عُمان تودع حبيبها

نشر في 14-01-2020
آخر تحديث 14-01-2020 | 00:09
اليوم عُمان تنظر إلى مستقبل واعد، وهي سائرة على خطى الراحل قابوس الذي وضع ثقته بالسلطان هيثم آل سعيد لما عرف عنه من اتزان ورجاحة عقل وسيرة تنوعت بين العمل السياسي والثقافي والتطوعي، فنال ثقة أبناء عمومته من أسرة آل سعيد الكرام، ونال مباركة ومبايعة الشعب العماني الشقيق.
 أ. د. فيصل الشريفي خالص العزاء والمواساة للشعب العماني بوفاة السلطان قابوس مؤسس عُمان الحاضر وراعي نهضتها، سائلين المولى عز وجل أن يتقبل الفقيد برحمته الواسعة، وأن يوفق السلطان هيثم بن طارق آل سعيد لما فيه خير وصلاح شعب السلطنة الشقيق.

ترجل سلطان عُمان بعد مسيرة امتدت إلى نصف قرن حافلة بالعطاء، استطاع من خلالها إدارة دفة الإصلاح على كل الصعد، فحقق النجاحات الواحد تلو الآخر، واضعاً أبناء عُمان وبناتها في قلب الحدث ومحور مشاريع التنمية، فكان له ما أراد، وكانوا عند حسن الظن وسيف التحدي.

عزيزي القارئ الكريم لك أن تتصور وترجع إلى بداية تولي الراحل السلطان قابوس آل سعيد مقاليد الحكم في عام 1970م، ستجد عدد المدارس الحكومية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولتقارنها باليوم الذي انتشرت فيه المدارس والكليات في ربوع السلطنة، وحاملي الشهادات العلمية العليا يقودون برامج التنمية، ويشاركون في رسم السياسات الاقتصادية والبرامج الإصلاحية.

إنجازات كثيرة ومتعددة على المستوى المحلي قادها فارس عُمان الراحل السلطان قابوس، حيث أشرف بنفسه على نجاح المشاركة الشعبية في إدارة شؤون الدولة، ونهض في تنمية الاقتصاد المحلي، معتمداً على تنوع الدخل، فكانت الصناعة والتجارة وصيد السمك والزراعة والسياحة أرقاما مهمة إلى جانب مداخيل النفط.

لقد استطاع الراحل أن يجعل من سياسة عمان الخارجية الرقم الصعب في المعادلات السياسية الإقليمية والعالمية التي سارت على مسافة واحدة من القضايا الخليجية والإقليمية والعربية، فحقق الموازنة الصعبة التي أكسبت عُمان مكانة خاصة ضمن دائرة التفاهمات الدولية، فكان منها، وليس آخرها، الاتفاق النووي الإيراني الأميركي.

الفترة التي تولى فيها السلطان قابوس لم تكن بالسهلة على المستويين الداخلي والخارجي، ولم تكن الصراعات والحروب الطائفية والعنصرية بعيدة عن حدود عمان، لكنه أيضاً نجح في التحدي، حيث جعل من السلطنة مثالاً يضرب فيه المثل للتعايش السلمي بين مكوناته المجتمعية، فكانت الأرض الوحيدة التي لم نسمع أو نرَ من أهلها فعلاً أو كلمة خرجت من قصد أو دون قصد في هذا الاتجاه، فلله دركم أهل عُمان كسبتم محبة قلوب الناس.

القاصي والداني يعرف أن النأي بالنفس هو شعار السلطنة، إلا أن موقفها وموقف سلطان عُمان الراحل قابوس من الكويت عندما استباح المقبور صدام أرضها وقفة البطل العربي الأصيل، فلم تساوم ولم تهادن، فكانت مشاركة السلطنة مشاركة فاعلة على كل المستويات السياسية والعسكرية.

اليوم عُمان تنظر إلى مستقبل واعد، وهي سائرة على خطى الراحل قابوس الذي وضع ثقته بالسلطان هيثم آل سعيد لما عرف عنه من اتزان ورجاحة عقل وسيرة تنوعت بين العمل السياسي والثقافي والتطوعي، فنال ثقة أبناء عمومته من أسرة آل سعيد الكرام، ونال مباركة ومبايعة الشعب العماني الشقيق.

آخر دعوانا للفقيد الرحمة والسلوان، وإلى السلطان هيثم آل سعيد التوفيق والنجاح، وللشعب العماني الخير.

ودمتم سالمين.

back to top