رياح وأوتاد: تعديل قانون المحكمة الدستورية والطعن في الجنسية

نشر في 13-01-2020
آخر تحديث 13-01-2020 | 00:09
 أحمد يعقوب باقر عندما عدل المجلس الماضي قانون المحكمة الدستورية بفتح المجال للطعون المباشرة لم أرحب بهذا التعديل، وحذرت من كثرة الطعون التي قد تكون غير مبررة، ومن غير أساس علمي سليم، كما حذر من هذا التعديل أيضاً مجلس القضاء، خصوصا أن باب الطعن مفتوح لمجلس الأمة أو الحكومة منفردة، وأيضاً لكل من لديهم قضايا منظورة في المحاكم تتعلق بالقانون أو المرسوم المطعون به.

وقد نشرت إحدى الصحف قبل أيام لقاء مطولا مع رئيس المحكمة الدستورية المصرية شكا فيه من كثرة الطعون المعروضة على المحكمة هناك وقال إنها بالمئات.

وقد ذكرني هذا اللقاء بعدد من الطعون الدستورية المباشرة التي قدمت بعد صدور القانون في الكويت وتم رفضها، فقد تم تقديم عدة طعون في قانون الزكاة ورفضت كلها، كما تم الطعن بقانون حصر الجنسية الكويتية بالمسلمين وتم رفضه، وتم الطعن بقانون منع الاختلاط وتم رفضه، وتم الطعن بقانون صرف العلاوة الاجتماعية للأب بحجة عدم المساواة مع المرأة وتم رفضه، حيث تم التأكيد على أن المساواة المنصوص عليها في الدستور ليست مطلقة وليست حسابية، والرفض نفسه كان من نصيب الطعن في قانون الدوائر بحجة عدم المساواة بين الناخبين في كل الدوائر الانتخابية، حيث بيّن الحكم أن الدوائر في الكويت تقسم جغرافياً لا عددياً، وعندما زعم بعض النواب أنهم يمثلون السيادة للأمة رفضت المحكمة هذا الادعاء، وبينت أن الفقرة الثالثة من المادة السادسة من الدستور نصت على أن ممارسة السيادة تكون على الوجه المبين في الدستور بكل أقسامه، كما تم تقديم طعن في ترشح بعض المرشحين للانتخابات بحجة أن جنسيتهم أصلية وليست بالتأسيس وتم رفضه أيضاً.

وقد يقول قائل، ولكن الطعن الذي قدمه د. نواف الياسين تم قبوله ونجح في إلغاء المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، والخاصة بشطب عضوية من حكم عليه بحكم جناية، وجوابي أن ما قام به د. نواف كان من واجب المجلس والحكومة أن يقوما به، لكنهما تخلفا للأسف وقد يكون لتخلفهما أسباب سياسية.

كل هذه القضايا تؤكد ما حذرت منه، ولا شك أن المستقبل سيحمل المزيد منها، فقد نقلت الصحف هذا الأسبوع خبر تقدم مجموعة من المواطنين بالطعن في الجناسي الأصلية التي اكتسبها من ولدوا بعد اكتساب آبائهم الجنسية الكويتية مما يثير المزيد من التخوف.

وهذا التخوف ليس سببه الشك فيما سيوؤل إليه الحكم، لأني أجزم أن الطعن سيرفض إن شاء الله، ولكن سببه هو ما خلفه وسيخلفه هذا الطعن من أوضاع سياسية واجتماعية، وقد تكون طبقية، وما قد يكشف عنه من عنصرية بغيضة تضاف الى ما تعانيه بلادنا من نزاعات وخلافات فئوية وطائفية وقبلية، إذ إن مؤدى هذا الطعن أن يبقى الكويتيون الى الأبد منقسمين الى فئتين، واحدة تدير وتأخذ المناصب وفئة ثانية لا نصيب لها في الإدارة أو المناصب (كما كتب ذلك في الطعن)، أي أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، ولم يكن هذا أبداً هو قصد المشرع الدستوري أو القانوني.

فقد نصت المادة 82 من الدستور أن من شروط الترشح لمجلس الأمة أن تكون الجنسية بصفة أصلية، وفقاً للقانون، ولم تنص هذه المادة على أن تكون الجنسية بالتأسيس، في حين نجد أن كلمة (الأساس) جاءت في المادة الأولى من قانون الجنسية 15 الصادر عام 1959 أي قبل الدستور بثلاث سنوات، وكان بإمكان المشرع الدستوري أن يستخدم هذا اللفظ نفسه لو كان هذا مراده، ويلاحظ أيضاً أن المادة الدستورية نصت على جملة: «وفقاً للقانون» وهو القانون نفسه 15/59 الذي بيّن طرق اكتساب الجنسية، والذي تم تعديله في مجلسنا عام 1994 بحيث يعتبر كويتياً بصفة أصلية كل من ولد لأب كويتي الجنسية.

وقد يكون الاستياء من التجنيس العشوائي والتزوير الذي وقع في عدد لا يستهان به من الجناسي هو الدافع لهذا الطعن، ولكن هذا الأمر يمكن تقويمه بالتحقيق في تلك الجناسي وليس بالطعن الدستوري في جنسية جميع من ولد لأب كويتي بعد اكتساب الأب الجنسية.

والخلاصة نحن في غنى عن طعون كهذه، ويكفي أن نتذكر البلبلة التي رافقت صدور الحكم الابتدائي في قضية الاستبدال للمتقاعدين في التأمينات، حيث انشغل الناس والسلطتان التشريعية والتنفيذية بهذا الحكم إلى أن صدر في الأسبوع الماضي حكم محكمة الاستئناف، وأخشى ألا تزول آثار هذا الطعن حتى بعد رفض المحكمة الدستورية له، والله يستر على هالبلد.

back to top