيال سليماني «كان مفاجئاً وغير متوقع».

ولاحقاً، وصل قريشي إلى الرياض للقاء نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في ثاني محطة له خلال جولته التي تشمل واشنطن.

لندن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على توقيف سفيرها بطهران
back to top